
على مدى ثلاثة أيام متواصلة جرى حواري مع الفنان التشكيلي الكبير علي العباني، حوار في أوقات مختلفة من الليل، والنهار، أحيانًا في الفجر وأنا أجهز الفطور، وأحيانًا في المساء صحبة قهوتي، وفي كل وقت تتحوَّل فيه الدقائق والساعات إلى متعة روحية خالصة من محاورة قامة كبيرة.
في البداية بعثتُ أسئلة الحوار دفعة واحدة إلى الأستاذ الفنان علي العباني، ثم ارتأينا أن يكون حوارًا حيّا عبر «الماسنجر»، على هيئة مكاتبة مباشرة، ومن بداية السؤال الأول دخل العباني في حالة من شعرية اللون، وهو يبدأ كلامه بـ«محاطًا»ببعض لوحات )بعضها قديم نسبيًا، وبعضها رسمتْ خلال فترات متباعدة كلما حَللتُ في السنوات الأخيرة بجزيرة مالطة ذات الطقس المتوسطي الشبيه بطقس طرابلس وذات نفس الضوء بكل أطيافه وظلال(.
ليستطرد متحدثًا عن تفاصيل المكان، والزمان، وأخذنا الحوار عاليًا، وهو في الحقيقة من أجمل الحوارات التي أجريتها خلال عملي بالصحافة الثقافية، وتجلى العباني وحلق آخذًا بالحوار إلى أزمنة وأمكنة وذاكرة وأشخاص، بلغة شعرية منسابة وسلسة متنقلاً بين الحاضر والماضي.
حوار فيه اللون والشعر والموسيقى وعناصر الطبيعة فيه الريح والهواء والتراب والرائحة، وأخذتْ الذاكرة أيضًا حيزًا كبيرًا من الحديث، من ناحيتي تركتُ أسئلتي الأولى، وصارتْ الأسئلة الجديدة تتوالد من داخل هذا الحديث بعفوية جميلة وآسرة.
العباني .. شخصية عظيمة تتفرد بالشفافية التي تتولد حتمًا من خلال التعاطي الطويل مع اللون ومن شعرية الروح، وكان من حسن حظي إجراء هذا الحوار مع شخصية معاصرة كبيرة نعرف مكانها العظيم في المشهد التشكيلي، عبر لوحات ذات اتجاه متفرد، ولمسة فنية شديدة الخصوصية بالفنان علي العباني الذي به سيبدأ ملحق )بيت الكتابة( الثقافي في توجهه الجديد؛ حيث سيعنى بمجموعة من الشخصيات المؤثرة في المشهد الثقافي، وفن التشكيل في ليبيا، في بادرة للاهتمام بمبدعينا وكإشارة امتنان وعرفان لدورهم المهم في مسيرة الثقافة الليبية .
إذا بالعباني ننطلق في هذه المسيرة التي تحاول انصاف وتكريم كل مستحق، ولنعبّر عن امتناننا لوجودهم في حياتنا وعرفانًا بما قدموه من إبداع.
نبدأ مع العباني، ونحن نغرق في بحر من التلاوين الشفيفة، لوحات لطالما آسرتنا بتنوعها الغزير وبلمستها الأبدية في التشكيل الليبي.
بالعدد شهادات وكلمات مهمة من مجموعة من المثقفين والفنانين التشكيلين، ويتفرد العماري بسرد جميل عن العباني، أيضًا هناك معرض لأجمل لوحات العباني.
ختامـــًا .. ممتنون لكَ صديقنا وأستاذنا الكبير هذا حوار مع النجوم ومع الخلود الفني العظيم.