
الكاتب والناقد أحمد عزيز.. يفك شفرة التحكيم في الوطني للمسرح في زمن الانكسارات المتكررة للمسرح الليبي… النقد بوصلة
حاورته / هند التواتي..
شهدت الأيام الماضية اختتام فعاليات المهرجان الوطني للفنون المسرحية في دورته الثالثة عشرة، هذا الحدث يُعدّ بمثابة المقياس لنبض الإبداع في البلاد… ومع كل احتفاء بختام مهرجان، تبرز التساؤلات الحادة و الجدلية حول مستوى المنتج المسرحي والتحديات التي تواجه الفنانين، خاصةً بعد قرار لجنة التحكيم حجب جائزة أفضل عرض متكامل.. وللإقتراب من صلب الحقيقة وراء هذه القرارات وتلك التحديات، التقينا بالكاتب والناقد القدير الأستاذ أحمد عزيز، رئيس لجنة التحكيم لهذا المهرجان… في هذا الحوار، يفتح الأستاذ عزيز ملف مهمة التحكيم موضحاً الرؤية النقدية التي اعتمدت على معايير ثابتة لتقييم جميع عناصر العرض. كما يتطرق بشجاعة إلى الواقع الليبي الذي أدى إلى الانكسارات المتكررة للحراك المسرحي، من الاستيلاء على المقرات إلى غياب الموسم الدائم وضعف البنية التحتية، مروراً بأزمة النصوص وغياب العناصر النسائية من على الركح.. • بصفتكم رئيسًا للجنة التحكيم، ما هي الرؤية النقدية التي اعتمدتها اللجنة في عملها هذه الدورة؟ مهمة لجنة التحكيم مهمة فنية بحثة تلتزم بالمعايير والضوابط الموضوعة وتقييم العرض المسرحي من خلالها فمثلا في النص نركز على مدى البناء الدرامي للنص، الصراع في النص، الشخصيات الموجودة في النص.. في التمثيل يتم التركيز على أداء الممثل وإحساسه، حركته وليونته الجسدية على الركح ومن هذه المعايير في كل عناصر العرض…. • هل يتم التركيز على عنصر محدد أكثر من غيره؟ كل عناصر العرض لابد وأن نشاهدها بذات الأهمية ولابد أن تتوفر متكاملة وأي اخلال بأي جزئية يفقد هذا العنصر فرصته في الحصول على التقييم الجيد من هنا يجب أن يكون أعضاء لجنة التحكيم من المتخصصين ولهم دراية بكل هذه الأمور والتفاصيل التي من خلالها يتم التقييم. • أعضاء لجنة التحكيم هل كانوا من المتخصصين وكانت لهم رؤية تحليلية جيدة.؟ نعم، كلهم من المتخصصين وتتوفر فيهم الشروط اللازمة في أي مهرجان فيهم الناقد، فيهم الكاتب والمؤلف، فيهم المخرج وفيهم الممثل وجمعيهم خبراء في مجالهم أقل خبرة فيهم تصل لثلاثون عاما في المجال بالتالي هم اهل ليكونوا في هذا المكان. • ماهي الخصوصية التي تميز كل مهرجان عن غيره من المهرجانات ؟ لا يوجد خصوصية محددة فلفظ مهرجان هو واحد في كل المهرجانات لايختلف من مكان لأخر، لكن المهرجان الوطني وعلى اعتباره المهرجان الرسمي للدولة الذي يفترض أن يقدم فيه أفضل الإبداعات، كغيره من الدول إلا أن أغلب الدول لديهم موسم مسرحي يعمل على مدار العام ومن خلاله يتم اختيار أفضل العروض للمشاركة بها في المهرجان الرسمي للدولة.. في ليبيا ونتيجة للظروف التي نمر بها والكثير من المشاكل المعروفة لم نتمكن من الإلتزام بهذه القاعدة ولأن عديد الفرق المسرحية تم الاستيلاء على مقارها وبالتالي لا يوجد مكان ملائم للتدريبات في حال وجود عروض لهم، ايضا الكثير من الفنانين ابتعدوا عن المسرح للظروف الاقتصادية و الأمنية التي مرت بها البلاد نتاج لهذه الأسباب وغيرها لم نتمكن من خلق موسم مسرحي ثابت واحبطت الكثير من الجهود التي كانت تبذل لخلق حراك مسرحي حقيقي وبالتالي لم نتمكن من خلق الخصوصية للمهرجان كما ينبغي له. • كيف استطاعت اللجنة ترجمة شعار المهرجان “المسرح بالناس و للناس ” إلى معايير تقييم عملية للعروض؟ وهل نجحت العروض المشاركة في تحقيق هذا التفاعل المجتمعي؟ شعار المهرجان المسرح بالناس وللناس أعتقد أنه ضمن توجه كان لإدارة الهيئة ناتج من حرصهم على أن يكون المسرح الاجتماعي هو عنوان المهرجان ولفظة الاجتماعي تعني كل ما يخص المجتمع من قضايا على مختلف الأصعدة وبالتالي فإن أغلب الأعمال والعروض تركزت على هذا التوجه والموضوع.. • بعد قرار اللجنة حجب جائزة أفضل عرض متكامل، ما هي الجوانب التي لم ترتقِ إلى مستوى تطلعات اللجنة للعمل المتكامل ؟ العمل المتكامل يكون على مستوى النص، الإخراج، التمثيل، الديكور، الإضاءة، الموسيقى، الملابس والمكياج والتنكر أي كل عناصر العرض إذا كانت هذه العناصر متوفرة في عمل بشكل يلتزم بالمعايير الموضوعة تمنح له جائزة العمل المتكامل وإذا نقص أي عنصر فإن العرض يصبح منقوصا ولا تمنح له الجائزة.. فيما عرض في المهرجان لم نجد عملا من الأعمال وصل او حتى اقترب من أن يكون عملا متكاملا لذلك تم حجب الجائزة • ما هي أبرز النقاط التي يجب على الفرق العمل عليها لتفادي هذا الحجب مستقبلاً؟ لا وجود لنقاط محددة فحتى الفرق المسرحية من جهتها معذورة لعدة اسباب منها أننا لا يوجد لدينا عروض دائمة وهذه الفرق أغلبها لا تملك مقرات للتدريب الدائم والجيد، أيضاً لدينا نقص وضعف في كتاب النص المسرحي كل هذه العوامل تؤثر على جودة العمل… حتى غياب العنصر النسائي ناتج عن هذه الظروف فمن غير اللائق في مجتمعنا أن تجلس المرأة في اماكن لا تليق بوجودها لقراءة نص او إجراء تدريبات على عرض ما. • ماذا يحتاج المسرح الليبي للنهوض به على اسس متينة؟ يحتاج للكثير، من جهتنا نتمنى أن تتحلحل كل العراقيل وخاصة الكبيرة منها التي تقف حجر عثرة في طريق النهوض بالمسرح في ليبيا، الآن في ظل الصلاحيات الممنوحة للبلديات نتمنى من كل بلدية ان تهتم بالجانب الإبداعي من أنشطة فنية وثقافية ورياضية وقبل كل شي العودة للاهتمام بالنشاط المدرسي فكل او أغلب الوجوه الموجودة على الساحة كانت انطلاقتها من النشاط المدرسي فغيابه أثر بشكل كبير وسلبي على الحركة الإبداعية بشكل عام. • هل كان المضمون الاجتماعي والسياسي حاضراً بقوة في العروض وبشكل فني عميق؟ أغلب العروض ناقشت قضايا المواطن الليبي والتي كانت ذات علاقة مباشرة بالجانب الاجتماعي ونظرا للضعف في بعض النصوص الذي تحدثنا عنه سابقا فإن العروض تباينت في تسليط الضوء على هذه القضايا. • ما هي أبرز التوصيات التي خرجت بها لجنة التحكيم لضمان نجاح الدورات المقبلة وتطوير المنتج المسرحي الوطني؟ أصدرنا في نهاية المهرجان كلجنة تحكيم توصيات وجهت للهيئة العامة للسينما والمسرح والفنون لعلها تجد فيها ما يفيد في قادم الدورات ومنها – تشابه في الموضوعات التي تناولتها عديد الأعمال المسرحية. – ضعف النصوص المقدمة انعكس على باقي عناصر العرض. – غياب العنصر النسائي ساهم في التأثير على بعض الأعمال. – لاحظت اللجنة ان عدد من الممثلين و المواهب الواعدة لم يتم استغلالهم بشكل أمثل رغم امكانيات المواهب تحديدا التي ظهرت بعض ملامحها للجنة. – بعض الأعمال لا ترقى إلى مستوى المهرجان فهي أقرب للأعمال المدرسية. • بالنظر إلى دراستكم للنقد المسرحي كيف أثر هذا التكوين الأكاديمي على رؤيتكم للنقد المسرحي في ليبيا ؟ وهل تجدون أن المسرح الليبي اليوم بحاجة إلى رؤى نقدية أكثر تخصصًا ؟ هو سؤال بقدر ماهو سهل هو صعب فالمسرح الليبي الترمومتر الخاص به غير ثابت بالتالي يصعب تقييمه لأن في مراحل المسرح حصلت انقطاعات كثيرة وعند عودته يعود بشكل أقل مما كان عليه ويحتاج لوقت حتى يبدأ في استعادة مكانته وما أن يحصل ذلك يحدث إنكسار آخر بالتالي هذا الوضع لا يمكن معه تكوين رؤية واضحة عن المسرح الليبي.. المسرح الليبي كان يقدم في مسرحيات عالمية وكان يبدع فيها سواء بوجود مخرجين جيدين و ممثلين بارعين لنصل بعدها لمراحل نفتقد فيها حتى النص والعرض المحلي.. أما الحركة النقدية فهي حركة لاحقة وليست سابقة مالم يكن هناك نشاط وزخم من العروض المسرحية أو زخم من النصوص المسرحية المنشورة في كتب لن تكون هناك حركة نقدية صحية وصحيح. • أخيراً… بعد نهاية المهرجان وعودة الفرق المشاركة لمدنهم هل كنتم تتوقعون ماحدث من سخط و عدم الرضا بنتائج التحكيم لحد التشكيك فيها؟ اعتقد أن ردود الفعل ظاهرة طبيعية في كل المهرجانات كل من قدم عمل يرى في نفسه وعرضه الأفضل والأحق بنيل الجوائز وإرضاء الجميع أمر يصعب إدراكه. • ما هي أبرز التوصيات التي خرجت بها لجنة التحكيم لضمان نجاح الدورات المقبلة وتطوير المنتج المسرحي الوطني؟ أصدرنا في نهاية المهرجان كلجنة تحكيم توصيات وجهت للهيئة العامة للسينما والمسرح والفنون لعلها تجد فيها ما يفيد في قادم الدورات ومنها – تشابه في الموضوعات التي تناولتها عديد الأعمال المسرحية. – ضعف النصوص المقدمة انعكس على باقي عناصر العرض. – غياب العنصر النسائي ساهم في التأثير على بعض الأعمال. – لاحظت اللجنة ان عدد من الممثلين و المواهب الواعدة لم يتم استغلالهم بشكل أمثل رغم امكانيات المواهب تحديدا التي ظهرت بعض ملامحها للجنة. – بعض الأعمال لا ترقى إلى مستوى المهرجان فهي أقرب للأعمال المدرسية. • بالنظر إلى دراستكم للنقد المسرحي كيف أثر هذا التكوين الأكاديمي على رؤيتكم للنقد المسرحي في ليبيا ؟ وهل تجدون أن المسرح الليبي اليوم بحاجة إلى رؤى نقدية أكثر تخصصًا ؟ هو سؤال بقدر ماهو سهل هو صعب فالمسرح الليبي الترمومتر الخاص به غير ثابت بالتالي يصعب تقييمه لأن في مراحل المسرح حصلت انقطاعات كثيرة وعند عودته يعود بشكل أقل مما كان عليه ويحتاج لوقت حتى يبدأ في استعادة مكانته وما أن يحصل ذلك يحدث إنكسار آخر بالتالي هذا الوضع لا يمكن معه تكوين رؤية واضحة عن المسرح الليبي.. المسرح الليبي كان يقدم في مسرحيات عالمية وكان يبدع فيها سواء بوجود مخرجين جيدين و ممثلين بارعين لنصل بعدها لمراحل نفتقد فيها حتى النص والعرض المحلي.. أما الحركة النقدية فهي حركة لاحقة وليست سابقة مالم يكن هناك نشاط وزخم من العروض المسرحية أو زخم من النصوص المسرحية المنشورة في كتب لن تكون هناك حركة نقدية صحية وصحيح. • أخيراً… بعد نهاية المهرجان وعودة الفرق المشاركة لمدنهم هل كنتم تتوقعون ماحدث من سخط و عدم الرضا بنتائج التحكيم لحد التشكيك فيها؟ اعتقد أن ردود الفعل ظاهرة طبيعية في كل المهرجانات كل من قدم عمل يرى في نفسه وعرضه الأفضل والأحق بنيل الجوائز وإرضاء الجميع أمر يصعب إدراكه.



