عُدتُ مرارًا وتكرارًا من روتين الموت اليومي , أعانق الجدار العنصري في زمام مدينتي الحزينة ذات أجنحة كهربائية شائكة , جُئت أبحث عن وطن أمن لي , بين الأشلاء المبعثرة من تحت ركام البيوت , ومن تصاعد رائحة اللحوم البشرية , والقبور المرصوصة على أرصفة طريق المُشاة .
بالأمس لم أنم سوى بضع دقائق عابرة كلمح البصر , فزعت من تلك الزنانة التي تنهش السماء والأرض , تُفجر بصوتها على أناس لا حول لهم ولا قوة ,استطلاعات حربية متكررة , مشاهد من القيامة , الفزع الأكبر , تلك الحرب المجنونة .
هُنا في فلسطينيتي الصغيرة , استباحت الدماء على أنظار تلك الحكام , ولقاءات الغرب في بلادي المحتلة , والمصافحات للمستعمر الغربي الذي لم يلبث هنا سوى بضع سنوات عجاف تتملق على أجسادنا.
اعتدت على عناق أمي في عودتي من المدرسة الثانوية , وتوبيخها لي على بعثرت الخزانة , وأوراقي في كل زوايا الغرفة , وعلى تلك الطعام الذي تركته على الطاولة في الإفطار وذهبت إلى عالمي الصغير .
ولكن لم أجد ,
البيت …
ولا عائلتي …
ولا خزانتي …
وقفت على ركام ذاك البيت المُحطم , الدمع يتكور على وجنتيه .. أرثي عائلتي، وتلك البيت، وأمتي الإسلامية التي تشاهدني على بعد أمتار .