
يواجه الدينار الليبي تحديات جمة نتيجة لعدة عوامل مثل اعتماده الكبير على الإيرادات النفطية المقومة بالعملات الأجنبية
وجود سوق مواز للعملة . الانقسام السياسي والمؤسسي الضغوط على الاحتياطيات الأجنبية.
في في هذا السياق يلعب مصرف ليبيا المركزي دورا جوهريا من حيث إدارة السياسة النقدية وتنظيم سعر الصرف والحفاظ على الاستقرار النقدي.
يستعرض هذا المقال الآليات القانونية والاقتصادية التي يمكن أن يعتمدها المصرف أو يعززها لحماية الدينار في ظل الواقع اليبي المعقد .
التحديات الراهنة التي تواجه الدينار الليبي تبرز في انخفاض الإيرادات من العملة الصعبة نتيجة تقلبات أسعار النفط وتراجعها مما يؤدي الي فجوة بين العرض والطلب للعملة الصعبة.
أيضا وجود السوق المواز للعملات الأجنبية..مما يسبب ضغطا أكبر على الدينار.
كما أن ضعف التنسيق المؤسسي والميزاتيات المزدوجة والانفاق غير المنضبط بين حكومتين مايؤدي الي تضخم في المعروض النقدي وطلب أكبر.
ولا يغيب عن المشهد اهتزاز الثقة في النظام المصرفي والمالي مما يعزز الهروب الي العملات الأجنبية كملاذ أمن.
..الآليات القانونية والاقتصادية المقترحة لحماية الدينار الليبي ..
في ضؤ التحديات يمكن تبني أو تعزيز مجموعة من الآليات التي تسهم في حماية الدينار الليبي أمام العملات الأجنبية منها :
-سياسات شفافة لسعر الصرف:
تخفيض الفجوة بين السعر الرسمي وسعر السوق المواز عبر بيع العملة الأجنبية بأسعار منافسة للمؤسسات المرخصة..وقد أعلن المصرف المركزي عن تخطيطه لذلك .
..إصدار قرارات واضحة بشأن سعر الصرف ووحدته مثل قرارات تخفيض قيمة الدينار الي وحدات حقوق السحب الخاصة«SDR»
والتي أقرها المصرف المركزي.
…ضمان تفعيل الرقابة على تداول العملات الأجنبية وإشراف قوي على الجهات المخولة بالبيع والشراء .
- إدارة الاحتياطيات والعملات الأجنبية:
…دعم الاحتياطيات الأجنبية للدولة لتغطية الطلب على العملات الأجنبية..الأمر الذي يمنح مصداقية للدينار..مثلا تعزيز التعاون بين المصرف المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط..بهدف زيادة إنتاج النفط لزيادة الإيرادات بالعملات الأجنبية.
…تنظيم استخدام العملات الأجنبية من خلال آليات الاعتمادات المستندية وتقليص التدفقات غير النظامية للعملات الأجنبية.
- ضبط المعروض النقدي والانفاق العام .
الحد من من تمويل العجز المالي من خلال إصدار نقود جديدة أو تضخم في المعروض النقدي.
…تفعيل الرقابة المؤسسية والمحاسبة على إهدار المال العام وتوحيد الميزانيات وربطها بسياسات النقد ودعوة البعثة الاممية للدعم في ليبيا الي المساهمة في ذلك .
- تعزيز الثقة في النظام المصرفي.
تعزيز استقلالية مصرف ليبيا المركزي وممارساته الرقابية للابتعاد عن التأثيرات السياسية..رفع كفائة النظام المصرفي وتنفيذ سياسة نقدية فعالة وضمان شفافية أكبر في التعاملات المالية .
- مكافحة السوق الموازية والأنشطة غير القانونية:
تطوير وتفعيل قوانين وتشريعات مكافحة التهريب والمضاربة في العملة الوطنية والقضاء على الأنشطة غير المشروعة التي تضعف الدينار.
…تنظيم رؤوس الأموال والتحويلات والتعاملات بالعملات الأجنبية وتطبيق العقوبات عند الانتهاك .
رؤية مستقبلية:
رغم وجود الآليات المذكورة فإن نجاحها يعتمد بشكل كبير على الوضع السياسي والاستقرار المؤسسي..والمهم جدا …الحالة الأمنية ..إذ لا يمكن لسياسة نقدية إن تعمل وسط فراغ سياسي
يجب الربط بين الإصلاحات النقدية والسياسات الاقتصادية الأشمل «تنويع الإقتصاد..تعليم …بنية تحتية» لتقليل الاعتماد على النفط كمصدر للدخل .
…التواصل مع المجتمع والمستتمرين المحليين والدوليين والعمل على استقرار سعر الصرف وتوقعات التضخم باعتبارهما عاملين رئيسين في قرارات الادخار والاستثمار .
خاتمة
أن حماية الدينار الليبي أمام العملات الأجنبية ليست مسألة تقنية بحتة أو تتعلق فقط بالمصرف المركزي ..بل هي مسألة وطنية شاملة تتداخل فيها السياسات النقدية والاقتصادية ودور المؤسسات والاستقرار السياسي والأمني والمصداقية الدولية من خلال تبني وتنفيذ الآليات القانونية والاقتصادية أعلاه مع ضمان بيئة مؤسسية مستقرة وشفافة تمكن المصرف المركزي ان يعزز مكانة الدينار ويسهم في استقرار الاقتصاد الوطني على المدى المتوسط والبعيد .
قائمة المراجع :
- صندوق النقد الدولي « 2025 ». ليبيا: مشاورات المادة الرابعة لعام 2025 …تقرير الخبراء .
- ليبيا اوبزرفر. « يونيو 2025». محافظ مصرف ليبيا المركزي يتعهد باستخدام جميع الموار لاستقرار سعر صرف الدولار.
- ليبيا هيرالد . « أبريل 2025» . الحل للازمة الاقتصادية الليبية لايكمن في تخفيض قيمة الدينار بل من خلال الإصلاحات الاقتصادية.
- رويترز . « 6 أبريل 2025» . ليبيا تخفض قيمة عملتها لأول مرة منذ اربع سنوات.
- البنك الدولي – مدونات. « 2020» . دعم تطوير القطاع المالي في ليبيا على أمل أن يلي السلام .



