رأي

ربما يكون لكل حادثٍ حديث

امين مازن

لئن‭ ‬لم‭ ‬يحدث‭ ‬ما‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬الحسبان،‭ ‬فستكون‭ ‬تجربة‭ ‬كاتب‭ ‬هذه‭ ‬السطور‭ ‬موضوعا‭ ‬للنشاط‭ ‬الأسبوعي‭ ‬الذي‭ ‬دأب‭ ‬على‭ ‬تنظيمه‭ ‬ضمن‭ ‬المواسم‭ ‬الثقافية،‭ ‬المركز‭ ‬الليبي‭ ‬للمحفوظات‭ ‬والدراسات‭ ‬التاريخية‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬ربع‭ ‬قرن‭ ‬مضى،‭ ‬كان‭ ‬آخرها‭ ‬مشروعه‭ ‬التاريخي‭ ‬للمائة‭ ‬سنة‭ ‬الماضية‭ ‬والتي‭ ‬قد‭ ‬شملت‭ ‬ضمن‭ ‬ما‭ ‬شملت‭ ‬الفترة‭ ‬التاريخية‭  ‬التي‭ ‬تلت‭ ‬غروب‭ ‬شمس‭ ‬النظام‭ ‬السياسي‭ ‬الذي‭ ‬ساد‭ ‬بلادنا‭ ‬منذ‭ ‬الفاتح‭ ‬من‭ ‬سبتمبر‭ ‬1969‭ ‬ولم‭ ‬يسلم‭ ‬أحد‭ ‬من‭ ‬ذوي‭ ‬الوجود‭ ‬المعدود‭ ‬إلا‭ ‬وكان‭ ‬له‭ ‬نصيبه‭ ‬من‭ ‬التعاطي‭ ‬معه‭ ‬سلبا‭ ‬أو‭ ‬إيجابا،‭ ‬حتى‭ ‬لقد‭ ‬رأيناه‭ ‬يتسع‭ ‬لعديد‭ ‬الأسماء‭ ‬التي‭ ‬تصدرت‭ ‬المشهد‭ ‬عقب‭ ‬السابع‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬فبراير‭ ‬2011،‭ ‬فما‭ ‬حدا‭ ‬بي،‭ ‬ضمن‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬تجمع‭ ‬عقب‭ ‬التحول‭ ‬المشار‭ ‬إليه،‭ ‬إلى‭ ‬الدفع‭ ‬باختيار‭ ‬عنوان‭ ‬ضمير‭ ‬الوطن‭ ‬ليكون‭ ‬عنونا‭ ‬لحراك‭ ‬مفتوح‭ ‬يتسع‭ ‬للجميع‭ ‬ويرفض‭ ‬أي‭ ‬إقصاء‭ ‬بدأت‭ ‬ملامحه‭ ‬تظهر،‭ ‬وما‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬ينكمش‭ ‬لولا‭ ‬ما‭ ‬أفلحت‭ ‬فيه‭ ‬العملة‭ ‬الرديئة‭ ‬من‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬طرد‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬عداها‭ ‬من‭ ‬العملات،‭ ‬فآثر‭ ‬عديد‭ ‬القادرين‭ ‬الصمت‭ ‬ولم‭ ‬يبق‭ ‬إلا‭ ‬قليل‭ ‬القادرين،‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬الذين‭ ‬وثقوا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬ليس‭ ‬لديهم‭ ‬ما‭ ‬يُخْسَرُ،‭ ‬فكان‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هذا‭ ‬التوجه‭ ‬موضوع‭ ‬أحد‭ ‬التدوينات‭ ‬التي‭ ‬أنشرها‭ ‬هنا‭ ‬أو‭ ‬هناك،‭ ‬إذ‭ ‬لن‭ ‬أكون‭ ‬في‭ ‬المنشط‭ ‬المذكور‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬المستمع‭ ‬أو‭ ‬المشاهد‭ ‬لكل‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يتفضل‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬يحضر‭ ‬أو‭ ‬يتصل‭  ‬عن‭ ‬بعد،‭ ‬فليس‭ ‬لمن‭ ‬يُكتَب‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬ما‭ ‬يسمح‭ ‬له‭ ‬بحضور‭ ‬هذا‭ ‬التجمع‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬إتاحة‭ ‬الفرصة‭ ‬لكل‭ ‬ذي‭ ‬رأي‭ ‬أن‭ ‬يؤكد‭ ‬رغبته‭ ‬في‭ ‬متسع‭ ‬من‭ ‬الوقت‭ ‬وزاد‭ ‬في‭ ‬اهتمامه‭ ‬بتقديم‭ ‬ملخص‭ ‬سمح‭ ‬بتقديمه‭ ‬مكتوبا‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬يتسع‭ ‬وقته‭ ‬للقراءة‭ ‬لاحقا‭ ‬وربما‭ ‬الإضافة‭ ‬أو‭ ‬التصويب،‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬ما‭ ‬يدعو‭ ‬إليه‭ ‬المحتوى،‭ ‬لأن‭ ‬القتل‭ ‬بالصمت‭ ‬هو‭ ‬أردأ‭ ‬ما‭ ‬تُقابل‭ ‬به‭ ‬الفكرة‭ ‬حين‭ ‬تكون‭ ‬نصا‭ ‬مكتوبا‭ ‬وفعلا‭ ‬مؤثرا‭ ‬تتنادى‭ ‬له‭ ‬الأجيال‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مكان،‭ ‬تماما‭ ‬مثلما‭ ‬كان‭ ‬التناول‭ ‬ومنذ‭ ‬خمسينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬موضع‭ ‬اشتباك‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬فتجمع‭ ‬الحلقة‭ ‬بين‭ ‬المشجع‭ ‬وغير‭ ‬المشجع‭ ‬لتحقق‭ ‬حضورها‭ ‬في‭ ‬ستينياته‭ ‬وتدخل‭ ‬مرحلة‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬سبعينياته‭ ‬ليتم‭ ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬اختيار‭ ‬أخف‭ ‬الضررين‭ ‬حتى‭ ‬هذه‭ ‬العشرية‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬بالحقبة‭ ‬الثانية‭ ‬فكانت‭ ‬اللقاءات‭ ‬مع‭ ‬الذين‭ ‬دفعوا‭ ‬الأثمان‭ ‬ورحلوا‭ ‬والذين‭ ‬خرجوا‭ ‬بأضعاف‭ ‬المردود‭ ‬وتلك‭ ‬طبيعة‭ ‬الحياة‭ ‬والأشياء،‭ ‬وليس‭ ‬لمن‭ ‬يراهن‭ ‬على‭ ‬الكلمة‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬يجعلها‭ ‬في‭ ‬مقام‭ ‬اللائي‭ ‬خرجن‭ ‬من‭ ‬صلبه‭ ‬فصِرنَ‭ ‬أثمن‭ ‬ما‭ ‬رُزِقَ‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬الدنيا،‭ ‬فيعجز‭ ‬المال‭ ‬ومثله‭ ‬السلاح‭ ‬ولا‭ ‬شيء‭ ‬غير‭ ‬العِرْضِ،‭ ‬والكلمة‭ ‬دائما‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬العِرْضِ،‭ ‬فتُحْفَظ‭ ‬كما‭ ‬يُحفَظ‭ ‬ويُذادُ‭ ‬عنها‭ ‬بذات‭ ‬الأدوات،‭ ‬وريثما‭ ‬يتم‭ ‬لما‭ ‬يُخطط‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬يُنَفّذَ،‭ ‬فليس‭ ‬لنا‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬ننتظر‭ ‬لنتبين‭ ‬ما‭ ‬نقبل‭ ‬وما‭ ‬لا‭ ‬نقبل،‭ ‬وإذ‭ ‬ذاك‭ ‬ربما‭ ‬يكون‭ ‬لكل‭ ‬حادث‭ ‬حيث‭ ‬كما‭ ‬ينصح‭ ‬دعاة‭ ‬عدم‭ ‬سبق‭ ‬الأحداث‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى