رأي

سمِعْنا‭ ‬فأسمَعْنا‭ ‬وللمُتلقِّي‭ ‬رأيه

أمين‭ ‬مازن

عندما‭ ‬اكتفيت‭ ‬بالإصغاء‭ ‬إلى‭ ‬جملة‭ ‬الأوراق‭ ‬المُقَدَمة‭ ‬للحوارية‭ ‬التي‭ ‬انتظمت‭ ‬يومي‭ ‬الثالث‭ ‬والرابع‭ ‬من‭ ‬نوڤمبر‭ ‬حول‭ ‬تجربُتِي‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الذين‭ ‬تفضلوا‭ ‬بها‭ ‬مشاركين‭ ‬أو‭ ‬معلقين،‭ ‬ولم‭ ‬أزد‭ ‬على‭ ‬شكر‭ ‬الجميع‭ ‬وتوكيد‭ ‬مسؤوليتي‭ ‬الشخصية‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬ترغيب،‭ ‬أو‭ ‬ترهيب‭ ‬كنتُ‭ ‬أعني‭ ‬قولي‭ ‬بكل‭ ‬الصدق،‭ ‬وقد‭ ‬دفعني‭ ‬بالذات‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬متعلقًا‭ ‬بالمقالة‭ ‬إلى‭ ‬الحد‭ ‬الذي‭ ‬جعلني‭ ‬أختار‭ ‬من‭ ‬العناوين‭ ‬‮«‬معارك‭ ‬اليوم‮»‬،‭ ‬فأجمع‭ ‬داخله‭ ‬المتيسر‭ ‬من‭ ‬المشاركات‭ ‬التي‭ ‬طالما‭ ‬ألقيتها‭ ‬في‭ ‬عديد‭ ‬المواسم‭ ‬التي‭ ‬حضرتها‭ ‬مُلبيًا‭ ‬للدعوات‭ ‬التي‭ ‬تلقيتها،‭ ‬أو‭ ‬التي‭ ‬أشرفتُ‭ ‬على‭ ‬تخطيطها‭ ‬والدعوة‭ ‬لها،‭ ‬وحملت‭ ‬المسؤولية‭ ‬حولها‭ ‬بدايةً‭ ‬من‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬الميدان‮»‬‭ ‬الأسبوعية‭ ‬عندما‭ ‬انطلقت‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬الرابع‭ ‬والستين‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬تنفيذًا‭ ‬لحكم‭ ‬المحكمة‭ ‬العليا،‭ ‬وكنت‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬المساهمين‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬أول‭ ‬عدد‭ ‬وحتى‭ ‬قفلها‭ ‬عقب‭ ‬سبتمبر‭ ‬69‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يتجاوز‭ ‬الشهرين‭ ‬واضطرار‭ ‬مؤسسها‭ ‬وصاحبها‭ ‬المرحوم‭ ‬فاضل‭ ‬المسعودي‭ ‬لمغادرة‭ ‬البلاد‭ ‬متسللا‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬تونس‭ ‬ليعيش‭ ‬غريبا‭ ‬حتى‭ ‬الأشهر‭ ‬الأخيرة‭ ‬التي‭ ‬تلت‭ ‬السابع‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬فبراير‭ ‬وسقوط‭ ‬نظام‭ ‬سبتمبر،‭ ‬ففي‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬الشهيرة‭ ‬تحددت‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬هويتي‭ ‬الفكرية‭ ‬وأداءاتها‭ ‬التعبيرية‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬المقالة‭ ‬بشقيها‭ ‬الأدبي‭ ‬المنشغل‭ ‬بالنص‭ ‬السردي‭ ‬والشعري،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬السياسي‭ ‬المهتم‭ ‬بالشأن‭ ‬العام،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬جعله‭ ‬يحتاز‭ ‬على‭ ‬إعجاب‭ ‬البعض‭ ‬ويصطدم‭ ‬في‭ ‬أحيان‭ ‬كثيرة‭ ‬مع‭ ‬البعض‭ ‬الآخر‭ ‬ممن‭ ‬انزلقوا‭ ‬أحيانا‭ ‬إلى‭ ‬الخلط‭ ‬بين‭ ‬الخلاف‭ ‬والاستعداء،‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬الحقب‭ ‬التي‭ ‬تلت‭ ‬سبتمبر‭ ‬69‭ ‬عندما‭ ‬آثرنا‭ ‬الابتعاد‭ ‬عن‭ ‬صراع‭ ‬شركاء‭ ‬الفاتح‭ ‬فلم‭ ‬نُشيطن‭ ‬الذين‭ ‬رفعوا‭ ‬شعار‭ ‬العصيان‭ ‬ولم‭ ‬نصفق‭ ‬لمن‭ ‬أفلح‭ ‬في‭ ‬اقتطاف‭ ‬الثمرة‭ ‬وإن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬لا‭ ‬مفر‭ ‬من‭ ‬مسايرة‭ ‬من‭ ‬امتلك‭ ‬القرار‭ ‬ولو‭ ‬بالحد‭ ‬الأدنى،‭ ‬فبقِيَت‭ ‬المقالة‭ ‬خير‭ ‬ما‭ ‬يحمل‭ ‬المشاركة‭ ‬الأدبية‭ ‬على‭ ‬هيئة‭ ‬حديث‭ ‬يُذاع‭ ‬أو‭ ‬مقال‭ ‬يُنشر‭. ‬هي‭ ‬نصوص‭ ‬أمكن‭ ‬الدفع‭ ‬بها‭ ‬تجاه‭ ‬الطباعة‭ ‬بالكتب‭ ‬التي‭ ‬أوجبت‭ ‬المرحلة‭ ‬طباعتها‭ ‬على‭ ‬هيئة‭ ‬كتب‭ ‬ضمن‭ ‬سلاسل‭ ‬دورية‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬الفترة‭ ‬التي‭ ‬تلت‭ ‬أبريل‭ ‬73‭ ‬وقد‭ ‬وُجِدَ‭ ‬بينها‭ ‬مجتمعة‭ ‬المنظور‭ ‬الجامع‭ ‬بين‭ ‬الهم‭ ‬الوطني‭ ‬وشيء‭ ‬من‭ ‬المنحى‭ ‬الإنساني‭ ‬دون‭ ‬تجاهل‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يحمل‭ ‬عناوين‭ ‬الفكر‭ ‬القومي،‭ ‬مما‭ ‬شجع‭ ‬بعض‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬الحقل‭ ‬الجامعي‭ ‬على‭ ‬اختيارها‭ ‬مشاريع‭ ‬تخرج‭ ‬وفي‭ ‬وقتٍ‭ ‬لاحقٍ‭ ‬رسائل‭ ‬تأهيل‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬عقب‭ ‬إنجاز‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬المشروع‭ ‬السيروي‭ ‬الذاتي‭ ‬أو‭ ‬مناقشته‭ ‬عند‭ ‬بعض‭ ‬الذين‭ ‬ضمهم‭ ‬هذا‭ ‬الدرب‭ ‬واتسع‭ ‬لهم‭ ‬بالضرورة‭ ‬العمر‭ ‬واتساع‭ ‬التواصل‭ ‬وحاجة‭ ‬العهد‭ ‬إلى‭ ‬الممكن‭ ‬من‭ ‬الكوادر‭ ‬واشتداد‭ ‬المنافسة‭ ‬بين‭ ‬السلطات‭ ‬وقادتها‭ ‬إلى‭ ‬المباهاة‭ ‬بمن‭ ‬يتصدر‭ ‬الساحات‭ ‬من‭ ‬الأعلام،‭ ‬وعندما‭ ‬يعلن‭ ‬عن‭ ‬اعتزام‭ ‬طبع‭ ‬ما‭ ‬أُلقِيَ‭ ‬في‭ ‬كتابٍ،‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬خير‭ ‬ما‭ ‬يُحتكَمُ‭ ‬إليه‭ ‬حول‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬ما‭ ‬قُدِّمَ‭ ‬في‭ ‬محله‭ ‬أو‭ ‬دون‭ ‬ذلك‭. ‬وأخيرا‭ ‬سمِعْنا‭ ‬فأسمَعْنا‭ ‬وللمُتلقِّي‭ ‬ما‭ ‬يريد‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى