
الدولار 2
تُعد أسعار الصرف للعملات الأجنبية مقابل الدينار الليبي من العوامل الاقتصادية الأكثر تأثيرًا على حياة المواطنين؛ حيث يعكس تغير سعر الدولار تحديات كبيرة تواجه المجتمع الليبي .
وقد شهدتْ الآونة الأخيرة تقلبات في سعر الدولار، مما أثر بشكل مباشر على القدرة الشرائية للأسر وعلى أسعار السلع الأساسية.
في هذه المتابعة الصحفية سيتم تناول الأبعاد المختلفة لهذا التأثير، من حيث ارتفاع تكاليف المعيشة إلى الضغوط المالية المتزايدة التي يواجهها المواطنون، مستعرضةً الآثار الاجتماعية، والاقتصادية المترتبة، بالإضافة إلى ردود الفعل الحكومية والمجتمعية تجاه هذه التحديات.
سعر الصرف :
د.رشيد علي الميهوب مستشار البناء المؤسسي، والتخطيط الاستراتيجي قال :
زيادة ضريبة على الدولار يمكن أن تؤثر بشكل كبير على معيشة المواطن الليبي من حيث احتمال ارتفاع الأسعار السلع المستوردة، وهذا قد يؤدي إلى زيادة تكلفة المعيشة حيث يعتمد السوق الليبي بشكل كبير على الواردات.
وأكد «الميهوب» : إذا ارتفعت الأسعار ولم تتزامن مع زيادة في المرتبات فإن القدرة الشرائية للمواطنين ستتدهور، مما يؤدي إلى تقليل مستوى المعيشة.
وأضاف : قد تؤدي زيادة الضريبة إلى زيادة التكاليف على الأعمال التجارية، مما قد ينعكس في تقليل الاستثمارات أو حتى تسريح العمال، وأيضاً في ظل زيادة الضرائب، قد يتجه البعض إلى السوق السوداء للحصول على الدولار مما يعقد الأمور الاقتصادية، ويزيد من الفساد. كما من المتوقع أن تزيد الضغوط الاقتصادية الناتجة عن زيادة الأسعار من التوترات الاجتماعية، مما قد يؤدي إلى احتجاجات أو عدم استقرار بسبب الآثار السلبية لسياسة المركزي على معيشة المواطن الليبي، مما يتطلب استجابة حكومية فعالة للتخفيف من هذه الآثار.
أ. زهير ارحومة عضو مجلس بلدية صرمان قال :
عدم استقرار سعر الدولار له آثار سلبية على معيشة المواطن الليبي خاصة من ذوي الدخل المحدود ومن أصحاب المعاشات التضامنية وهم الشريحة الضعيفة فمنهم المعاقون والعجزة وكبار السن، والمرضى الذين يعانون دائماً من سياسة سوء إدارة الأموال الليبية .
وأوضح : أن تغير سعر الصرف يعد عبثًا بمقدرات الشعب الليبي من قبل مسؤولين لا يولون اهتمامًا بالدراسة العلمية، أو البحث العلمي والأخذ بالتوصيات لحل عديد المشكلات الاقتصادية كما أنهم لا يستفيدوا من الدروس السابقة ولم تعالج فوضى الاقتصاد بشكل سليم حتى أصبح أغلب المواطنين لا يثقون في سياسة إدارة المال العام، ومع زيادة شريحة الفقراء في المجتمع يتبين إنهم ليس من اهتماماتهم ما ينتج من القرارات الفجائية وتعاسة المواطنين بسبب عدم ثبات سعر صرف الدولار .
حيث تصدر القرارات من المركزي دون معالجة مصادر هدر أموال الليبيين. أو معاقبة المفسدين الذين استمروا في سياسة النهب والسرقة دون رسم سياسة اقتصادية وتوقع تأثيرها على معيشة المواطنين، فالعديد من القرارات الخاطئة التي لا تكون في صالح المواطن ذي الدخل المحدود الذي بات يحلم أن يعيش بكرامة وأمن في ظل دولة تحميه وتوفر له احتياجاته.
لكن للأسف مسؤولون في أهم قطاع في ليبيا يصدرون قرارات لحل مشكلتهم كعجز في احتياط المركزي وليس حل مشكلة المواطنين في تقوية الدينار وثبات سعر صرف الدولار .
وأكد «رحومة» : إن فوضى القرارات فيما يخص إدارة «أموال الشعب» لا تخدم أصحاب الاعتمادات المحدودين ورؤوس التجار الكبار الذين يهدفون إلى الربح السريع على حساب المواطن المغلوب على أمره، وكذلك القرارات الفجائية لتجار العملات في السوق السوداء أي السوق الموازي؛ حيث يظهر الفساد واضحاً في سوق «المشير» بالمدينة القديمة وفيه تباع صناديق جديدة فيها مبالغ باهظة من العملة لو استمر الفساد المالي هكذا مع انعدام الوطنية ربما تدفع بليبيا إلى الاقتراض من البنك الدولي وهذا ما تسعي آليه الدول الأجنبية الطامعة في نفط الليبيين، وقد يحققون هدفهم بمساعد ضعاف النفوس لنصل إلى سياسة «النفط مقابل الغذاء»، وهذا ما نجحت فيه الدول الأجنبية في «العراق ولبنان»، وغيرهما من الدول التي تعاني من فوضى، وأزمات اقتصادية.
وأشار إلى ضرورة الرجوع إلى المواثيق والمعاهدات الدولية وميثاق الأمم المتحدة الذي جاء فيه عن حق الشعوب في تقرير مصيرها ولا بد من محاربة الفساد المالي وإيجاد حلول لوقف العبث بالمال العام وتطبيق القوانين على تجار العملة في السوق السوداء.
الحاجة كريمة بن يوسف قالت: أثر ارتفاع سعر الدولار في سعر الدواء وعانيت من صعوبة شرائه لعلاج الورم من 3 آلاف إلى 5 آلاف ووزارة الصحة ليس دائمًا توفر فيه؛ بل لا يوجد في صيدليات المراكز الصحية مما أدى ذلك إلى تدهور حالتي الصحية وسببتُ توترًا لبناتي المعلمات، وقد تغيبن عن عملهن لأجل خدمتي بل إحداهن اضطرتْ إلى العمل في صالات الأفراح – تنظف الأواني - لأجل الحصول على المال.
وقال الحاج فتحي الحبيشي :
أثر ارتفاع الدولار على صعوبة توفير الغذاء لعائلتي، فمعاشي التضامن لا يكفي إلا نصف شهر، وباقي الأسابيع اعتمد على مساعدات من الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني .
وقال عبد الرزاق اشروي – تاجر -:
إنّ ديون المواطنين تزداد مع صعوبة دفع الكاش، وأننا نعاني خسارة في رمي السلع المنتهية الصلاحية بسبب قلة الزبائن المعتمدين على المرتبات التي تتأخر دائمًا، والديون تتزايد على المواطنين وأكد أن زيادة الأسعار ليس من تجار القطاعي، فنحن نأخذ من سوق الجملة ونبيع بهامش ربح بسيط.
وأشار إلى وجود تجار أجانب من البلدان العربية يتحكمون في السوق الليبي، وفي الأسعار ولا بد من أن تضع الدولة ضوابط للعمالة الأجنبية، وكذلك تقوية روح الوطنية لدى التجار الليبيين من خلال التوعية في خطب الجمعة وفي البرامج المرائية، وعبر صفحات التواصل الاجتماعي .
من جهته أوضح د. محمد يوسف مستشار ورئيس مؤسسة مجتمع مدني سابقاً:
إن تغير أسعار صرف الدولار له آثار سلبية على مستوى دخل المواطن الليبي، فإذا كان متوسط مستوى دخل الفرد الليبي سنة 1999م «150» دينار ًا يقابله بالدولار «500» دولار شهريًا بمعنى 150÷ 0.30= 500 دولار وقد تم تخفيض قيمه الدينار الليبي أمام العملات الأجنبية وأصبح الدولار 1.20 د.
وأوضح قائلاً بما أن متوسط دخل الفرد الليبي في سنة «150»ديناارًا )150 ÷1.20=125 دولارًا( من هنا نلاحظ الانخفاض الكبير في متوسط دخل الفرد الليبي الناجم عن سياسة تخفيض قيمة الدينار مقابل العملات الأخرى؛ حيث انخفاض متوسط دخل الفرد الليبي من 500 دولار في الشهر إلى 125دولارًا شهريًا هذا الإجراء الأحادي الجانب له تأثير كبير في الحياة العامة للمواطن الليبي مما تسبب في زيادة نسبه الفقر، والبؤس والحرمان من الحقوق الأساسية للإنسان.
وأضاف «يوسف» قائلاً :
دول العالم المتحضّر والمتخلف الغنية، والفقيرة تسعى إلى استغلال مواردها الاستغلال الأمثل وتنوع مصادر الدخل القومي وتحسين المستوى المعيشي للأفراد وخلق النمو والتنمية وتحسين مستوى الخدمات العامة وتوفير بيئة خصبة لبيئة المال والأعمال إلا في ليبيا دائمًا القرارات موجه لتحقيق هدف يخدم جماعات مصلحة معينة، ومرتكز على التخفيض المستمر في قيمة الدينار والدعم والقوى العاملة في القطاع العام دون ذكر الأسباب التي أدت إلى هذه النتائج، فعلى سبيل المثال عند فرض ضرائب على شراء العملة الأجنبية نلاحظ أن متوسط دخل الفرد 700 دينار شهرياً، وكذلك 5.45 سعر الدولار في السوق الأولى أي )700÷3.90 = 179 دولارًا في الشهر(، والثانية بسعر السوق الموازي 700÷5.45= 129 دولارًا في الشهر و هذا بعد فرض ضرائب على شراء الدولار قبل فرض الضرائب 700 ÷1.40 =500 دولار شهري وبالتالي تظهر آثار فرض الضرائب قد سببت انخفاض مستوى دخل الفرد الليبي من 500 دولار شهري وأصبح دخل الفرد 179 دولارًا شهري أما في حساب السوق الموازي أصبح دخل الفرد 129 دولارًا شهري، وهذا يزيد من مشكلات في الاقتصاد الليبي وأهمها بروز مشكلة انخفاض مستوى دخل الفرد، والآن المسؤولون يريدون توحيد سعر الصرف بي 4.50 أو5 د.ل، وإذا تحقق هذا سوف يصبح دخل الفرد في مستوى متدن جدًا للأسف وتزيد من حدة التشوهات في الاقتصاد الليبي.
وفي سياق آخر قال أ. حمدي الهنشيري -تاجر جملة – :
هناك حرب على الاقتصاد الليبي مصدرها السوق الموازي، متسائلاً كيف وصلت صناديق العُملة لتجار سوق المشير بالمدينة القديمة طرابلس في الوقت الذي كانت فيه من المفترض أن توزع على المصارف!!.
وأوضح «الهنشيري» أن معالجة ارتفاع الأسعار مع كل زيادة في سعر صرف الدولار تكون بوضع بدائل اقتصادية تسهم في التخفيف من أثر زيادة ضريبة الدولار على معيشة المواطن الليبي، منها )دعم السلع الأساسية(؛ بحيث يمكن للحكومة تقديم دعم مباشر للسلع الأساسية مثل : الغذاء والدواء، مما يقلل من تأثير ارتفاع الأسعار الناتج عن الضريبة، وتشجيع الإنتاج المحلي من خلال تقديم حوافز للمزارعين، والصناعيين من شأنه أن يسهم في تقليل الاعتماد على الواردات وبالتالي خفض الأسعار.
والعمل على تنويع مصادر الإيرادات الحكومية بدلاً من الاعتماد على ضرائب الدولار، مثل تطوير السياحة، أو الاستثمار في القطاعات الأخرى، وضرورة تخفيض الضرائب الأخرى لتخفيف العبء العام على المواطنين وتحفيز الاقتصاد، وتحسين نظام الحماية الاجتماعية لتقديم مساعدات مالية للأسر الأكثر احتياجًا، مما يساعد على مواجهة آثار السلبية لزيادة الضريبة. والتخطيط السليم في إدارة المال العام من خلال تركيز العمل على استقرار سعر الصرف من خلال سياسات نقدية فعالة يمكن أن يساهم في تقليل تقلبات الأسعار. وبذلك تكون هذه البدائل ناجعة ولأجل تنفيذها يتطلب تنسيقًا جيدًا بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني لتحقيق تأثير إيجابي على المواطنين.
أ. محمد البدوي -معلم - قال :
يمكن للحكومات اتخاذ حزمة من الإجراءات الفعالة للتخفيف من آثار ارتفاع سعر الدولار على أسعار الغذاء، ويتطلب ذلك استجابةً شاملة، ومتكاملة لتعزَّز الاستقرار الاقتصادي، وتضمن توفير الغذاء بأسعار معقولة للمواطنين.
وأوضح : أن الحكومات توجه تحديات كبيرة في مواجهة آثار ارتفاع سعر الدولار على أسعار الغذاء، ويتوجب عليها أن تقوم بعدة استراتيجيات فعالة منها تقديم دعم مباشر كمساعدات مالية للأسر الفقيرة لمساعدتها في مواجهة ارتفاع تكاليف المعيشة، توعية المواطنين باستخدام «البطاقة المصرفية» بدل الأوراق الندية لاستخدامها في شراء المواد الغذائية الأساسية وحاجاتهم الضرورية.مع ضرورة توفير ما يحتاجه جهاز الحرس البلدي من أدوات يستخدمها في مراقبة الأسعار فرض الرقابة المشدَّدة في السوق المحلي، وتنظيم السوق من خلال فرض رقابة على أسعار المواد الغذائية الأساسية لمنع التجار من زيادة الأسعار بشكل غير مبرر، ومراقبة احتكار السلع، واتخاذ حيالها الإجراءات القانونية لضمان توفر السلع بأسعار عادلة، وفي كل المدن الليبية .
وأضاف : لا بد من تعزيز الإنتاج المحلي من خلال تشجيع الزراعة فدعم المشاريع الزراعية المحلية يسهم في التقليل الاعتماد على الواردات وزيادة الإنتاج المحلي، وكذلك من المهم أن يتم توفير حوافز للمزارعين مثل : القروض الميسرة والمواد الزراعية بأسعار منخفضة، إلى جانب تنويع مصادر الاستيراد من خلال البحث عن أسواق جديدة فتوسيع شبكة الموردين والبحث عن دول جديدة لاستيراد المواد الغذائية منها، مما يمكن أن يخفض التكاليف. وشدد «البدوي» على ضرورة تحسين السياسات النقدية في استراتيجية سعر الصرف ويتم العمل على استقرار سعر الصرف من خلال سياسات نقدية فعالة، مما يساعد في تقليل التقلبات.
كما تتم زيادة الشفافية من خلال توفير المعلومات حول أسعار السوق وتكاليف الإنتاج لتعزيز الشفافية والمنافسة العادلة. وأيضًا تكاتف وسائل الإعلام في توعية المستهلكين حول كيفية اختيار السلع والتخطيط المالي، ومن الضروري أن يتم إرشاد وتوجيه المواطنين من خلال برامج مرئية أو مسموعة أو تحقيقات استقصائية في الصحف الرسمية في عدم الإسراف والتدبير والتفكير في الأجيال القادمة أو مواجهة الأزمات والكوارث البيئة من خلال إنشاء مخزونات استراتيجية وتكوين احتياطي غذائي فإنشاء مخزونات استراتيجية من المواد الغذائية الأساسية يساهم في مواجهة الأزمات وتقليل التأثيرات السلبية على الأسعار.
وفي سياق آخر قالت أ. نجوى عبدالوهاب عضو تدريس تخصص اقتصاد لحل مشكلة تغير في سعر صرف الدولار لا بد من وضع حلول لمواجهة ظاهرة السوق السوداء للدولار وأهمها تحسين السياسات النقدية والعمل على تثبيت سعر الصرف الرسمي للدينار الليبي لتقليل الفجوة بين السعر الرسمي والسوق السوداء.
تقديم تسهيلات بزيادة المعروض من الدولار في السوق الرسمي من خلال تقديم تسهيلات للمستوردين والمواطنين. وتقديم معلومات دقيقة حول سعر الصرف وأسعار السلع، مما يعزَّز الثقة في السوق الرسمي، تنفيذ حملات توعية للمواطنين حول مخاطر السوق السوداء، وفوائد التعامل مع السوق الرسمية، مع تطوير النظام المالي من خلال تطوير النظام المصرفي لتسهيل الوصول للعملات الأجنبية وتقديم خدمات أفضل للمواطنين، استخدام المدفوعات الإلكترونية لتقليل الاعتماد على النقد والحد من الأنشطة غير القانونية.
وأكدتْ أن الجهود الحكومية المتكاملة والمستدامة تسهم في الحد من ظاهرة السوق السوداء للدولار، كما شدّدتْ على مكافحة الفساد من خلال تحسين آليات الرقابة على الأنشطة الاقتصادية للقضاء على الفساد والممارسات غير القانونية فرض عقوبات صارمة على الأفراد والشركات المتورطة في السوق السوداء. وكذلك دعم الإنتاج المحلي دعم المشاريع المحلية لتقليل الاعتماد على الواردات وزيادة الإنتاج المحلي من السلع الغذائية توفير حوافز للمستثمرين في القطاعات الإنتاجية لتشجيع النمو الاقتصادي. والعمل مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للحصول على الدعم الفني والمالي في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية.
وختمت المصرف المركزي يلعب دورًا محوريًا في معالجة مشكلة السوق السوداء من خلال تنفيذ سياسات فعالة وزيادة الشفافية وتعزيز النظام المالي. والتعاون مع الجهات الأمنية في مكافحة الفساد وفرض العقوبات الصارمة على الأفراد والشركات المتورطة في أنشطة السوق السوداء، والتركيز على تقديم الدعم للقطاعات الاقتصادية و يتطلب ذلك جهدًا متكاملاً ومستمرًا لضمان استقرار الاقتصاد الليبي وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين.