طيف التوحد .. معاناة الأسرة .. وقصور المجتمع

الوعي المجتمعي محدود والناس المتوحد عنيدا
تعاني كثيرٌ من الأسر من وجود أحد أفرادها مصابًا بمرض «التوحد»، ما يتطلب معاملة، ووضع خاص له يؤثر على الحياة الطبيعية للأسرة بأكملها..
ويُعد «التوحد» من الاضطرابات النمائية التي تؤثر على قدرة الفرد على التواصل والتفاعل الاجتماعي، ورغم التقدم في الدراسات حوله، ما زال يحيطه الكثير من الغموض، وسوء الفهم في مجتمعاتنا..
ومن خلال الدراسات واستطلاعات الرأي حول هذا المرض، ومدى وعي المجتمع به، نستخلص الآتي:
الوعي المجتمعي ما زال محدودًا، والكثير من الناس يظنون أن الطفل المصاب بالتوحد «عنيدًا»، أو «منغلقًا» فقط، بينما الحقيقة أنه يحتاج لفهم خاص، وتأهيل مستمر..
والد طفل مصاب بالتوحد :
رحلة التشخيص كانت صعبة، لكن الأصعب كان التعامل مع نظرة النَّاس، وعدم توفر مراكز مختصة كافية، ابني ذكي، لكنه يحتاج رعاية مهنية مش موجودة في كل مكان..
مواطنة :
صراحة، ما كنت نعرف معلومات كثيرة عن التوحد إلا بعد ما حضرت ندوة في الجامعة، مفروض يكون فيه حملات توعية أكثر، خصوصاً في المدارس..
معلمة :
درّستْ أطفالًا عندهم طيف توحد، وكل واحد منهم كان مختلفًا لما يكون فيه تعاون بين المعلم، الأهل، والأختصاصيين، الطفل يقدر يتطور بشكل كبير..
اختصاصية اجتماعية :
«أكثر المشكلات اللي نواجهها مع «أطفال التوحد» هي التأخر في الكلام وصعوبات التواصل البصري. لما نخدم معهم بجلسات منتظمة، نلاحظ تطورًا ملحوظًا، بس لازم يكون فيه صبر من العائلة..
طالب :
«بصراحة، ما كنا نقرأ على التوحد بشكل كاف في الجامعة. لازم تكون فيه مواد دراسية تجهزنا للتعامل مع حالات التوحد في الفصول الدراسية..
أم لطفلة مصابة بالتوحد :
أنا تعلمتُ كيف نفهم بنتي ونتواصل معاها، لكن المجتمع حولي مازال ما يرحمش، الناس يحكموا بسرعة، ومش ساهل تفسر كل مرة إن سلوك بنتي مش «وقاحة»، بل جزءًا من حالتها..
باحث في علم النفس :
هناك تصورات خاطئة كثيرة حول طيف التوحد، مثل الربط بينه وبين إعاقات ذهنية، أو أن الطفل المصاب ما يقدرش يتعلم. في الواقع، كثير من الأطفال عندهم قدرات خارقة في مجالات معينة، مثل الحساب أو الرسم.
متطوعة في مركز توحد:
أكثر حاجة تعلمتها من الأطفال اللي نشتغل معاهم هي العطاء دون شروط. هم ما يحكوش كثيرًا، لكن تصرفاتهم تقول كل شيء نحتاج فقط نصغي لهم بقلوبنا مش آذاننا.
هناك فجوة كبيرة في الوعي والتشخيص المبكر، إضافة إلى نقص في الكوادر المؤهلة والمراكز المتخصصة.
كما أبدى كثير من الأهالي والمختصين حاجتهم إلى دعم حكومي ومجتمعي أكبر..
وللاهتمام ورعاية مرضى التوحد، يجب العمل على إطلاق حملات وطنية للتوعية بمرض التوحد، وإنشاء مراكز تأهيلية متخصصة في كل مدينة، وتدريب المعلمين على كيفية التعامل مع الأطفال المصابين بالتوحد، وتشجيع دمج الأطفال المصابين بالتوحد في المدارس النظامية بشكل مدروس..
وتجد الأسر التي لديها أطفال ممن لديهم طيف التوحد صعوبة في إيجاد مراكز مخصصة نظرًا لقلتها، فالمراكز العامة محدودة جدًا، كما أن المراكز الخاصة في الغالب تكون مخصصة لذوي الإعاقة عمومًا وليست للتوحد فقط.
يقول مختصون بأن التوعية بالتوحد في ليبيا مازالت ضعيفة جدًا.
مرض التوحد ليس نهاية الطريق، بل هو بداية مختلفة تحتاج للفهم والصبر والدعم، فالمجتمع الواعي هو الذي يفتح ذراعيه لكل أفراده، دون استثناء.