اجتماعي

بين الحاجة والإدمان

فايزة العجيلي

في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬وخصوصاً‭ ‬بين‭ ‬فئة‭ ‬الشباب،‭ ‬أصبح‭ ‬‮«‬الهاتف‭ ‬الذكي‮»‬‭ ‬أشبه‭ ‬بظل‭ ‬الإنسان،‭ ‬لا‭ ‬يفارقه‭ ‬لا‭ ‬في‭ ‬الشارع،‭ ‬ولا‭ ‬في‭ ‬البيت،‭ ‬ولا‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬أوقات‭ ‬النّوم‭.‬

هذه‭ ‬الظاهرة،‭ ‬رغم‭ ‬إنها‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬التطور‭ ‬التكنولوجي،‭ ‬إلا‭ ‬إنها‭ ‬ولّدت‭ ‬مشكلات‭ ‬اجتماعية‭ ‬ونفسية‭ ‬بدت‭ ‬تزداد‭ ‬يومًا‭ ‬بعد‭ ‬يوم‭.‬

الشاب‭ ‬اليوم‭ ‬ممكن‭ ‬يقعد‭ ‬ساعات‭ ‬على‭ ‬التطبيقات،‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬ما‭ ‬يحس‭ ‬بمرور‭ ‬الوقت،‭ ‬ومن‭ ‬غير‭ ‬تواصل‭ ‬حقيقي‭ ‬مع‭ ‬الناس‭ ‬اللي‭ ‬حوله‭.‬

العلاقات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬بدت‭ ‬تضعف،‭ ‬وحتى‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬التركيز‭ ‬والتحصيل‭ ‬العلمي‭ ‬تأثرت‭. ‬بعض‭ ‬الشباب‭ ‬يصلون‭ ‬لمرحلة‭ ‬الإدمان،‭ ‬وين‭ ‬يحسوا‭ ‬بالتوتر‭ ‬والضيق‭ ‬لو‭ ‬الموبايل‭ ‬مش‭ ‬معاهم،‭ ‬أو‭ ‬فصل‭ ‬من‭ ‬البطارية‭.‬

اللوم‭ ‬مش‭ ‬كله‭ ‬على‭ ‬الشباب،‭ ‬المجتمع‭ ‬كله‭ ‬مسؤول‭. ‬من‭ ‬الأهل‭ ‬للمدرسة‭ ‬للإعلام‭. ‬ضروري‭ ‬تكون‭ ‬فيه‭ ‬حملات‭ ‬توعية،‭ ‬وضروري‭ ‬ندعم‭ ‬البدائل‭ ‬الصحية‭: ‬رياضة،‭ ‬أنشطة‭ ‬ثقافية،‭ ‬تواصل‭ ‬اجتماعي‭ ‬حقيقي‭.‬

التكنولوجيا‭ ‬نعمة،‭ ‬لكن‭ ‬لما‭ ‬تتحوَّل‭ ‬لعبء،‭ ‬لازم‭ ‬نوقف‭ ‬ونسأل‭: ‬هل‭ ‬نملك‭ ‬هواتفنا،‭ ‬ولا‭ ‬هي‭ ‬تملكنا؟‭! ‬

الملاحظ‭ ‬اليوم‭ ‬حتى‭ ‬الأطفال،‭ ‬مش‭ ‬بس‭ ‬الشباب،‭ ‬بدؤوا‭ ‬يستخدموا‭ ‬الهواتف‭ ‬ساعات‭ ‬طويلة،‭ ‬وأحياناً‭ ‬في‭ ‬عمر‭ ‬مبكر‭ ‬جداً‭. ‬هذا‭ ‬الشيء‭ ‬يأثر‭ ‬على‭ ‬نموهم‭ ‬العقلي،‭ ‬والاجتماعي،‭ ‬ويخلّيهم‭ ‬يعتمدوا‭ ‬على‭ ‬الأجهزة‭ ‬بدل‭ ‬من‭ ‬تنمية‭ ‬مهاراتهم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬اللعب‭ ‬أو‭ ‬التواصل‭ ‬الواقعي‭.‬

المشكلة‭ ‬ما‭ ‬ليست‭ ‬في‭ ‬الموبايل‭ ‬بروحه،‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬طريقة‭ ‬استخدامه‭. ‬لما‭ ‬يتحوّل‭ ‬من‭ ‬وسيلة‭ ‬للتعلم‭ ‬والتواصل‭ ‬إلى‭ ‬وسيلة‭ ‬للهروب‭ ‬من‭ ‬الواقع،‭ ‬هنا‭ ‬الخطر‭ ‬الحقيقي‭ ‬ناس‭ ‬كثيرة‭ ‬تستخدِم‭ ‬الموبايل‭ ‬باش‭ ‬تنسى‭ ‬همومها،‭ ‬أو‭ ‬تهرب‭ ‬من‭ ‬مشاكلها،‭ ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬الهروب‭ ‬يزيد‭ ‬الوضع‭ ‬تعقيدًا،‭ ‬ويخلق‭ ‬عزلة‭ ‬داخلية‭.‬

الحل‭ ‬مش‭ ‬ساهل،‭ ‬لكنه‭ ‬ممكن‭. ‬يبدأ‭ ‬من‭ ‬وعي‭ ‬الشخص‭ ‬بنفسه،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬دعم‭ ‬المجتمع‭. ‬لازم‭ ‬نعلم‭ ‬أولادنا‭ ‬منذ‭ ‬الصغر‭ ‬أهمية‭ ‬التوازن،‭ ‬ونكون‭ ‬قدوة‭ ‬ليهم‭. ‬لازم‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬أوقات‭ ‬مخصصة‭ ‬دون‭ ‬موبايل،‭ ‬مثلاً‭ ‬وقت‭ ‬الأكل،‭ ‬أو‭ ‬وقت‭ ‬النوم،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬ساعة‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬نخصصها‭ ‬لنشاط‭ ‬بعيد‭ ‬ًا‭ ‬عن‭ ‬الشاشة‭..‬لو‭ ‬كل‭ ‬واحد‭ ‬فينا‭ ‬راجع‭ ‬استخدامه‭ ‬للموبايل،‭ ‬وبدأ‭ ‬بخطوات‭ ‬بسيطة،‭ ‬نقدروا‭ ‬نسيطروا‭ ‬ونعيشوا‭ ‬حياة‭ ‬أكثر‭ ‬توازنًا‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى