رتوش

خبز‭ ‬وفيراري‭ ‬وحدادة‭ .. ‬حكايات‭ ‬ميادين‭ ‬بنغازي

زكريا العنقودي

في‭ ‬مدينة‭ ‬بنغازي‭ ‬توجد‭ ‬عديد‭ ‬الميادين،‭ ‬منها‭ ‬القديم،‭ ‬والحديث،‭ ‬منها‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬قبل‭ ‬وجود‭ ‬الاستعمار‭ ‬الإيطالي‭ ‬في‭ ‬بلادنا،‭ ‬ومنها‭ ‬ما‭ ‬قام‭ ‬بإنشائه‭ ‬الإيطاليين،‭ ‬لعل‭ ‬أشهرها‭ ‬وأقدمها‭ ‬الميادين‭ ‬الأربعة‭ ‬الكبيرة‭ ‬‮«‬ميدان‭ ‬البلدية،‭ ‬ميدان‭ ‬سوق‭ ‬الحشيش،‭ ‬ميدان‭ ‬الحدادة،‭ ‬ميدان‭ ‬الفندق‭ ‬القديم‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬كانتْ‭ ‬موجودة‭ ‬بمدينة‭ ‬بنغازي‭ ‬قبل‭ ‬الغزو‭ ‬الإيطالي‭ ‬لليبيا‭ ‬في‭ ‬1911م‭.‬

وميدان‭ ‬الحدادة‭ ‬التاريخي‭ ‬الذي‭ ‬حفظ‭ ‬ذاكرة‭ ‬مدينتنا‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬عبر‭ ‬السنين،‭ ‬اختلف‭ ‬عن‭ ‬باقي‭ ‬التجمعات‭ ‬الأخرى‭ ‬بالمدينة‭ ‬مِن‭ ‬حيث‭ ‬الروح‭ ‬وتفاصيل‭ ‬المكان‭ ‬وما‭ ‬يُعرض‭ ‬فيه،‭ ‬فهو‭ ‬أحد‭ ‬ميادين‭ ‬بنغازي‭ ‬وأعرقها‭.‬

الميدان‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬ساحة‭ ‬مستطيلة‭ ‬مبلطة‭ ‬بالحجارة‭ ‬عُرفتْ‭ ‬قبل‭ ‬دخول‭ ‬الإيطاليين‭ ‬إلى‭ ‬مدينة‭ ‬بنغازي‭ ‬كساحة‭ ‬شعبية‭ ‬يُباع‭ ‬فيها‭ ‬جميع‭ ‬أنواع‭ ‬الخبز،‭ ‬وكان‭ ‬يطلق‭ ‬عليها‭ ‬‮«‬سوق‭ ‬الخُبز‮»‬،‭ ‬وبعد‭ ‬الغزو‭ ‬الإيطالي‭ ‬تغير‭ ‬اسم‭ ‬الميدان؛‭ ‬حيث‭ ‬أطلق‭ ‬عليه‭ ‬الإيطاليون‭ ‬اسم‭ ‬ميدان‭ ‬فيراري‭ ‬الميدان‭ ‬صغير‭ ‬في‭ ‬حجمه‭ ‬لكنه‭ ‬كبير‭ ‬بقيمته؛‭ ‬حيث‭ ‬يعد‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬الميادين‭ ‬كونه‭ ‬يربط‭ ‬عدة‭ ‬شوارع‭ ‬وأزقة‭ ‬ويتوسط‭ ‬أهم‭ ‬أسواق‭ ‬المدينة‭ ‬التجارية‭ ‬شهرة،‭ ‬يقع‭ ‬في‭ ‬محلة‭ ‬سيدي‭ ‬الوحيشي،‭ ‬ويمثل‭ ‬مشهدًا‭ ‬اجتماعيًا‭ ‬واقتصاديا‭ ‬للحياة‭ ‬اليومية‭ ‬لسكان‭ ‬المدينة؛‭ ‬حيث‭ ‬وجد‭ ‬فيه‭ ‬الزوار‭ ‬ما‭ ‬كانوا‭ ‬ينشدون‭.‬

تصل‭ ‬إليه‭ ‬بعد‭ ‬‮«‬سوق‭ ‬الجريد‮»‬‭ ‬أحد‭ ‬أعرق‭ ‬الأسواق‭ ‬الشعبية‭ ‬في‭ ‬المدينة‭ ‬مُباشرة،‭ ‬ويحتل‭ ‬موقعًا‭ ‬متميزًا،‭ ‬بتوسطه‭ ‬سوق‭ ‬الظلام‭ ‬غرباً،‭ ‬وسوق‭ ‬الجريد‭ ‬شرقاً،‭ ‬ويوجد‭ ‬غربه‭ ‬ميدان‭ ‬البلدية‭ ‬والجامع‭ ‬العتيق‭ ‬‮«‬جامع‭ ‬القاضي‮»‬،‭ ‬ولهذا‭ ‬الميدان‭ ‬خمسة‭ ‬منافذ‭ ‬مهمة،‭ ‬أحدهما‭ ‬يقودك‭ ‬إلى‭ ‬سوق‭ ‬الظلام،‭ ‬وآخر‭ ‬إلى‭ ‬سوق‭ ‬الجريد،‭ ‬وتأتي‭ ‬قبله‭ ‬فتحة‭ ‬على‭ ‬الجهة‭ ‬اليمنى‭ ‬وهي‭ ‬شارع‭ ‬ضيق‭ ‬يٌسمّى‭ ‬‮«‬شارع‭ ‬الشويخات‮»‬‭ ‬الشارع‭ ‬الذي‭ ‬حمل‭ ‬ذاكرة‭ ‬المدينة،‭ ‬وفتحة‭ ‬آخرة‭ ‬تقود‭ ‬إلى‭ ‬سوق‭ ‬القزدارة،‭ ‬الصياغة،‭ ‬الحدادة‭ ‬‮«‬ويرجع‭ ‬بك‭ ‬الشارع‭ ‬إلى‭ ‬سوق‭ ‬الحارة‭ ‬خلف‭ ‬سوق‭ ‬الظلام‮»‬،‭ ‬ومقابلة‭ ‬لها‭ ‬فتحة‭ ‬تقود‭ ‬إلى‭ ‬شارع‭ ‬سيدي‭ ‬سالم،‭ ‬ويوجد‭ ‬بالميدان‭ ‬مقهى‭ ‬مشهور‭ ‬لصاحبه‭ ‬سَيّدِي‭ ‬حسين‭ ‬اسميو‭ ‬المعروف‭ ‬بلقب‭ ‬الحدّاد،‭ ‬وبعض‭ ‬المحال‭  ‬التجارية‭ ‬المعروفة‭ ‬متلاصقة‭ ‬بعضها‭ ‬إلى‭ ‬بعض،‭ ‬كانت‭ ‬إيقاعاتها‭ ‬تسير‭ ‬فِي‭ ‬انسجام‭ ‬تام‭ ‬رغم‭ ‬تنوع‭ ‬نغماتها‭ ‬واختلاف‭ ‬مقاماتها،‭ ‬ورغم‭ ‬تعددها،‭ ‬منها‭ ‬محلاّن‭ ‬للبيع‭ ‬بالجملة‭ ‬للسيدين‭: ‬رجب‭ ‬إسماعيل‭ ‬‮«‬الدرناوي‮»‬،‭ ‬وأحمَد‭ ‬المطاوع‭ ‬أو‭ ‬‮«‬سي‭ ‬حمد‮»‬‭ ‬كمَا‭ ‬كان‭ ‬يُعرف‭ ‬بين‭ ‬النَّاس،‭ ‬ومحلّ‭ ‬للبيع‭ ‬بالجملة‭ ‬لصاحبه‭ ‬محَمّد‭ ‬امبارك‭ ‬الشّريف،‭ ‬ومحلاّن‭ ‬مشهوران‭  ‬وإلى‭ ‬حدٍ‭ ‬ما‭  ‬هما‭: ‬محل‭ ‬آل‭ ‬احويو‭ ‬‮«‬الحاج‭ ‬سعد‭ ‬حويو‭ ‬وشقيقه‭ ‬الأصغر‭ ‬محمد‭ ‬العالم‮»‬‭ ‬لبيع‭ ‬المواد‭ ‬والأدوات‭ ‬المنزليّة،‭ ‬ودكان‭ ‬الحاج‭ ‬أبوبكر‭ ‬السوداني‭ ‬للوازم‭ ‬الأفراح‭ ‬والأقمشة‭ ‬والمفروشات‭ ‬العجمية‭ ‬الصغيرة‭ ‬وملابس‭ ‬لّيبيّة‭ ‬تقليديّة‭ ‬‮«‬جرود‭ ‬وعباءات‭ ‬وأردية‭ ‬نسائية‮»‬،‭ ‬وهما‭ ‬من‭ ‬الدكاكين‭ ‬المشهورة،‭ ‬وقد‭ ‬أشترى‭ ‬الحاج‭ ‬عبدالسلام‭ ‬بوقرين‭ ‬المحلان‭ ‬من‭ ‬الحاج‭ ‬أبوبكر‭ ‬السوداني،‭ ‬وبعدها‭ ‬باعها‭ ‬للحاج‭ ‬مفتاح‭ ‬الديباني‭ ‬‮«‬الدرناوي‮»‬‭ ‬وعمل‭ ‬فيه‭ ‬على‭ ‬تجارة‭ ‬الملابس،‭ ‬وكان‭ ‬ايضا‭ ‬في‭ ‬الميدان‭ ‬محل‭ ‬السِّيّد‭ ‬أبوبكر‭ ‬بن‭ ‬يونس‭ ‬للملابس‭ ‬الِلّيبيّة‭ ‬التقليديّة،‭ ‬ومحل‭ ‬آخر‭ ‬كان‭ ‬مقابلًا‭ ‬لمحل‭ ‬آل‭ ‬حويو‭ ‬للمواد‭ ‬المنزلية‭ ‬يملكه‭ ‬الحاج‭ ‬عبدالقادر‭ ‬الفلاح‭ ‬وكان‭ ‬لبيع‭ ‬المواد‭ ‬المنزلية‭ ‬أيضًا،‭ ‬وكان‭ ‬قبل‭ ‬مكتبة‭ ‬بوقعيقيص‭ ‬‮«‬المكتبة‭ ‬الوطنية‮»‬‭ ‬وصالون‭ ‬للحلاقة‭ ‬صاحبه‭ ‬مواطن‭ ‬من‭ ‬يهود‭ ‬ليبيا‭. ‬

ومن‭ ‬معالم‭ ‬الميدان‭ ‬المكتبة‭ ‬الوطنية‭ ‬المعروفة‭ ‬بــ‭ ‬‮«‬مكتبة‭ ‬بوقعيقيص‮»‬‭ ‬الشهيرة‭ ‬لذلك‭ ‬الجيل‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬علامة‭ ‬بارزة‭ ‬في‭ ‬الميدان،‭ ‬والتي‭ ‬يعود‭ ‬تأسيسها‭ ‬إلى‭ ‬عام‭ ‬1921م‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬الشقيقين‭ ‬عُمر‭ ‬ومحَمّد‭ ‬علي‭ ‬بوقعيقيص،‭ ‬وأسهمت‭ ‬المكتبة‭ ‬فِي‭ ‬دعم‭ ‬الحركة‭ ‬الوطنيّة‭ ‬بنشر‭ ‬الثقافة‭ ‬والوعي‭ ‬إبّان‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإيطالي،‭ ‬وكانت‭ ‬طوال‭ ‬فترة‭ ‬الاربعينيات‭ ‬والخمسينيات‭ ‬والستينيات‭ ‬قبلة‭ ‬لنخب‭ ‬المجتمع‭ ‬المختلفة‭ ‬نظراً‭ ‬لما‭ ‬تزخر‭ ‬به‭ ‬مِن‭ ‬كتب‭ ‬ومجلات‭ ‬مِن‭ ‬كافة‭ ‬ألوان‭ ‬الطيف‭ ‬الأدبي‭ ‬والثقافي‭ ‬والسّياسِي،‭ ‬والتي‭ ‬كان‭ ‬يديرها‭ ‬الراحل‭ ‬الاستاذ‭ ‬علي‭ ‬الخفيفي،‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1957م‭ ‬تنازل‭ ‬آل‭ ‬بوقعيقيص‭ ‬عن‭ ‬المكتبة‭ ‬للراحل‭ ‬علي‭ ‬الخفيفي‭ ‬الذي‭ ‬غيّر‭ ‬اسمها‭ ‬إلى‭ ‬المكتبة‭ ‬الوطنية‭ ‬واصبحت‭ ‬من‭ ‬مكتبة‭ ‬تبيع‭ ‬الكتب‭ ‬والجرائد‭ ‬والمجلات‭ ‬المصرية‭ ‬إلى‭ ‬دار‭ ‬نشر،‭ ‬واستفاد‭ ‬من‭ ‬الأساتذة‭ ‬والخبرات‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تزخر‭ ‬بهم‭ ‬الجامعة‭ ‬الليبية‭ ‬آنذاك،‭ ‬وهي‭ ‬أسماء‭ ‬معروفة‭ ‬في‭ ‬القانون‭ ‬والأدب‭ ‬وفي‭ ‬مختلف‭ ‬العلوم‭ ‬من‭ ‬مصر‭ ‬والعراق‭ ‬ولبنان،‭ ‬وبدأ‭ ‬ينشر‭ ‬ويطبع‭ ‬في‭ ‬كتبهم،‭ ‬ولعبت‭ ‬المكتبة‭ ‬الوطنية‭ ‬دورًا‭ ‬مهمًا‭ ‬في‭ ‬نشر‭ ‬الثقافة‭ ‬والأدب‭ ‬وتوفير‭ ‬الكتب‭ ‬المنهجية‭ ‬لطلبة‭ ‬الجامعات،‭ ‬وللأسف‭ ‬أن‭ ‬البعض‭ ‬عندما‭ ‬يتطرق‭ ‬لمكتبة‭ ‬بوقعيقيص‭ ‬لا‭ ‬يذكر‭ ‬الأستاذ‭ ‬الراحل‭ ‬علي‭ ‬الخفيفي‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬ودوره‭ ‬في‭ ‬تطويرها‭.‬

ومِن‭ ‬العلامات‭ ‬البارزة‭ ‬لهذا‭ ‬الميدان‭ ‬محل‭ ‬‮«‬بركة‮»‬‭ ‬للدراجات‭ ‬الذي‭ ‬يأتي‭ ‬فِي‭ ‬أوَّله‭ ‬بإطلالة‭ ‬مباشرة‭ ‬على‭ ‬الميدان،‭ ‬ويوجد‭ ‬بالميدان‭ ‬جامع‭ ‬شهير‭ ‬هو‭ ‬‮«‬جامع‭ ‬الحدادة‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬يرجع‭ ‬تاريخ‭ ‬تأسيسه‭ ‬إلى‭ ‬عام‭ ‬1820م‭ ‬مِن‭ ‬قِبل‭ ‬أحد‭ ‬أفراد‭ ‬عائلة‭ ‬‮«‬الشّريف‮»‬،‭ ‬وتوجد‭ ‬في‭ ‬الجامع‭ ‬حجرة‭ ‬صغيرة‭ ‬بها‭ ‬ضريح‭ ‬لأحد‭ ‬أفراد‭ ‬أسرة‭ ‬الشريف،‭ ‬وقد‭ ‬ذكر‭ ‬دكتور‭ ‬وهبي‭ ‬البوري‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬بنغازي‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬الاستعمار‭ ‬الإيطالي،‭ ‬بأن‭ ‬أول‭ ‬مدرسة‭ ‬قرآنية‭ ‬افتتحت‭ ‬في‭ ‬بنغازي‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬العهد‭ ‬العثماني‭ ‬الثاني‭ ‬بجامع‭ ‬الحدادة‭ ‬سنة‭ ‬1820م،‭ ‬وتوالت‭ ‬بعدها‭ ‬إنشاء‭ ‬تلك‭ ‬المدارس،‭ ‬وكان‭ ‬توزيعها‭ ‬حسب‭ ‬أحياء‭ ‬مدينة‭ ‬بنغازي‭ ‬القديمة‭. ‬

شهد‭ ‬الميدان‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬النشاطات‭ ‬الثقافية‭ ‬والأحداث‭ ‬المهمة‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬بنغازي،‭ ‬منها‭ ‬إقامة‭ ‬المهرجان‭ ‬الشعبي‭ ‬في‭ ‬1984م،‭ ‬الذي‭ ‬شهد‭ ‬حضور‭ ‬أكبر‭ ‬تجمع‭ ‬لعشاق‭ ‬الفن‭ ‬الشعبي‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭.‬

ولا‭ ‬يمكن‭ ‬اختزال‭ ‬الأهمية‭ ‬الثقافية‭ ‬لهذا‭ ‬الميدان‭ ‬في‭ ‬كونه‭ ‬فقط‭ ‬مقرًا‭ ‬لبلدية‭ ‬بنغازي،‭ ‬وإنما‭ ‬تعود‭ ‬أهميته‭ ‬الأساسية‭ ‬إلى‭ ‬زمن‭ ‬مضى،‭ ‬فهو‭ ‬قلب‭ ‬المدينة‭ ‬النابض‭ ‬بالأفراح،‭ ‬ومنطلق‭ ‬التحولات‭ ‬الكبرى،‭ ‬وله‭ ‬دورٌ‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬تأصيل‭ ‬الهوية‭ ‬الحضارية‭ ‬للمجتمع،‭ ‬وتصميمه‭ ‬ليس‭ ‬وليد‭ ‬اليوم،‭ ‬أو‭ ‬أحد‭ ‬معطيات‭ ‬العصر‭ ‬الحديث،‭ ‬وإنما‭ ‬ظهر‭ ‬منذ‭ ‬فجر‭ ‬التاريخ‭ ‬بأشكال‭ ‬وأهداف‭ ‬وظيفية‭ ‬مختلفة،‭ ‬حيث‭ ‬تجلتْ‭ ‬مظاهر‭ ‬التصميم‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬حضارات‭ ‬قديمة‭ ‬وما‭ ‬شهدته‭ ‬من‭ ‬تطور‭ ‬في‭ ‬المفهوم‭ ‬العام،‭ ‬كما‭ ‬تم‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬التجارب‭ ‬العربية‭ ‬والأجنبية‭ ‬في‭ ‬التنسيق‭ ‬الحضري‭ ‬للميدان‭ ‬بالأماكن‭ ‬المحيطة‭ ‬مع‭ ‬الوضع‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬أهمية‭ ‬الرجوع‭ ‬إلى‭ ‬دراسة‭ ‬العناصر‭ ‬التاريخية‭ ‬‮«‬المعمارية،‭ ‬والفنية‮»‬‭ ‬لاستلهام‭ ‬الأفكار‭ ‬منها‭ ‬وتطبيقها‭ ‬بشكل‭ ‬حديث،‭ ‬فعملية‭ ‬التنسيق‭ ‬الحضري‭ ‬لا‭ ‬تأتي‭ ‬بشكل‭ ‬عفوي‭ ‬دون‭ ‬وعي‭ ‬بعوامل‭ ‬كثيرة‭ ‬لطبيعة‭ ‬المدينة‭ ‬والنّاس‭ ‬المقيمين‭ ‬بها،‭ ‬ونوعية‭ ‬الزوار‭ ‬الذين‭ ‬يتوافدون‭ ‬عليها‭.‬

كل‭ ‬هذا‭ ‬التاريخ‭ ‬لم‭ ‬يشفع‭ ‬لهذا‭ ‬المكان‭ ‬المفعم‭ ‬بالروح،‭ ‬فقد‭ ‬خصوصيته‭ ‬بعد‭ ‬هدم‭ ‬سُوْق‭ ‬‮«‬الظلام‮»‬‭ ‬فِي‭ ‬1986م،‭ ‬تمامًا‭ ‬مثلمًا‭ ‬حدث‭ ‬لكثير‭ ‬من‭ ‬معالم‭ ‬المدينة‭ ‬التاريخية،‭ ‬معالم‭ ‬ذات‭ ‬صلة‭ ‬بموروث‭ ‬بنغازي‭ ‬الثقافي‭ ‬ووجدانيات‭ ‬سكانها،‭ ‬طمستْ‭ ‬ودمرت‭ ‬وازيلت‭ ‬بالكامل‭ ‬عبر‭ ‬حقب‭ ‬مختلفة،‭ ‬لأسباب‭ ‬غير‭ ‬مقنعة،‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬أذهان‭ ‬من‭ ‬قام‭ ‬بهذا‭ ‬الفعل‭ ‬المشين،‭ ‬معالم‭ ‬لم‭ ‬تترك‭ ‬لتتعايش‭ ‬مع‭ ‬التراث،‭ ‬إلا‭ ‬لحاجة‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬يعقوب‭.‬

الشكر‭ ‬موصول‭ ‬للأساتذة‭ ‬أبناء‭ ‬مدينتي‭ ‬الباسلة‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الكم‭ ‬من‭ ‬المعلومات‭ ‬وتجميع‭ ‬حكاية‭ ‬ميدان‭ ‬الحدادة،‭ ‬الحاج‭ ‬بوبكر‭ ‬السوداني،‭ ‬والحاج‭ ‬محمد‭ ‬المقوب،‭ ‬وسي‭ ‬رمضان‭ ‬طلوبة‭ ‬رحمة‭ ‬الله‭ ‬عليه‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى