
لئن لم تُؤدِ المكالمة الهاتفية التي تلقيتها في الساعات الأخيرة من ظهر الخميس حول ما تعتزم بعض الدوائر القيام به تجاه تخصيص يوم للرواية قد يكون موافقًا للثاني عشر من أكتوبر القادم، دورها في إثارة اهتمامي خاصةً وأنها محالة من أحد أبرز الناشطين الإداريين الذين عرفتهم في اللجان الثقافية شبه الرسمية فيما وجدتُ المسؤول أحد أبناء واحدة من الأُسَرِ التي عرفتُ الكثير عن دورها وارتبطتُ مع بعضهم بعلاقات وثيقة قامتْ على التعاون المثمر والموقف الجامع طوال خمسينيات القرن الماضي وما سبقها في دولة الاستقلال من عنيف الصراعات وقوى التحالفات، مما قفز إلى الذاكرة وأنا أتحدث على الهاتف في لهجة قد لا يُقرُّها الاتصال الأول وبالذات حين لا يوضع في الاعتبار اختلاف المواقع والطموحات ودواعي التنازلات، ولما كان شريك الحوار من بين المنتسبين لعالم الكتابة ومن مدخلها السياسي كما أشار وفي معرض تقديره للكتابة الأدبية التي كثيراً ما صُنِّفْتُ عليها باعتبارها النَّوع الذي كثيراً ما غلّبناه عند تحرك قطار النشر الصحفي في الخمسينيات عندما كانت السلطة لا ترحب كثيراً بالكتابة السياسية اللهم إلا إذا جاءت تأييداً شديد الوضوح لمن بيدهم الحكم إدارةً وسياسةً وتحركاً بالداخل والخارج على السواء، فكان في تمسكهم بأن يلتزم كل من عُرِفوا بالأدباء بالكتابة المنشورة في الصحف والمجلات بالتعبير الأدبي شعراً وقصةً ومسرحاً ومقاربات تتعلق بها مجتمعة، فَدُعيَ القائمون بها بالنُّقَّاد ولا سيما في سبعينيات القرن الماضي بعد أن تأسس لمن يخوضون في هذا النوع من التعبير، تنظيم نقابي أُطلِقَ عليه بدايةً اتحاد ولاحقاً رابطة أُنيط بها التواصل مع النظائر العربية التي كثيراً ما نظمت المؤتمرات والمهرجانات استضيف في البلاد أحياناً وتم الاشتراك فيها بواسطة موفدين كثيراً ما تولت الجهات المشرفة إيفادهم أحياناً بالتشاور وأحياناً أخرى بالتكليف.
إنه الموضوع الذي ظل قائماً إلى أن حل الانقسام الذي طالما عمد الكثير ممن يحترمون أنفسهم إلى عدم الاكتراث بما جرى من سلبييه على الثقافة والمثقفين خاصة بعد أن وجد كل ذي نصِّ محترمٍ ورؤيةٍ لم تؤثر عليها محاولات التدجين المخجل والتربّح الذي يأنف عنه كل ذي رؤية مكتملة وثقة غير خافية، في النفس والأهلية والتي من تأثيرها مجتمعة عدم اكتراثي بما رآه البعض اهتماماً بفن الرواية والروائيين اعتماداً على الاهتمام العربي. لم أجد الوقت المناسب لأعيد الاتصال مع من تكرم وتحدث إليَ بما أنس الأهمية للأشخاص والجدوى للموضوع متوسماً ما يعلق عليها من أمل بشأن الرواية والروائيين الذين رؤيَ اختيار يوم من أيام السنة لتتاح الفرصة لأصحاب الاختصاص في هذا الفن أن يقترحوا ما يرون بخصوصه وأسباب ازدهاره والذي لم أشارك من أمّلوا فيه ما يفيد الثقافة والمثقفين، غير أنني رأيت ألا مهرب من المراجعة والتوضيح من أن الثقافة شأنٌ وطنيٌ عامٌ والرواية جنسٌ من أجناس التعبير الدال على ما تحقق في متنها من علامات الإجادة، ولما كانت هذه الإجادة جزء من نشاطٍ وطنيٍ عامٍ، فلا بد أن يسعها ما يسع غيرها من علامات الحياة، وما دامت هذه العلامات ليست على ما يرام، فليس أمام الرواية والروائيين سوى أن يكونوا على ذات الحال، وقديماً قيل كيفما تكونوا يُولَّى عليكم، وبالجملة فإن ما يشغلنا أكبر من الرواية.