حين فكرتُ في إعداد ملف عن المشهد الشعري في ليبيا، تحديدًا عن «شعراء قصيدة النثر»، وجدتُ أنَّ التركيز على «الجيل الألفيني» يمكن أن يكون أكثر جدوى، كون هذا الجيل مظلوم نقديًا بالرغم من انتشاره الواسع على منصات التواصل الاجتماعي، أيضًا هناك ميزات أخرى لهذا الجيل الذي يستحق أن يأخذ مكانه لعوامل عديدة، أهمها مواصلة الرهان على الشعر في زمن أصبح فيه العالم يتنكر لوجدانه.
اإخترتُ عنوان الملف )أصوات شجاعة(، لأنهم فعلاً شجعان في ضرب السائد، وشيوع روح المغامرة والتجريب؛ وإن كان محدودًا، ولعل ما أفاد هذا الجيل أنه تربى في ظل عوالم التقنية الحديثة وما تتيحه من وفرة المعلومة، وسهولة الإطلاع على التجارب الإبداعية والأفكار والرؤى العديدة على المستويين «العربي، والعالمي»، هو جيل ذكي .. لكنه مظلوم من قلة النقد وقلة الحيلة بوجوده في بيئة لا تعترف بالشعر، لهذا يكافح الشاعر من أجل طباعة كتاب وهو أقلّ الحقوق، أيضًا هو جيل خلخلته الحروب المتواصلة، وعدم الاستقرار ببلادنا، لنرى قصائده موسومة بسمة الحرب تعلو منه أدخنة كثيفة من الحزن والأسَى، وبالتالي أنتجت نصًا غاضبًا وصريحًا.
الأسماءُ الشعرية المختارة في هذا الملف هي الأكثر اتصافاً بالتميز والانفتاح النَّصي على التجريب والكتابة الحرة، التي تحاول الخروج عن السائد، والمألوف.
ختامًا .. هذا الجيل رغم كل شيء استطاع أن يكون أهم جيل شعري ليبي، اجتمع في طياته الوعي، والشغف الحقيقي، جيلٌ حرّ من الأفكار التقليدية البائسة التي طالما صبغتْ تجارب الأجيال السابقة؛ عدا بعض الأصوات الشعرية التي استطاعتْ أن تكون تجربة حقيقية فعلاً.



