مستشفى بني وليد العام …نقطة مضيئة في زمن العتمة
علي الورفليفي المدن يعاني القطاع الصحي العام وفي الخاص تصدمك الفاتورة

منذ اللحظة الأولى لدخول مستشفى بني وليد شعرنا بأننا في مكان مختلف.
النظافة تملأ أروقة المكان، النظام واضح، والوجوه باسمة رغم الإرهاق.
الفرق الطبية والتمريضية تعمل في صمت، كأنهم خلية نحل، لا تعرف الكسل أو التراخي.
الاحترام هو اللغة السائدة بين الجميع: المريض، المرافق، الطبيب، والعامل البسيط.
إدارة حاضرة لا تكتفي بالمكاتب
ما يلفت النظر في مستشفى بني وليد هو حضور الإدارة الفعّال والميداني.
مدير المستشفى لا يكتفي بالجلوس خلف مكتبه أو إصدار التعليمات من بعيد، بل يتجول بنفسه بين الأقسام، يطمئن على سير العمل، ويتابع كل صغيرة وكبيرة من الخدمات الطبية إلى النظافة.
ذلك الحضور لا يمنح فقط الثقة للعاملين، بل يرسل أيضًا رسالة قوية للمريض أن هناك من يهتم ويشرف ويتابع.
غرفة العمليات.. عطاء لا يتوقف
تعمل غرفة العمليات بالمستشفى كخلية نحل حقيقية.
منذ ساعات الصباح الأولى وحتى بعد منتصف الليل، لا تهدأ الحركة فيها.
الأطباء والممرضون يواصلون العمل بإخلاص وتفانٍ نادر، لا يشكون تعبًا ولا يتذمرون من ضغط العمل، بل تراهم وكأنهم يعيشون رسالة إنسانية مقدسة.
رعاية متكاملة بلا أعباء مالية
ما يميز المستشفى أكثر هو أنه لا يُرهق المريض بطلبات متكررة لجلب الأدوية أو المستلزمات.
كل شيء متوفر داخل المستشفى، والمريض ومرافقه ليسا مطالبين بإحضار أي شيء.
وهذه ميزة نفتقدها في كثير من المستشفيات العامة، حيث يُترك المريض وأهله يركضون بين الصيدليات، بحثًا عن إبرة أو شاش أو دواء بسيط.
تجربة مؤلمة مع مستشفيات العاصمة
قبل الوصول إلى بني وليد، كانت الرحلة قاسية.
في مستشفيات العاصمة العامة، تصدمك الفوضى منذ لحظة دخولك:
طبيب غير متواجد، ممرضة غير مؤهلة حتى لسحب الدم تصرخ في وجه المريض وتطالبه أن “يرخي نفسه” حتى تجد الوريد.
المشهد مؤلم، لا يليق بإنسان، ولا يمكن وصفه إلا بأنه إهانة في حق المريض وذويه.
أما المصحات الخاصة، فقصتها مختلفة ولكن لا تقل مرارة.
الاستقبال أنيق، الكلام ناعم، لكن ما إن تُعرض الفاتورة المبدئية حتى تشعر أنك أمام صفقة تجارية لا علاقة لها بالطب أو الإنسانية.
عشرات الآلاف من الدنانير تُطلب مقابل أبسط عملية، وإن تجرأت وقلت للطبيب إنك لا تملك المبلغ، انقلبت ملامحه وتغيّر صوته، وكأنك ارتكبت جريمة في حقه أو أهدرت وقته الثمين.
الخلاصة: بين الإحباط والأمل
في زمن طغت فيه الماديات على القيم، يظل مستشفى بني وليد شاهدًا على أن الخدمة العامة يمكن أن تكون إنسانية، وأن الإخلاص في العمل لا يحتاج إلى تجهيزات خرافية أو تمويل ضخم، بل إلى ضمير حي وشعور بالمسؤولية.
في المدن يعاني القطاع الصحي العام
وفي الخاص تصدمك الفاتورة