
أتاح لي اللقاء الأسبوعي، الذي درج على تنظيمه فضاء السلام والازدهار بدعوة كل من يلمس فيه الأهلية ويجد لديه الاستجابة ليتحدث في الموضوع المتفق عليه في مدى زمني محدد بستين دقيقة، حضور المحاضرة التي شارك بها الدكتور أحمد علي عتيقة، في الخامس والعشرين من أكتوبر، حول تضارب المصالح في مجتمعنا كما هو العنوان الذي حمله الإعلان المتعلق بالنشاط، فبدا جاهزا داخل المكان المُعَدِّ للحديث قبل أن تشير عقارب الساعة إلى الحادية عشر ويعلم من مسيري النشاط عن المدى الزمني المحدد للحديث والمتمثل في ساعة يعقبها ما يسمح به الوقت من الاستيضاح أو التعقيب، فشمل حديثه التعريف بالمولد والعمر ومراحل الدراسة وأخيرا العمل وما اقتضاه من الإقامة دون أن ينسى الأسف الذي أبداه في معرض حديثه عن تضارب المصالح وما ترتب على وجوده من اضطراره إلى الاعتذار عن قبول إدارة واحدة من أهم المؤسسات الاستثمارية لما بدا له من استحالة القدرة على تحقيق ما يريده لها من التقدم عندما ظهر له من تأثير تضارب المصالح في بنيتها الإدارية من تضخم الأجهزة وربما سوء الاختيار ما جعل من ذلك الاعتذار أسلم الخيارات، وقد جاءت هذه الإشارة في معرض ترديده لعديد تضارب المصالح المستفحل في مجتمعنا على حد وصفه، والذي يبدو أنه قد ظل كمصطلح بتأثير النظام السابق عندما شاع التحسس من عبارات الدولة والحكومة فيما كانت السلطة تزداد قوة في جميع الممارسات ولا يختفي تأثيرها قليلا حتى يظهر أقوى من ذي قبل أضعافا مضاعفة، لقد ضرب المحاضر الكثير من الأمثلة الدالة على استفحال تضارب المصالح واستحالة أي تخلص من تأثيرها في ما يطلب من أداء بداية من بنك ليبيا ووزارة الخزانة أو المالية أي تسمية تسود، ومثل ذلك وزارة العدل والمحاكم والنيابات وبالأحرى النائب العام ومؤسسة النفط ووزارة البترول عندما أُعيدت، كل ذلك دون أن يهمل ما لديه عن تجارب الوطن العربي فضلا عن التعريفات القانونية المتوفرة لديه من خلال خبرته الطويلة وعمله في أكثر من هيئة دولية مكتفيا بما سمح له الوقت أن يأتي به، ليسمح لمن لديه ما يضيف أو يستوضح، فأدلى كلٌ بما لديه تجاه ما سمع، فوجدتني أتوفر على الكثير مما يمكن أن يُقال مدفوعا بالشخصي والعملي لتدفق مشاعري نحو المحاضر والتي ليس خارجها الدكتور علي عتيقة الذي ظهر في حياتنا آخر خمسينيات القرن الماضي وحوله تلك الرحلة العلمية والعملية التي تزامنت مع ما شاع من شك في كل ما هو أمريكي لتأثير الغلو القومي والذي طال المشتغلين في حقل تدريس التاريخ من مثقفي العرب الذين كان من بينهم أحمد صدقي الدجاني الذي عُرِفَ مدرسا بمعهد المعلمين المتوسط في تلك تلأيام، فاختار الحركة السنوسية موضوعا لإطروحته العلمية فلم يسلم من نار الغيرة والتي قُدِّرَ لي في وقت مبكر أن أنتبه إلى أسرارها ولا سيما في ستينيات القرن الماضي، عندما وجدت فرصة النشر مع ترؤس المرحوم حسين مازق للحكومة الليبية مما لا يتسع له الحديث الآن، فقصرت تعليقي في تحية المحاضر والعتب عليه في رفضه قبول إدارة الاستثمارات، إذ لو قبل لساهم في حسن الآداء وانتهج سلك والده الذي تقلد عديد المواقع ولم يمتطِ من السيارات غير البيجو (504) ولم يشارك في امتطاء السيارات التي تُشترى بمئات الآلاف، لتبقى مسألة المحاصصة التي رأى فيها ما ساعد على شيوع تضارب المصالح، أما المحاصصة التي يحاول البعض أن يحمّلها كل قصور، فعلى الرغم من سوئها، إلا أن الأسوأ هو استغلالها في تولية الإمعات والذين لا موقف لهم حتى وهم يعربون عن مطامعهم الشخصية، وتظل العودة إلى ما أثرت من أوكد ما يفرض سوء الحال وربما سوء المآل.



