في المجتمع الليبي، تتردّد عبارة: )ما نفضحوش رواحنا( أكثر من أي وصفة علاج حقيقية لمشكلات البيوت تُقال حين تتعرَّض الزوجة للعنف، حين يُظلم الطفل، أو حين ينكسر أحد أفراد العائلة داخليًا، ومع ذلك يُطلب منه الصمت فقط لأنّ )الناس ما يلزمهاش تعرف(.
الستر .. في جوهره، قيمة عظيمة، تحفظ الكرامة وتجنّب التشهير والفضائح. لكنه تحوّل، للأسف، في بيوت كثيرة إلى قيد يكبّل الضحية، ويُجمّل الظالم، ويُبقي الوجعُ مستمرًا خلف الأبواب المغلقة.
فكم من زوجة تتلقى الإهانات والضرب، لكنها تُجبر على السكوت حتى لا )تشمت فينا العايلة( !!.
وكم من طفل يتعرض للإهمال أو القسوة، أو التحرّش، لكن يُطلب منه أن «ينسى» حتى لا يُقال إن بيته مفكك أو فاسد ..!!
الصمت لا يعالج، بل يؤجل الانفجار.
الوجع حين يُكبت، يتحول إلى كره، وإلى مشكلات نفسية، وإلى سلوكيات مدمّرة.
وحين يصبح الخوف من كلام النَّاس أهم من سلامة أفراد البيت… فهنا تبدأ الكارثة.
المجتمعات لا تتقدّم وهي تلبس أقنعة، والبيوت لا تصمد وهي تخفي الألم باسم «الستر» .
الفرق واضح بين الستر الذي يحمي، والصمت الذي يُخفي الجريمة.
فالستر لا يعني أن تظل الزوجة سجينة، أو الطفل ضحية، أو المراهق غارقًا في الاكتئاب دون أن يجد من يُنصت إليه.
النجاة الحقيقية تبدأ من لحظة شجاعة، نقول فيها : هذا خطأ… ويجب إصلاحه.
فلنكفّ عن تربية أبنائنا على الصمت والخوف، ولنربّيهم على المواجهة بالحكمة، والحديث بالحُجة، والحب والعدل .