ثقافة

دراسات في الطفولة

علي عبدالله

يجيء‭ ‬كتاب‭ ‬‮«‬دراسات‭ ‬في‭ ‬الطفولة‮»‬‭ ‬للأديب‭ ‬الأستاذ‭ ‬يوسف‭ ‬الشريف‭ ‬ليقف‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬كتاباته‭ ‬التي‭ ‬خصصها‭ ‬لموضوع‭ ‬الطفولة‭ ‬الذي‭ ‬تفرغ‭ ‬له‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1975م،‭ ‬‮«‬المختار‭ ‬في‭ ‬اللغة‭ ‬والعلوم‭ / ‬لتلاميذ‭ ‬مرحلة‭ ‬التعليم‭ ‬الأساسي‮»‬‭ ‬و‭ ‬‮«‬المعجم‭ ‬الميسر‭ ‬للأطفال‭ ‬‮»‬،‭ ‬‮«‬الموسوعة‭ ‬العلمية‭ ‬الميسرة‭ ‬للأطفال‮»‬،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬كتاباته‭ ‬القصصية‭ ‬للأطفال‭ ‬‮«‬من‭ ‬حكايات‭ ‬الشعوب‮»‬،‭ (‬نوافذ‭ )‬،‭ (‬طفل‭ ‬يقرأ‭) ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الكتابات‭ ‬الخاصة‭ ‬بالطفل،‭ ‬

‮ ‬في‭ ‬الفصل‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬الجزء‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬كتابه‭ ‬‮«‬دراسات‭ ‬في‭ ‬الطفولة‮»‬‭ ‬يعقد‭ ‬الأديب‭ ‬الأستاذ‭ ‬يوسف‭ ‬الشريف،‭ ‬مقارنة‭ ‬بين‭ ‬الذات‭ ‬والآخر،‭ ‬نحن‭ ‬وهم،‭ ‬نحن‭ ‬العرب‭ ‬الذين‭ ‬لم‭ ‬نحتفظ‭ ‬من‭ ‬تراثنا‭ ‬الثقافي‭ ‬وثرائنا‭ ‬المعرفي‭ ‬إلا‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬سلبي‭ ‬ومثبط‭ ‬ومحبط،‭ ‬وهم‭ ‬الذين‭ ‬قد‭ ‬يكفينا‭ ‬لتفسير‭ ‬ما‭ ‬هم‭ ‬عليه‭ ‬وما‭ ‬حققوه‭ ‬ويحققونه‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬حقول‭ ‬المعرفة‭ ‬والعلم‭ ‬نظرياً‭ ‬وتطبيقياً‭ ‬أن‭ ‬نعزوه‭ ‬إلى‭ ‬تمسكهم‭ ‬بوصية‭ ‬كانط،‭ ‬الذي‭ ‬أوصى‭ ‬في‭ ‬معرض‭ ‬إجابته‭ ‬عن‭ ‬سؤال‭ ‬الأنوار‭ ‬‮«‬تجرّأ‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تعرف،‭ ‬كن‭ ‬جريئاً‭ ‬في‭ ‬استعمال‭ ‬عقلك‭ ‬”‭ ‬أنت‭ ‬”‮»‬‭ ‬تلك‭ ‬الوصية‭ ‬التي‭ ‬أعلن‭ ‬كانط،‭ ‬بجرأة‭ ‬المثقف‭ ‬الناقد‭ ‬الواثق‭ ‬بنفسه‭ ‬وبعقله‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬شعار‭ ‬التنوير‮»‬‭.‬

‮ ‬يقارن‭ ‬يوسف‭ ‬الشريف‭ ‬بيننا‭ ‬وبين‭ ‬الذين‭ ‬جروؤا‭ ‬على‭ ‬استعمال‭ ‬العقل‭ ‬لينجزوا‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬التقدم‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬حقول‭ ‬المعرفة‭ ‬التي‭ ‬ربما‭ ‬كان‭ ‬آخرها‭ ‬وأهمها‭ ‬ثورة‭ ‬المعلومات،‭ ‬ليرانا‭ ‬ويرينا‭ ‬لأنفسنا،‭ ‬في‭ ‬موقع‭ ‬الغافل‭ ‬عما‭ ‬كان‭ ‬أولئك‭ ‬يستعدون‭ ‬به،‭ ‬ويهيئونه‭ ‬من‭ ‬الأسباب‭ ‬المعرفية‭ ‬والتقنية‭ ‬لولوج،‭ ‬بل‭ ‬وإنجاز‭ ‬هذا‭ ‬العصر،‭ ‬الذي‭ ‬تكتمل‭ ‬صورته‭ ‬بوقوفنا‭ ‬على‭ ‬هامشه،‭ ‬واقتصار‭ ‬موقعنا‭ ‬بإزاءه‭ ‬على‭ ‬دور‭ ‬المستهلك‭.‬

‮ ‬ليخلص‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬المقارنة‭ ‬إلى‭ ‬السؤال‭.. ‬أين‭ ‬نحن؟‭.. ‬و‭ ‬أين‭ ‬هم؟‭.‬

‮ ‬وويستأنف‭ ‬النقاش‭ ‬بالقول‭: ‬‭-‬‭ ‬‮«‬السؤال‭ ‬فيه‭ ‬تكرار‭ ‬ممل،‭ ‬ولكن‭ ‬لأن‭ ‬شرط‭ ‬الإجابة‭ ‬عن‭.. ‬أين‭ ‬سنكون؟‭ ‬مرهون‭ ‬بالإجابة‭ ‬عن‭.. ‬أين‭ ‬نحن؟،‭ ‬فلا‭ ‬مفر‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬نعيد‭ ‬السؤال‭ ‬مرة‭ ‬تلو‭ ‬أخرى،‭ ‬وحتى‭ ‬ألف‭ ‬مرة،‭ ‬حتى‭ ‬يقرن‭ ‬القول‭ ‬بالفعل،‭ ‬وهذا‭ ‬لن‭ ‬يتحقق‭ ‬إلّا‭ ‬إذا‭ ‬واجهنا‭ ‬خلفية‭ ‬السؤال‭ ‬التي‭ ‬تقول‭: ‬‭-‬‭ ‬”‭ ‬أنهم‭ ‬لم‭ ‬يحققوا‭ ‬هذه‭ ‬الثورة،‭ ‬إلّا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تحققت‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬الشروط‮…‬‭ ‬‮»‬‭.‬

‮ ‬يعددها‭ ‬الأستاذ‭ ‬الشريف‭ ‬في،‭ ‬أربع‭ ‬نقاط‭.‬

‮ ‬1‭ ‬‭-‬‭ ‬ثورة‭ ‬صناعية‭ ‬بدأت‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬الخامس‭ ‬عشر‭.‬

‮ ‬2‭ ‬‭-‬‭ ‬اختراعات‭ ‬واكتشافات‭ ‬تراكمت‭ ‬عبر‭ ‬السنين‭.‬

‮ ‬3‭ ‬‭-‬‭ ‬فضاء‭ ‬مطلق‭ ‬للعقل‭ ‬أن‭ ‬يفكر‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تعيقه‭ ‬موانع‭ ‬مادية‭ ‬أو‭ ‬معنوية‭.‬

‮ ‬4‭ ‬‭-‬‭ ‬تشجيع‭ ‬البحث‭ ‬والابتكار‭ ‬في‭ ‬كافة‭ ‬المجالات‭ ‬العلمية‭.‬

‮ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬شروط‭ ‬أخرى‭ ‬اقتصادية‭ ‬واجتماعية‭ ‬وسياسية،‭ ‬تكاملت‭ ‬حتى‭ ‬أوصلتهم‭ ‬إلى‭ ‬فضاءات‭ ‬كونية‭ ‬بعيدة‮…‬

‮ ‬ليسأل‭ ‬من‭ ‬ثَمَّ‭: ‬‭-‬‭ (‬ماذا‭ ‬امتلكنا،‭ ‬وماذا‭ ‬نمتلك‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬هذا؟،‭ ‬لذلك‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬الإجابة‭ ‬عن‭ ‬”‭ ‬أين‭ ‬نحن؟‭ ‬”‭.‬

‮ ‬لماذا؟

‮ ‬أولاً‭ / ‬لأن‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬المعلومات،‭ ‬مرهونة‭ ‬بمعدلات‭ ‬النمو‭ ‬بشقيه‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والإقتصادي‭.‬

‮ ‬ثانياً‭ /‬‭ ‬لأن‭ ‬العبرة‭ ‬ليست‭ ‬بتوفر‭ ‬المعلومات،‭ ‬وإنما‭ ‬بتوفر‭ ‬مقومات‭ ‬استثمارها‭.‬

‮ ‬ثالثاً‭ /‬‭ ‬لأن‭ ‬المعلومات‭ ‬ليست‭ ‬ساكنة،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬متفاعلة،‭ ‬متغيرة‭ ‬ومتجددة،‭ ‬مما‭ ‬يفرض‭ ‬الانتباه‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬معلومة‭ ‬اليوم‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬معلومة‭ ‬الغد،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الواقع‭ ‬المادي‭ ‬هو‭ ‬أيضاً‭ ‬متغير،‭ ‬أو‭ ‬هكذا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭.‬

‮ ‬رابعاً‭ /‬‭ ‬لأن‭ ‬المعلومات‭ ‬تسبقها‭ ‬حواجز،‭ ‬تول‭ ‬دون‭ ‬وصولها‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يرغب‭ ‬في‭ ‬الاستفادة‭ ‬منها‭ ‬والتعرف‭ ‬على‭ ‬امكانياتها‮»‬‭.‬

‮ ‬لأهمية‭ ‬هذا‭ ‬الفصل،‭ ‬التي‭ ‬تنبيء‭ ‬عن‭ ‬أهمية‭ ‬كتاب‭ ‬‮«‬دراسات‭ ‬في‭ ‬الطفولة‮»‬‭ ‬كان‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يتضمن‭ ‬هذا‭ ‬المقال،‭ ‬والذي‭ ‬لا‭ ‬أزعم‭ ‬له‭ ‬أنه‭ ‬دراسة‭ ‬تحليلية‭ ‬ولا‭ ‬نقداً‭ ‬لهذه‭ ‬الدراسات،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬عرضاً‭ ‬لها،‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الإستشهادات،‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬ممكناً‭ ‬المرور‭ ‬عليها‭ ‬مروراً‭ ‬عابراً،‭ ‬ولا‭ ‬أمكن‭ ‬تجاوزها‭ ‬باعتبارها‭ ‬مدخلاً‭ ‬تقليدياً‭ ‬مثل‭ ‬أي‭ ‬تقديم‭ ‬لكتاب‭ ‬يخرج‭ ‬قارئه‭ ‬منه‭ ‬ليس‭ ‬كخروج‭ ‬الشعرة‭ ‬من‭ ‬العجين،‭ ‬بل‭ ‬مثخناً‭ ‬بخيبةِ‭ ‬الأمل،‭ ‬

‮ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الفصل‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬الجزء‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الدراسات،‭ ‬يطرح‭ ‬الاستاذ‭ ‬يوسف‭ ‬الشريف‭ ‬السؤال‭ ‬‮«‬أين‭ ‬نحن؟‮»‬‭ ‬وهو‭ ‬سؤال‭ ‬سنستشف،‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬كنّا‭ ‬جادين‭ ‬فعلاً‭ ‬في‭ ‬تعلم‭ ‬شئ‭ ‬ذا‭ ‬جدوى،‭ ‬أنه‭ ‬صيغة‭ ‬من‭ ‬سؤال‭ ‬الهوية‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬دائماً‭ ‬البارق‭ ‬الأول‭ ‬لإنقداح‭ ‬زناد‭ ‬الفكر‭ ‬واضطرام‭ ‬جذوة‭ ‬الوعي‭ ‬بالذات‭ ‬‮«‬الفردية‭ ‬أو‭ ‬الجماعية‮»‬‭ ‬على‭ ‬السواء،‭ ‬والدافع‭ ‬المحفز‭ ‬على‭ ‬تأكيد‭ ‬تلك‭ ‬الذات‭.‬

‮ ‬فيتحدث‭ ‬عن‭ ‬الحالة‭ ‬العلمية‭ ‬والتعليمية‭ ‬الراهنة‭ ‬للطفل‭ ‬العربي،‭ ‬والتي‭ ‬تمثل‭ ‬جداراً‭ ‬يحول‭ ‬دون‭ ‬ما‭ ‬نبتغي‭ ‬لأطفالنا،‭ ‬ليتوقف‭ ‬عند‭ ‬أهم‭ ‬تلك‭ ‬العقبات‭ ‬فيعددها‭ ‬في‭ ‬ثمانِ‭ ‬نقاط،‭ ‬يخلص‭ ‬منها‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬الاقرار،‭ ‬باختلاف‭ ‬أولويات‭ ‬حاجات‭ ‬الطفل‭ ‬العربي‭ ‬وما‭ ‬هو‭ ‬متاح‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬وسائل‭ ‬مواجهة‭ ‬تلك‭ ‬الحاجات،‭ ‬عن‭ ‬حاجات‭ ‬ووسائل‭ ‬الطفل‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬المتقدمة،‭ ‬على‭ ‬ألّا‭ ‬يفهم‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الإقرار‭ ‬أنه‭ ‬دعوة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬نؤجل‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬المنجز‭ ‬العلمي‭ ‬للدول‭ ‬المتقدمة‭ ‬ريثما‭ ‬نقضي‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬اسباب‭ ‬التخلف،‭ ‬فالمغزى‭ ‬أو‭ ‬‮«‬المعنى»بتعبير‭ ‬الاستاذ‭ ‬يوسف‭ ‬الشريف‭ ‬‮«‬أن‭ ‬نواصل‭ ‬وبعقل‭ ‬علمي،‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬مثلث‭ ‬الجهل‭ ‬والفقر‭ ‬والمرض،‭ ‬وأن‭ ‬نتجاوز‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬لحظة‭ ‬الانبهار‭ ‬بما‭ ‬أنجزوه،‭ ‬ونحاول‭ ‬وبعقل‭ ‬علمي‭ ‬أيضاً‭ ‬الاستفادة‭ ‬القصوى‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬المنجز‮»‬

‮ ‬أمّا‭ ‬كيف؟

‮ ‬فذلك‭ ‬سؤال‭ ‬يرى‭ ‬الاستاذ‭ ‬يوسف‭ ‬الشريف،‭ ‬أن‭ ‬الإجابة‭ ‬عنه‭ ‬”‭ ‬وفي‭ ‬وقت‭ ‬واحد‭ ‬”‭ ‬في‭ ‬منتهى‭ ‬الوضوح،‭ ‬وفي‭ ‬منتهى‭ ‬الغموض‭ , ‬حيث‭ ‬يكمن‭ ‬وضوحها‭ ‬في‭ ‬‮«‬استراتيجية‭ ‬للطفولة‮»‬‭.‬

‮ ‬أما‭ ‬مصدر‭ ‬غموض‭ ‬هذه‭ ‬الإجابة‭ ‬فمن‭ ‬‮«‬إنتاج‭ ‬العقلية‭ ‬التي‭ ‬يقع‭ ‬على‭ ‬عاتقها‭ ‬التخطيط‭ ‬لهذه‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬وتطبيقها،‭ ‬وهي‭ ‬عقلية‭ ‬تسترخي‭ ‬على‭ ‬ضفاف‭ ‬الجدل‭ ‬الذي‭ ‬تبدأ‭ ‬به‭ ‬ولا‭ ‬تنتهي‭ ‬منه‮»‬،‭ ‬ومستشهداً‭ ‬على‭ ‬حال‭ ‬هذه‭ ‬العقلية‭ ‬بنوم‭ ‬المشروع‭ ‬العربي‭ ‬للنهوض‭ ‬بالطفولة‭ ‬في‭ ‬أدراج‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية،‭ ‬يعلن‭ ‬الاستاذ‭ ‬الشريف‭ ‬أن‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬نيته‭ ‬ولا‭ ‬في‭ ‬مقدوره‭ ‬أن‭ ‬يزعم‭ ‬امتلاك‭ ‬تصوُّرٍ‭ ‬بديل‭ ‬لهذه‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬فالأزمة‭ ‬ليست‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬كامنة‭ ‬برأيه‭ ‬‮«‬وفي‭ ‬بعدها‭ ‬المطلق‭ ‬‭-‬‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المرض‭ ‬المزمن‭ ‬الذي‭ ‬استوطن‭ ‬عقلية‭ ‬تعشق‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬النتائج‭ ‬وتهرب‭ ‬من‭ ‬الأسباب‮…»‬‭ ‬إذ‭ ‬أننا‭ ‬‮«‬نقول‭ ‬بالمعلوماتية‭ ‬للأطفال،‭ ‬لكن‭: ‬بمن،‭ ‬ولمن،‭ ‬وبماذا،‭ ‬وكيف،‭ ‬وأين؟‮»‬‭.‬

‮ ‬ويواصل‭ ‬الأستاذ‭ ‬يوسف‭ ‬الشريف‭ ‬قراءته‭ ‬بإزاء‭ ‬الاسئلة‭ ‬التي‭ ‬طرحها‭ ‬لتوه‭.‬

‮ ‬بمن؟‭.. ‬حيث‭ ‬يتجسد‭ ‬تخلفنا‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬المعلوماتية‭ ‬في‭ ‬قلة‭ ‬عدد‭ ‬المتخصصين‭ ‬فيها‭.‬

‮ ‬ولمن؟‭.. ‬لطفل‭ ‬المدينة‭ ‬وحده،‭ ‬أم‭ ‬لكل‭ ‬الأطفال‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬قرية‭ ‬نائية؟‭.‬

‮ ‬بماذا؟‭.. ‬ما‭ ‬هي‭ ‬الإمكانات‭ ‬العلمية‭ ‬المتاحة‭ ‬لتنفيذ‭ ‬هذا‭ ‬المشروع؟‭.‬

‮ ‬كيف؟‭.. ‬ماهي‭ ‬الآلية‭ ‬المتاحة‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬بها‭ ‬توفير‭ ‬المعلوماتية؟‭.‬

‮ ‬أين؟‭.. ‬هل‭ ‬نحيل‭ ‬كل‭ ‬مدرسة‭ ‬وكل‭ ‬مرفق‭ ‬تعليمي‭ ‬إلى‭ ‬فضاءٍ‭ ‬معلوماتي،‭ ‬وهل‭ ‬نجعل‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المعلوماتية‭ ‬جزءاً‭ ‬من‭ ‬المقرر‭ ‬التعليمي‭ ‬وبصفة‭ ‬دائمة؟‭..‬

‮ ‬وبملاحظته‭ ‬حول‭ ‬ما‭ ‬يقرره‭ ‬الكاتب‭ ‬السوري‭ ‬محمد‭ ‬قرانيا‭ ‬المتخصص‭ ‬في‭ ‬الكتابة‭ ‬للأطفال،‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬”‭ ‬من‭ ‬المدرسة‭ ‬تبدأ‭ ‬الطفولة‭ ‬مسيرتها‭ ‬العلمية‭ ‬”‭ ‬التي‭ ‬يلفت‭ ‬فيها‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬القول‭ ‬مع‭ ‬صحته،‭ ‬قدر‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬تجاهل‭ ‬الواقع،‭ ‬ومذكراً‭ ‬بما‭ ‬أشار‭ ‬إليه‭ ‬في‭ ‬ثنايا‭ ‬النقاش‭ ‬ملامح‭ ‬ذلك‭ ‬الواقع،‭ ‬كمثل‭ ‬المسافة‭ ‬الحضارية‭ ‬بين‭ ‬القرية‭ ‬والمدينة،‭ ‬وما‭ ‬يترتب‭ ‬عنها‭ ‬من‭ ‬فارق‭ ‬في‭ ‬الامكانيات‭ ‬التي‭ ‬يحصل‭ ‬عليها‭ ‬الطفل‭ ‬في‭ ‬المدينة‭ ‬ولا‭ ‬يحظى‭ ‬بها‭ ‬طفل‭ ‬القرية،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬أطفال‭ ‬المجموعات‭ ‬المتنقلة‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬النائية،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬تفشي‭ ‬الأمية‭ ‬بين‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬أطفال‭ ‬القرى‭ ‬والبوادي،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬توقفنا‭ ‬عليه‭ ‬الارقام،‭ ‬في‭ ‬صيغ‭ ‬تدني‭ ‬نسب‭ ‬مستخدمي‭ ‬الانترنت‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬بمقابل‭ ‬ارتفاع‭ ‬نسب‭ ‬الأمية‭ ‬فيه،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يعني،‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬يرى‭ ‬الاستاذ‭ ‬يوسف‭ ‬الشريف‭ (‬أن‭ ‬المستهدف‭ ‬لن‭ ‬يحقق‭ ‬ما‭ ‬نطمح‭ ‬إليه،‭ ‬ويستتبع‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬المكان‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ ‬فيه،‭ ‬يصعب‭ ‬تحديد‭ ‬مساحته‭ ‬الحضارية،‭ ‬إلّا‭ ‬بشرط‭ ‬واحد،‭ ‬هو‭ ‬الأخذ‭ ‬بخطة‭ ‬استراتيجية‭ ‬تنفّذ‭ ‬عبر‭ ‬ثلاثة‭ ‬مسارات‭. ‬

‮ ‬المسار‭ ‬الأول‭ /‬

‮ ‬سد‭ ‬الحاجات‭ ‬الحيوية‭ ‬المباشرة‭ ‬للطفل‭.‬

‮ ‬المسار‭ ‬الثاني‭ /‬

‮ ‬بالرغم‭ ‬مما‭ ‬تنص‭ ‬عليه‭ ‬القوانين‭ ‬من‭ ‬إلزامية‭ ‬التعليم‭ ‬الاساسي‭ ‬ومجانيته،‭ ‬فإن‭ ‬الواقع‭ ‬يقارع‭ ‬تلك‭ ‬القوانين،‭ ‬ويفقدها‭ ‬نجاعتها‭ ‬وجدواها‭ ‬بمعطيات‭ ‬تناقضها،‭ ‬

‮ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬يطرح‭ ‬الاستاذ‭ ‬الشريف‭ ‬خطوات‭ ‬يرى‭ ‬ضرورة‭ ‬اتخاذها‭ ‬لمعالجة‭ ‬الأمر،‭ ‬منها‭.‬

‮ ‬ا‭ ‬‭-‬‭ ‬تطبيق‭ ‬الزامية‭ ‬التعليم‭ ‬ومعاقبة‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يمتنع‭ ‬عن‭ ‬ارسال‭ ‬اطفاله‭ ‬إلى‭ ‬المدارس‭.‬

‮ ‬ب‭ ‬‭-‬‭ ‬منع‭ ‬استغلال‭ ‬الاطفال‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬وهم‭ ‬دون‭ ‬سن‭ ‬الرشد‭.‬

‮ ‬ج‭ ‬‭-‬‭ ‬توفير‭ ‬العدد‭ ‬الكافي‭ ‬من‭ ‬المدارس‭ ‬لاستيعاب‭ ‬اعداد‭ ‬الاطفال‭ ‬المتزايدة

‮ ‬د‭ ‬‭-‬‭ ‬استخدام‭ ‬التقنيات‭ ‬الحديثة‭ ‬والملائمة،‭ ‬لإيصال‭ ‬خدمات‭ ‬الاتصالات‭ ‬والمعلومات‭ ‬الى‭ ‬المناطق‭ ‬النائية‭.‬

‮ ‬المسار‭ ‬الثالث‭ /‬

‮ ‬وفيه‭ ‬يؤكد‭ ‬الاستاذ‭ ‬يوسف‭ ‬الشريف‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الطفولة‭ ‬تبدأ‭ ‬مسيرتها‭ ‬العلمية‭ ‬من‭ ‬المدرسة،‭ ‬مضيفاً،‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬يعني‭ ‬‮«‬أن‭ ‬تتحول‭ ‬المدرسة‭ ‬إلى‭ ‬فضاء‭ ‬علمي‭ ‬رحب‭ ‬وبلا‭ ‬حدود‭ ‬بأوضح‭ ‬ما‭ ‬يكون،‭ ‬وبأيسر‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬‮»‬‭.‬

‮ ‬ويواصل‭ (‬إن‭ ‬المسار‭ ‬الثالث‭ ‬كما‭ ‬أراه‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يمر‭ ‬عبر‭ ‬الشروط‭ ‬الآتية‮…‬

‮ ‬ا‭ ‬‭-‬‭ ‬استخدام‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مراحل‭ ‬التعليم‭ ‬الأساسي‭.‬

‮ ‬ب‭ ‬‭-‬‭ ‬تأهيل‭ ‬معلمين‭ ‬متخصصين‭ ‬في‭ ‬المعلوماتية‭.‬

‮ ‬ج‭ ‬‭-‬‭ ‬الإكثار‭ ‬من‭ ‬مراكز‭ ‬الانترنت‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬والمكتبات‭ ‬والنوادي‭.‬

‮ ‬د‭ ‬‭-‬‭ ‬إدخال‭ ‬المعلوماتية‭ ‬في‭ ‬المناهج‭ ‬الدراسية‭.‬

‮ ‬ه‭ ‬‭-‬‭ ‬توفير‭ ‬المعامل‭ ‬العلمية‭ ‬حسب‭ ‬المراحل‭ ‬الدراسية‭.‬

‮ ‬و‭ ‬‭-‬‭ ‬تطوير‭ ‬مناهج‭ ‬التدريس‭ ‬وتجديدها،‭ ‬بما‭ ‬يتلاءم‭ ‬وتطور‭ ‬العلم‭ ‬وتقدمه‭.‬

‮ ‬ز‭ ‬‭-‬‭ ‬اللغة‭ ‬الانجليزية‭ ‬صارت‭ ‬هي‭ ‬اللغة‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬الانترنت،‭ ‬لذلك‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬يتعلمها‭ ‬الطفل‭ ‬من‭ ‬بداية‭ ‬دخوله‭ ‬إلى‭ ‬المدرسة‭.‬

‮ ‬ح‭ ‬‭-‬‭ ‬تدريب‭ ‬الأطفال‭ ‬على‭ ‬استعمال‭ ‬الكمبيوتر‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى