ثقافة

فقدان الذاكرة..

‬دنيا‭ ‬البدري‭ ‬

أحيانا‭ ‬تراودني‭ ‬رغبة‭ ‬في‭ ‬فقدان‭ ‬ذاكرتي،‭ ‬مع‭ ‬إعترافي‮ ‬‭ ‬أن‭ ‬ذاكرتي‭ ‬ضعيفة‭ ‬جدًا‭ ‬في‭ ‬الأساس،‭ ‬لا‭ ‬تحتفظ‭ ‬بالأحداث،‭ ‬على‭ ‬العكس‭ ‬هناك‭ ‬تعطش‭ ‬خفي‭ ‬نحو‭ ‬تجربة‭ ‬كل‭ ‬جديد،‭ ‬استبدال‭ ‬ما‭ ‬مضى‭ ‬بما‭ ‬هو‭ ‬آتي‭.. ‬

لكن‭ ‬سؤالي‭ ‬الدائم،

ما‭ ‬الذي‭ ‬سيولده‭ ‬فقدان‭ ‬الذاكرة‮ ‬‭ ‬فيّ‭ ‬كإنسان‭ !‬

بمعنى‭ ‬آخر‭ )‬ماذا‭ ‬يكون‭ ‬الإنسان‭ ‬دون‭ ‬ذكرياته‭!( ‬

أعتقد‭ ‬أن‭ ‬الإنسان‭ ‬يفقد‭ ‬الارتباط‭ ‬العاطفي‭ ‬والحسي‭ ‬و‭ ‬الأحداث‭ ‬المرافقة‮ ‬‭ ‬لهما‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬فقدانه‭ ‬الذاكرة‭ ‬بشكل‭ ‬حقيقي،‭ ‬فخلال‭ ‬متابعتي‭ ‬لأغلب‭ ‬من‭ ‬يفقدون‭ ‬الذاكرة‭ .‬

لاحظت‭ ‬أنهم‮ ‬‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬يفقدون‭ ‬الهوية،‭ ‬أو‭ ‬الذكريات‭ ‬الشخصية،‭ ‬وليس‭ ‬تحصيل‭ ‬الفرد،‭ ‬أو‮ ‬‭ ‬بشكل‭ ‬أدق‭ ‬المعرفة‭ ‬والمهارات‭ ‬المكتسبة‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬العمر‭..‬

وهذا‭ ‬يدفعني‭ ‬للتساؤل‭ ‬أي‭ ‬عبء‭ ‬تشكله‭ ‬الأحداث‭ ‬على‭ ‬الشخص‭ ‬ليختار‭ ‬الدماغ‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الحالات‭ ‬حذفها‭ ‬بالكامل،‭ ‬كما‭ ‬يفعل‭ ‬في‭ ‬فقدان‭ ‬الذاكرة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الصدمة،‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬حد‭ ‬ذاكرة‭ ‬الإنسان‭ ‬تستطيع‭ ‬هدمه‭! ‬

ما‭ ‬مقدار‭ ‬الحرية‭ ‬التي‭ ‬يكتسبها‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬فقدانه‭ ‬الاتصال‭ ‬الحسي‭ ‬بذكرياته؟

في‭ ‬المقابل‭ ‬من‭ ‬يعي‭ ‬تمامًا‭ ‬فقدانه‭ ‬للذاكرة‭ ‬ويتمنى‭ ‬استرجاعها‭ ‬لما‭ !‬؟

هل‭ ‬هي‭ ‬موطن‭ ‬أمن‭ ‬يعود‭ ‬له‭ ‬الإنسان‭ ‬ليستشعر‭ ‬السعادة‭ ‬من‭ ‬خلالها‭!‬؟‭ ‬أو‭ ‬هي‭ ‬جزء‭ ‬مهم‭ ‬من‭ ‬هويته،‭ ‬بفقدانها‭ ‬يفقد‭ ‬الاتصال‭ ‬بأعمق‭ ‬نقطة‭ ‬و‭ ‬الدليل‭ ‬القاطع‭ ‬على‭ ‬كونه‭ ‬عاش‭ ‬الحياة‭!‬

بطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬معنى‭ ‬كافٍ،‭ ‬أو‭ ‬واضح‭ ‬للرابط‭ ‬بين‭ ‬الإنسان‭ ‬والحياة،‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬لحظات‭ ‬الموت‭ ‬ربما‭ ‬الذاكرة‭ ‬هي‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬ينشده‭ ‬الإنسان‭..‬

أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬ليّ،‭ ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬اللاشيء‭ ‬أكثر‭ ‬اتساعًا،‭ ‬و‭ ‬انشراحًا‭ ‬وربما‭ ‬حالة‭ ‬الطمأنينة‭ ‬الوحيدة‭…‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى