تنفيذ مبادرة الحوكمة العالمية.. والعمل على بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية
بقلم "ليو جيان" القائم بأعمال سفارة الصين لدى ليبيا

تشهد الأوضاع الدولية في الوقت الراهن تغيرات واضطرابات متشابكة، حيث تتعرض الأمم المتحدة وتعددية الأطراف لصدمات، مع زيادة عجز الحوكمة العالمية باستمرار. في ظل هذه الظروف، أصبح “ما هي منظومة الحوكمة العالمية التي سنبنيها، وكيفية إصلاح وتحسين الحوكمة العالمية” قضية رئيسية تحظى باهتمام بالغ من المجتمع الدولي.
طرح الرئيس الصيني شي جينبينغ مؤخرا مبادرة الحوكمة العالمية التي وفرت الإجابة على سبل التعامل مع صعوبات تواجهها جميع دول العالم اليوم، بما يقدم حلا صينياً وحكمة صينية للمساهمة في حماية النظام الدولي ومعالجة التحديات العصرية، وحظيت هذه المبادرة بترحيب ودعم واسع النطاق لدى المجتمع الدولي.
تتضمن مبادرة الحوكمة العالمية 5 محاور رئيسية:
أولا، الالتزام بالمساواة في السيادة. من الضروري احترام سيادة وكرامة كافة الدول بغض النظر عن حجمها أو قوتها أو ثروتها، وعدم السماح بالتدخل في شؤونها الداخلية، وضمان حقها في اختيار النظم الاجتماعية والطرق التنموية بإرادتها المستقلة، وحقها في المشاركة المتساوية في الشؤون الدولية.
ثانيا، الالتزام بسيادة القانون الدولي
لا بد من الحفاظ بثبات على مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة باعتبارها القواعد الأساسية المعترف بها التي تحكم العلاقات الدولية.
وينبغي التطبيق المتساوي والموحد للقانون الدولي والقواعد الدولية، ولا يجوز اللجوء إلى المعايير المزدوجة أو فرض الإرادة على الآخرين.
ثالثا، تطبيق تعددية الأطراف
ينبغي الالتزام بمبدأ التشاور والتعاون والنفع للجميع، المتمثل في تشاور الجميع حول الشؤون العالمية ومشاركة الجميع في بناء منظومة الحوكمة وتقاسم الجميع نتائج الحوكمة، بدلا من أحادية الجانب.
إن الأمم المتحدة كمنصة جوهرية لتطبيق تعددية الأطراف وتدعيم الحوكمة العالمية، يجب تعزيز دورها بدلا من إضعافه.
رابعا، الدعوة إلى وضع الشعب في المقام الأول
إن شعوب دول العالم هي من يشارك في الحوكمة العالمية ويستفيد منها بشكل أساسي.
ينبغي استكمال الحوكمة العالمية لتعزيز شعور شعوب دول العالم بالإنجاز والأمن والسعادة.
خامسا، التركيز على العمل
إن نجاعة الحوكمة العالمية مرهونة بقدرتها على معالجة الملفات الواقعية
وينبغي معالجة الأعراض والأسباب الجذرية على حد سواء لإيجاد حلول مستدامة.
كما ينبغي معالجة القضايا الملحة الحالية، مع أخذ التحديات طويلة الأمد في عين الاعتبار على حد سواء.
تجيب مبادرة الحوكمة العالمية بشكل منهجي على سؤال “من يحوكم، كيف يحوكم ولصالح من يحوكم” بشأن الحوكمة العالمية، وينبع مفهومها الجوهري من المقاصد والمبادئ لميثاق الأمم المتحدة.
إن إصلاح واستكمال الحوكمة العالمية لا يعني إسقاط النظام الدولي القائم أبدا، ولا إنشاء نظام جديد خارج النظام الدولي القائم، بل يهدف إلى تعزيز كفاءة وفعالية المنظومة الدولية والآليات الدولية القائمة، ويمكنها من التكيف مع الظروف المتغيرة بصورة أفضل، ومواجهة مختلف التحديات العالمية على نحو سريع وفعال، وخدمة مصالح جميع الدول خاصة الدول النامية بشكل أفضل.
تعد مبادرة الحوكمة العالمية مبادرة هامة أخرى طرحتها الصين بعد مبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمي ومبادرة الحضارة العالمية.
تركز مبادرة التنمية العالمية على تعزيز التعاون الإنمائي الدولي، وتهدف مبادرة الأمن العالمي إلى حل النزاعات الدولية عبر الحوار والتشاور، وتعمل مبادرة الحضارة العالمية على تعزيز التبادل والاستفادة المتبادلة بين الحضارات، وتستهدف مبادرة الحوكمة العالمية تحديد الاتجاه والمبادئ والمسار لإصلاح منظومة الحوكمة العالمية وآلياتها.
لكل من هذه المبادرات الأربع أولوياتها وسيتم تنفيذها بالتوازي، بما يضخ المزيد من الطاقة الإيجابية للعالم المتغير والمضطرب من جوانب مختلفة، ويقدم قوة دافعة أقوى لتطور البشرية وتقدمها.
تضرب جذور الصداقة الصينية الليبية في عمق التاريخ، ويلتزم الجانبان بمبادئ الاحترام المتبادل والمساواة والمنفعة المتبادلة، وتمت إقامة الشراكة الاستراتيجية بين البلدين. تعمل كل من الصين وليبيا بحزم على صيانة استقلال الوطن ووحدته وسلامة أراضيه ورفض التدخل الخارجي، ودعم بكل ثبات الدفاع عن العدالة والإنصاف الدوليين.
ويحافظ الجانبان على التنسيق والتعاون المتميزين في المحافل الدولية وفي مقدمتها الأمم المتحدة، ويسعيان بجدية إلى دفع تطور النظام الدولي في اتجاه أكثر عدلاً ومنطقيا.
تستعد الصين للعمل سويا مع ليبيا لاستكشاف سبل استكمال الحوكمة العالمية، ومواجهة التحديات العالمية بشكل مشترك، والمضي قدما باستمرار نحو الهدف السامي المتمثل في بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية.