
لازام علينا أنَّ نواكب كإعلاميين المتغيرات المتسارعة التي تطرأ على الساحة الإعلامية والتعلّم منها إذ إنها تُسهل العمل الإعلامي بإحترافية، وتتبع كل ذلك أسوة بدول العالم.
ومن صالح الإعلاميين أنَّ يكون لهم أدوات يتسلحون بها، لمواجهة التطور المذهل في هذا المجال الحيوي ، ولعل من أهمها «الصحف الإلكترونية» مرد ذلك لتسارع التكنولوجيا، واتجاه القراء إلى ذلك لعدم وجود الوقت الكافي لقراءة الصحف الورقية .
كل ذلك وغيره كان موضوع الملف.
في ضوء ذلك تبدو الحاجة ملحّة إلى رؤية واقعية جديدة لدور الصحافة الورقية. فالمسألة لم تعد مجرد صراع بين الورقي والرقمي، بل تتعلق بكيفية الحفاظ على جوهر العمل الصحفي القائم على التحقق والدقة والاستقصاء، بصرف النظر عن الوسيط المستخدم. وقد يكون الحل في تطوير نماذج أعمال جديدة، وتبني التحول الرقمي الذكي، وتوظيف الصحيفة الورقية كمنتج نوعي لا كمنصة يومية عاجلة، بحيث تصبح مرجعًا وتحليلاً ومعرفة معمقة، فيما يظل الفضاء الرقمي مساحة الخبر العاجل والتفاعل السريع، وهكذا، فإن مستقبل الصحافة الورقية لن يحدده فقط التطور التقني، بل قدرتها على إعادة تعريف وظيفتها في زمن تتغير فيه الوسائل، وتبقى الحاجة إلى المعلومة الموثوقة ثابتة.
وقالتْ أ. نجاح محمد رئيس تحرير مجلة «الليبية»
الصحافة الورقية مدرسة لأي عمل صحفي مهني الورق لا يُجامل حين يُنشر الخبر مطبوعًا، يصبح مسؤولية أخلاقية وتاريخية. لا زرّ حذف، ولا تعديل لاحق، ولا هروب إلى أسفل الشاشة. لهذا نشأت على الورق أقدس قواعد الصحافة: التحقق، التوازن، تعدد المصادر، وبناء السياق. هنا فقط يتعلّم الصحفي كيف يكتب لأنه يعرف، لا لأنه سبق غيره بثوانٍ.
تشبه الصحافة الورقية معرفة السباحة. لا يمكنك دخول البحر دون أن تُتقن أصول الطفو والتنفس والنجاة. كذلك الصحافة: لا يمكنك القفز إلى المنصات الرقمية دون أن تمتلك أساس الصياغة، وبناء الخبر، والتمييز بين الرأي والمعلومة. من لم يتدرّب على الورق، يظل معلقًا فوق السطح، تجرفه الأمواج مع أول عاصفة خوارزمية.
ليستْ مصادفة أنّ أعظم التحقيقات الاستقصائية في العالم خرجتْ من غرف تحرير ورقية. The New York Times لم تبنِ سمعتها على سرعة النشر، بل على الصبر في الوصول إلى الحقيقة. وThe Guardian ظلّت تُدرّس نموذج الصحافة المسؤولة، بينما جعلت Le Monde من الورق مساحة للفهم لا للاستهلاك. أما Financial Times، فقد ربطت النسخة الورقية بالثقة، والتحليل الذي لا يُقرأ على عجل. وفي حالة National Geographic، تحوّل الورق إلى وعاء للمعرفة الإنسانية والعلمية، وذاكرة بصرية للعالم.
الصحافة الورقية ليست ضد الرقمي، بل أعمق منه. الرقمي يُحدّثك عمّا يحدث الآن، أما الورقي فيُفسّر لك لماذا حدث، وماذا يعني، وإلى أين يقود. الأول يلهث خلف اللحظة، والثاني يُنقّب في المعنى. لهذا، فإن أخطر ما يواجه الصحافة اليوم ليس انحسار الورق، بل فقدان المعايير التي صاغها الورق.
ثمّة بعدٌ آخر لا يقل أهمية: التوثيق. الصحف الورقية أرشيف الدول والمجتمعات. منها يعود الباحثون، ومنها تُكتب الذاكرة الوطنية. ما يُنشر على المنصات قد يُمحى، يُحرّف، أو يضيع في زحام المحتوى، أما ما يُطبع فيبقى شاهدًا، حتى على أخطاء أصحابه.
إن الدفاع عن الصحافة الورقية ليس دفاعًا عن الماضي، بل عن مستقبل المهنة. هي القاعدة التي يُبنى عليها كل تطور، والمرجع الذي يعيد الصحافة إلى معناها الأول: خدمة الحقيقة لا خوارزميات الانتشار. قد تتغير الوسائط، وقد يتقلص عدد النسخ، لكن ستظل الصحافة الورقية هي البوصلة… ومن دون بوصلة، لا طريق مهما بلغت سرعة السفينة
وحول السؤال نفسه اجابت حميدة القمودي مدير تحرير صحيفة فبراير بالقول : إن التحول الرقمي سيقضي على الورقي هو قول متسرع لان الجديد في كل التجارب لا يولد من فراغ بل يبنى على القديم ويطوره لا يلعبه فلا جديد من دون قديم ولا تطور من دون جذور
وفي رأيي أن الصحافة الرقمية لا تلغي الورقية بل تكملها، وبالتالي فإن مستقبل الصحافة سواء ورقي أم رقمي لا يكمن في المفاضلة بل في دمجهما والاستفادة من مزايا كليهما
الورقي مطالب بتطوير الشكل والمحتوى والتركيز على الجودة والعمق بينما الرقمي يمكن أن يكون امتداداً للورقي ونافذة أكبر وأقرب في الوصول إلى جمهور متنوع، ومع هذا لا يمكن إنكار ان الصحافة الورقية تواجه اليوم تحديات وصعوبات ومنافسة شرسة مع المنصات الرقمية التي تمتاز بالسرعة والتحديث المستمر والتفاعل الفوري مع الجمهور، ولكن يظل لكل منهما مزاياها التي تتفوق بها عن الأخرى فكما أن الرقمية مناسبة للأخبار العاجلة والتغطيات اللحظية أو متابعة التطورات المتلاحقة تظل الورقية مصدرًا للتوثيق ورمزًا للمصداقية والرصانة في زمن كثرت فيه الأخبار الزائفة والمحتويات المضللة.
أ. محمد الصريط
قال التحديات التى تواجه الصحافة فانا ضد أن تكون هناك عوائق، أو تحديات تواجه الصحافة الورقية فالتطور اصبح يمشي جميع مخلوقات الله على الأرض فكل شيء فى الدنيا يتم تغيره بعد فترة من الزمان وهذا امر طبيعي جدا ولابد أن يواكب صناع الصحافة هذا التطور لم تعد الصحافة الورقية بنسبة 100%0تقلص وتتجه بحكم الزمن فى الصحافه الورقية إلى صحافة الموبايل وصحافة النوافذ الألكترونية وبالتالى نفس المجموعة الإعلانية وهى نفس الطريقة الصحفية الذي يشتغل فى الصحافه الألكترونية أو صحافة الموبايل وارى ذلك تطور زمنى لا بد أن نواكبه وهو عباره عن تطور زمنى لابد أن نواكبه كصناع لهذه المهنه ومن سيتاثر هو من يقف تمام هذا التطور من رؤساء أو صحفين الذين يبقون جامدين ومن يطور من نفسه سيواكب هذا التطور هذا التقدم ومن يجلس خلف العربه سيبقى جامد وخشبي ويندثر وينتهى مع فى أقرب وقت لأن الزمن لن يرحمه فى هذه المهنة وفى هذا التطور
د. عادل المزوغي
الصحافة الورقية اليوم تواجه معركة وجود حقيقية .. ليس فقط في ليبيا بل في العالم أجمع .. الثورة الرقمية احدثت زلزال في طرق استهلاك المعلومات.. هذا وضع الحبر والورق في مواجهة مباشرة مع الشاشات والبيانات اللحظية.. وهذا شكل تحديات كبيرة أمام صمود الصحافة الورقية .. لا تقتصر الأزمة على «عزوف القراء» فقط، بل هي منظومة متكاملة من الضغوط.. منها عامل السرعة والوقت فالوقت الذي تحتاج فيه الصحيفة الورقية 24 ساعة للصدور.. تنشر المواقع الإلكترونية الخبر في ثوانٍ .. وهذا جعل الصحيفة الورقية تبدو كأنها «أرشيف للأمس» وليس مصدراً للخبر.. العامل الاخر النايف التشغيلية الباهظة.. حيث ارتفعت أسعار الورق، الحبر .. وخدمات الطباعة بشكل جنوني .. بالإضافة إلى تكاليف التوزيع والخدمات اللوجستية التي تجعل الربحية أمرا شبه مستحيل .. كما أن المحرك الرئيس للصحافة الذي هو الإعلان ..حالياً .. وصل الى مراحل متدهورة فالشركات تفضل الإعلان عبر منصات التواصل الاجتماعي «Facebook» وغيرها .. لضمان وصول أدق وتكلفة أقل بدل الصحف الورقية . مما حرم الصحف الورقية من موردها المالي الأساسي.. كما ان هناك عاملًا وهو تغير نمط القراءة .. فالجيل الجديد يفضل «المحتوى السريع» «الكبسولة الإخبارية» المدعوم بالفيديو والصور التفاعلية .. وهو ما لا توفره الصفحات الورقية.. رغم أن كثيرًا من الصحف في العالم أدخلت تقنية الواقع المعزز .. لدعم الصحف الورقية وتعزيز قراءتها لكنها فشلت في ذلك.. صحيح ان هناك خططًا لإنقاذ الصحافة الورقية لكن ذلك فيما اتصور مجرد حرث في البحر..
على صحافة الورق الاستسلام لتسارع التقنية واتجاه القراء إلى التقنية..
ورغم هذه القتامة.. هناك محاولات دولية وعربية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه عبر استراتيجيات ذكية.. منها التحول من الخبر الى التحليل .. بما أن الخبر صار متاحاً للجميع ..تراهن الصحف الورقية الناجحة الآن على «صحافة العمق»، أي التحقيقات الاستقصائية.. المقالات التحليلية ..والتقارير المطولة التي لا يجدها القارئ في «تويتر» أو «فيسبوك».
كما أن هناك محاولات لدمج المؤسسة الورقية مع منصة رقمية قوية ..حيث يمول الموقع الإلكتروني بقاء النسخة الورقية كواجهة توثيقية فقط.. أو مرجع تاريخي ونخبوي.
ومن المحاولات لدعم صحافة الورق تقديم محتوى حصري ومميز جداً لا يقرأه إلا المشترك.. نظام صحافة الاشتراكات.. مما يخلق قيمة مضافة للورق.
أما بالنسبة لليبيا فالتحديات مضاعفة، فالوضع يأخذ طابعاً أكثر تعقيداً بسبب الظروف السياسية والاقتصادية.. فالانقسام السياسي والمؤسساتي جعل توزيع الصحف بين المدن الليبية «شرقاً وغرباً وجنوباً» أمراً غاية في الصعوبة والمخاطرة .. كما المطابع الكبرى في ليبيا عانت ولاتزال من الإهمال أو نقص قطع الغيار ومواد التشغيل المستوردة بالعملة الصعبة.. مما أدى لتوقف الكثير من الصحف.. وبسبب سرعة الأحداث السياسية في ليبيا.. لجأ المواطن الليبي لصفحات «الفيسبوك» الإخبارية كبديل أساسي، رغم ما يشوبها من أخبار زائفة..باحثاً عن السرعة التي افتقدها في الصحف الورقية التي قد تصل متأخرة أو لا تصل أصلاً.
كما أن الدعم الحكومي الموجه للصحافة المطبوعة تراجع بشكل كبير مع غياب سوق إعلاني ليبي منظم يدعم الاستمرارية .. جعل الصحفي الليبي يفضل العمل في القنوات الفضائية، أو المواقع الإخبارية.. أو يتجه إلى مجالات عمل أخرى بعيدًا عن مهنة المتاعب . كما أنّ الصحافة الورقية في ليبيا باتت تقتصر على بعض الإصدارات الحكومية المحدودة، أو المجلات المتخصصة .. بينما اختفت «صحافة الرصيف» التي كانت تميز الشوارع الليبية في فترات سابقة.
الصحافة الورقية هل ستموت؟ يبدو أنها لن تختفي تماماً، لكنها ستتحول من «وسيلة جماهيرية» إلى «منتج نخبوي» يشبه اقتناء الكتب الفاخرة أو الأسطوانات الموسيقية القديمة.. البقاء سيكون لمن يستطيع تقديم «المعنى» خلف الخبر، وليس الخبر نفسه.. وصحافة التقنية الحديثة.. في نهاية المطاف ستلغي صحافة الورق للأسف.
وكان لنا لقاء مع أ. محمد الخمسي الصعوبات التي تواجهها طباعة الصحف الورقية
ارتفاع أسعار مواد التشغيل مثل : الورق، والأحبار، ولوحات الزنك، والمواد الكيميائية الخاصة بها.
قلة الكميات المطبوعة نتيجة عدم وجود مراكز توزيع وأغلبها قامت بتغيير نشاطها.
«السوشيل ميديا» سببت عزوف المتلقي عن الصحف المقروءة في السابق كانت هنالك اشتراكات من بعض الشركات النفطية وأغلب الجهات العامة ولكن حالياً ورغم مخاطبتنا لهذه الجهات لأكثر من مرة ولكن للاسف لا يوجد تجاوب اغلب الجهات الموردة لمواد التشغيل اصبحة متخوفة من التعامل مع الجهات الحكومية لعدم انتظام التدفقات المالية من وزارة المالية
وأضاف الخميسي: عملية توزيع الصحف داخل ليبيا تحتاج إلى وسائل نقل لكي نتمكن من التوزيع وحالياً غير متوفرة.



