الرئيسية

الكتاب المسرحي .. عناوين وأسماء .. مراحل وأزمات

عبدالسلام الفقهي

يسرد‭ ‬الكاتب‭ ‬المسرحي‭ ‬البوصيري‭ ‬عبدالله‭ ‬في‭ ‬كتيبه‭ ‬المحتفى‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬النسخة‭ ‬الثالثة‭ ‬عشر‭ ‬للمهرجان‭ ‬الوطني‭ ‬للفنون‭ ‬المسرحية‭ , ‬جانبا‭ ‬من‭ ‬مسيرة‭ ‬الكتاب‭ ‬المسرحي‭ ‬ورواده‭ ‬مشيرا‭ ‬إلي‭ ‬أن‭ ‬فضل‭ ‬تأسيس‭ ‬مشروع‭ ‬الكتاب‭ ‬المسرحي‭ ‬يرجع‭ ‬إلي‭ ‬الكاتب‭ ‬الراحل‭ ‬عبدالله‭ ‬القويري‭ ‬الذي‭ ‬تجاسر‭ ‬وطبع‭ ‬علي‭ ‬نفقته‭ ‬الخاصة‭ ‬باكورة‭ ‬انتاجه‭ ‬وهو‭ ‬مسرحية‭ ‬‮«‬عمر‭ ‬المختار‭ ‬‮»‬‭ ‬سنة‭ ‬1959‭.‬

ويضيف‭ ‬البوصيري‭ ‬أن‭ ‬المسرحية‭ ‬لاقت‭ ‬قبولا‭ ‬حيث‭ ‬تناولها‭ ‬الشاعر‭ ‬علي‭ ‬الرقيعي‭ ‬بالنقد‭ ‬في‭ ‬مقالة‭ ‬مطولة‭ ‬نشرت‭ ‬في‭ ‬جريدة‭ ‬طرابلس‭ ‬الغرب‭ ‬كما‭ ‬تناولها‭ ‬بالنقد‭ ‬الكاتب‭ ‬السوداني‭ ‬جيلي‭ ‬عبدالرحمن‭ ‬في‭ ‬جريدة‭ ‬المساء‭ ‬القاهرية‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬الفترة‭ , ‬وخاض‭ ‬الناقد‭ ‬كامل‭ ‬عراب‭ ‬حولها‭ ‬أكبر‭ ‬معاركه‭ ‬الأدبية‭ ‬التي‭ ‬نشرت‭ ‬تفاصيلها‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬‮«‬معارك‭ ‬الأمس‮»‬‭.‬

و‭ ‬أوضح‭ ‬البوصيري‭ ‬في‭ ‬ورقته‭ ‬أن‭ ‬القويري‭ ‬واصل‭ ‬مسيرته‭ ‬كفارس‭ ‬وحيد‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬نشر‭ ‬الكتاب‭ ‬المسرحي‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬تأليفه‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬يكتب‭ ‬مسرحياته‭ ‬وينشرها‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬الرواد‭ ‬ثم‭ ‬يقوم‭ ‬بجمعها‭ ‬في‭ ‬كتاب‭ , ‬وظل‭ ‬القويري‭ ‬علي‭ ‬هذه‭ ‬الوتيرة‭ ‬مدة‭ ‬تربو‭ ‬علي‭ ‬ستة‭ ‬أعوام‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬ينافسه‭ ‬أحد‭ ‬حتي‭ ‬جاءت‭ ‬سنة‭ ‬1966ليواصل‭ ‬المسيرة‭ ‬الكاتب‭ ‬عبدالحميد‭ ‬المجراب‭ ‬الذي‭ ‬أخذ‭ ‬جمع‭ ‬مسرحياته‭ ‬المنشورة‭ ‬في‭ ‬الصحف‭ ‬المحلية‭ ‬وينشرها‭ ‬في‭ ‬دار‭ ‬الفرجاني‭ ‬التي‭ ‬أصدرتها‭ ‬في‭ ‬كتاب‭ ‬صغير‭ ‬الحجم‭ ‬يضم‭ ‬عشر‭ ‬مسرحيات‭ ‬نشرت‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬‮«‬بلادك‭ ‬يا‭ ‬صالح‭ ‬‮»‬‭.‬

وأشار‭ ‬البوصيري‭ ‬أن‭ ‬فترة‭ ‬الستينيات‭ ‬شهدت‭ ‬تنوعا‭ ‬وتباين‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬الكتاب‭ ‬المسحي‭ ‬فكما‭ ‬شهدت‭ ‬مسرحيات‭ ‬القويري‭ ‬الطويلة‭ ‬شهدت‭ ‬أيضا‭ ‬مسرحياته‭ ‬القصيرة‭ ‬التي‭ ‬ضمتها‭ ‬مجموعته‭ ‬‮«‬‭ ‬الشعاع‭ ‬‮»‬‭ ‬ثم‭ ‬شهدت‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬مسرحيات‭ ‬عبدالحميد‭ ‬المجراب‭ ‬القصيرة‭ .‬

ينتقل‭ ‬البوصيري‭ ‬في‭ ‬ورقته‭ ‬إلي‭ ‬مرحلة‭ ‬أخري‭ ‬وهي‭ ‬صدور‭ ‬مسرحيتين‭ ‬مترجمتين‭ ‬الأولي‭ ‬من‭ ‬ترجمة‭ ‬الكاتب‭ ‬خليفة‭ ‬التليسي‭ ‬نشرتها‭ ‬اللجنة‭ ‬العليا‭ ‬للفنون‭ ‬والآداب‭ ‬والثانية‭ ‬من‭ ‬ترجمة‭ ‬الدكتور‭ ‬علي‭ ‬فهمي‭ ‬خشيم‭ ‬ونشر‭ ‬مكتبة‭ ‬دار‭ ‬الفكر‭ ‬ثم‭ ‬كانت‭ ‬النقلة‭ ‬النوعية‭ ‬الثالثة‭ ‬بصدور‭ ‬كتاب‭ ‬يحمل‭ ‬مسرحيتين‭ ‬شعريتين‭ ‬نشرتهما‭ ‬مكتبة‭ ‬الأندلس‭ ‬ببنغازي‭ ‬من‭ ‬تأليف‭ ‬الشاعر‭ ‬عبد‭ ‬ربه‭ ‬الغناي‭ , ‬وهنا‭ ‬بلغ‭ ‬عدد‭ ‬الكتب‭ ‬المسرحية‭ ‬المطبوعة‭ ‬مع‭ ‬نهاية‭ ‬الستينيات‭ ‬سبعة‭ ‬كتب‭ ‬تضم‭ ‬بين‭ ‬دفيتيها‭ ‬21‭ ‬مسرحية‭ , ‬منها‭ ‬ثلاث‭ ‬مسرحيات‭ ‬طويلة‭ ‬وأربعة‭ ‬عشر‭ ‬مسرحية‭ ‬قصيرة‭ ‬ومسرحيتين‭ ‬مترجمتين‭ ‬ومسرحيتين‭ ‬شعريتين‭ .‬

منعطف‭ ‬السبعينيات‭ ‬وما‭ ‬بعده

تحدث‭ ‬البوصيري‭ ‬في‭ ‬ورقته‭ ‬عن‭ ‬منعطف‭ ‬شهده‭ ‬المسرح‭ ‬الوطني‭ ‬وهو‭ ‬إصدار‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬القرارات‭ ‬نهاية‭ ‬1969‭ ‬لصالح‭ ‬الحركة‭ ‬الثقافية‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬مثل‭ ‬قرار‭ ‬تأسيس‭ ‬اتحاد‭ ‬الكتاب‭ ‬ورابطة‭ ‬الفنانين‭ ‬والهيئة‭ ‬العامة‭ ‬للمسرح‭ ‬والموسيقي‭ ‬والفنون‭ ‬الشعبية‭ , ‬كذلك‭ ‬تأسيس‭ ‬الشركة‭ ‬العامة‭ ‬للخيالة‭ , ‬أيضا‭ ‬شهدت‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬تحمل‭ ‬كتاب‭ ‬المسرح‭ ‬مسؤولية‭ ‬نشر‭ ‬مؤلفاتهم‭ ‬علي‭ ‬نفقتهم‭ ‬الخاصة‭ , ‬وكانوا‭ ‬قد‭ ‬اختاروا‭ ‬مطابع‭ ‬القاهرة‭ ‬وبيروت‭ ‬لتنفيذ‭ ‬فكرتهم‭ ‬الجريئة‭ , ‬ما‭ ‬يدل‭ ‬ربما‭ ‬علي‭ ‬ارتفاع‭ ‬سعر‭ ‬الطباعة‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬أو‭ ‬علي‭ ‬تدني‭ ‬مستواها‭ .‬

وما‭ ‬ميز‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬تعدد‭ ‬دور‭ ‬النشر‭ ‬حيث‭ ‬تأسست‭ ‬الشركة‭ ‬العامة‭ ‬للنشر‭ ‬والتوزيع‭ ‬والاعلان‭ ‬والدار‭ ‬العربية‭ ‬للكتاب‭ ,‬كذلك‭ ‬دار‭ ‬الكتاب‭ ‬العربي‭ ‬لمؤسسها‭ ‬مصطفي‭ ‬المجعوك‭ , ‬وبذا‭ ‬فالمعطيات‭ ‬المذكورة‭ ‬عملت‭ ‬جميعها‭ ‬لصالح‭ ‬الكتاب‭ ‬المسرحي‭ ‬وهيأت‭ ‬له‭ ‬سبل‭ ‬الوصول‭ ‬إلي‭ ‬المتلقي‭ , ‬فكانت‭ ‬حصيلة‭ ‬ما‭ ‬نشر‭ ‬خلال‭ ‬أعوام‭ ‬العقد‭ ‬الثامن‭ ‬تسعة‭ ‬عشر‭ ‬كتابا‭ ‬مسرحيا‭ ‬ضمت‭ ‬اكثر‭ ‬من‭ ‬عشرين‭ ‬مسرحية‭ , ‬كما‭ ‬شهد‭ ‬هذا‭ ‬العقد‭ ‬نقلة‭ ‬نوعية‭ ‬تمثلت‭ ‬في‭ ‬صدور‭ ‬أول‭ ‬كتاب‭ ‬عن‭ ‬تاريخ‭ ‬المسرح‭ ‬الليبي‭ ‬لمؤلفه‭ ‬المهدي‭ ‬أبو‭ ‬قرين‭ ‬وأربعة‭ ‬أخري‭ ‬تبحث‭ ‬في‭ ‬الثقافة‭ ‬المسرحية‭ ‬أحدهما‭ ‬من‭ ‬تأليف‭ ‬عبدالحميد‭ ‬المجراب‭ ‬واخر‭ ‬من‭ ‬تأليف‭ ‬عبدالله‭ ‬هويدي‭ , ‬وكتابان‭ ‬من‭ ‬تأليف‭ ‬البوصيري‭ ‬عبدالله‭ .‬

ومن‭ ‬ذلك‭ ‬يصل‭ ‬البوصيري‭ ‬إلي‭ ‬نتيجة‭ ‬مفادها‭ ‬أن‭ ‬فترة‭ ‬الثمانينات‭ ‬شهدت‭ ‬حيوية‭ ‬في‭ ‬مسألة‭ ‬نشر‭ ‬الكتاب‭ ‬المسرحي‭ ‬حيث‭ ‬صدرت‭ ‬26كتابا‭ ‬شملت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬خمسين‭ ‬مسرحية‭ ‬وهو‭ ‬رقم‭ ‬قياسي‭ ‬مقارنة‭ ‬بالعقود‭ ‬السابقة‭ , ‬وقد‭ ‬نهضت‭ ‬المنشأة‭ ‬العامة‭ ‬للنشر‭ ‬والتوزيع‭ ‬والاعلان‭ ‬بنشر‭ ‬ما‭ ‬نسبته‭ ‬99‭% ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الكتب‭ , ‬ويرجع‭ ‬ذلك‭ ‬إلي‭ ‬تبني‭ ‬الدار‭ ‬فكرة‭ ‬إصدار‭ ‬سلسلة‭ ‬كتاب‭(‬الشعب‭ )‬وسلسلة‭ (‬كتابات‭ ‬جديدة‭ ), ‬وكان‭ ‬للمسرح‭ ‬نصيب‭ ‬جيد‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الإصدارات‭ , ‬ثم‭ ‬جاءت‭ ‬خطوة‭ ‬أكثر‭ ‬فاعلية‭ ‬علي‭ ‬صعيد‭ ‬نشر‭ ‬الكتاب‭ ‬المسرحي‭ ‬وهو‭ ‬تأسيس‭ ‬سلسلة‭ ‬خاصة‭ ‬بالمسرح‭ ‬حملت‭ ‬عنوان‭ (‬سلسلة‭ ‬الكتاب‭ ‬المسرحي‭ ) ‬تصدر‭ ‬كل‭ ‬شهرين‭ , ‬ويرجع‭ ‬سبب‭ ‬ظهورها‭ ‬مبادرة‭ ‬من‭ ‬الناقد‭ ‬الراحل‭ ‬سليمان‭ ‬كشلاف‭ .‬

الحصار‭ ‬وتراجع‭ ‬حركة‭ ‬النشر

شهدت‭ ‬الحالة‭ ‬الثقافية‭ ‬علي‭ ‬خلفية‭ ‬الصدام‭ ‬و‭ ‬التوتر‭ ‬الليبي‭ ‬الامريكي‭ ‬مع‭ ‬منتصف‭ ‬الثمانيات‭ ‬كما‭ ‬يصف‭ ‬البوصيري‭ ‬ومع‭ ‬تصاعد‭ ‬حدة‭ ‬الخلاف‭ ‬ووصوله‭ ‬إلي‭ ‬الذروة‭ ‬في‭ ‬فرض‭ ‬حصار‭ ‬اقتصادي‭ ‬من‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ , ‬الذي‭ ‬ألقي‭ ‬بظلاله‭ ‬علي‭ ‬المؤسسات‭ ‬عموما‭ ‬مما‭ ‬دفع‭ ‬المسؤولين‭ ‬إلي‭ ‬اتخاذ‭ ‬تدابير‭ ‬اقتصادية‭ ‬لمواجهة‭ ‬الحصار‭ , ‬وكان‭ ‬أشدها‭ ‬رفع‭ ‬الدعم‭ ‬عن‭ ‬المؤسسات‭ ‬الثقافية‭ ‬الذي‭ ‬أثر‭ ‬سلبا‭ ‬علي‭ ‬صناعة‭ ‬الكتاب‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬فترة‭ ‬التسعينيات‭ , ‬حيث‭ ‬عانت‭ ‬تلك‭ ‬المؤسسات‭ ‬الاختناقات‭ ‬المالية‭ ‬من‭ ‬جراء‭ ‬رفع‭ ‬الدعم‭ ‬عنها‭ ‬مما‭ ‬أضطرها‭ ‬لفقدانها‭ ‬لمقراتها‭ , ‬وبالتالي‭ ‬لم‭ ‬تشهد‭ ‬فترة‭ ‬التسعينات‭ ‬سوي‭ ‬سبعة‭ ‬كتب‭ ‬مسرحية‭ ‬نشرت‭ ‬الدار‭ ‬الجماهيرية‭ ‬للنشر‭ ‬والإعلان‭ ‬اربعة‭ ‬عشر‭ ‬منها‭ ‬وثلاثة‭ ‬علي‭ ‬نفقة‭ ‬أصحابها‭ .‬

يخلص‭ ‬البوصيري‭ ‬عبدالله‭ ‬إلي‭ ‬وصف‭ ‬وضع‭ ‬الكتاب‭ ‬المسرحي‭ ‬وفق‭ ‬المعطيات‭ ‬المذكورة‭ ‬بملاحظة‭ ‬تقول‭ : ‬‮«‬دخلنا‭ ‬القرن‭ ‬الواحد‭ ‬والعشرين‭ ‬وفي‭ ‬جعبتنا‭ ‬سبعون‭ ‬كتابا‭ ‬مسرحيا‭ , ‬إنه‭ ‬ورب‭ ‬الكعبة‭ ‬لرصيد‭ ‬زهيد‭ , ‬لو‭ ‬كان‭ ‬مبلغا‭ ‬من‭ ‬المال‭ ‬لأنفقته‭ ‬في‭ ‬وجبة‭ ‬غذاء‭ ‬غير‭ ‬باذخة‭ ‬‮»‬‭.‬

يضيف‭ : ‬استهلت‭ ‬الألفية‭ ‬الثانية‭ ‬أعوامها‭ ‬بحركة‭ ‬نشر‭ ‬متراخية‭ , ‬إذ‭ ‬لم‭ ‬يصدر‭ ‬في‭ ‬أعوامها‭ ‬الستة‭ ‬الأولي‭ ‬سوي‭ ‬خمسة‭ ‬وعشرين‭ ‬كتابا‭ , ‬أي‭ ‬بمعدل‭ ‬ثلاثة‭ ‬كتب‭ ‬في‭ ‬العام‭ , ‬وهذا‭ ‬رقم‭ ‬متدن‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬وضعنا‭ ‬في‭ ‬اعتبارنا‭ ‬زيادة‭ ‬عدد‭ ‬الكتاب‭ ‬المولعين‭ ‬بالمسرح‭ ‬وفنونه‭ , ,‬وإذا‭ ‬ما‭ ‬وضعنا‭ ‬في‭ ‬حساباتنا‭ ‬تركم‭ ‬نصوصهم‭ ‬الدرامية‭ .‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى