اجتماعي

راتب لا يكفي…

● فائزة العجيلي


كان سالم يقف أمام بائع الخضار في أحد أسواق طرابلس، يعد النقود في يده أكثر من مرة قبل أن يضع بعضها جانبًا ويتنازل عن شراء الفواكه . قال بابتسامة باهتة: ( خلاص… خليه اليوم) . سالم موظف حكومي وأب لثلاثة أطفال، لكن راتبه الشهري ينتهي قبل أن يبدأ الشهر، تاركًا خلفه شعورًا بالعجز والقلق.
الفقر لم يعد حكراً على العاطلين عن العمل، بل أصبح واقعًا يعيشه موظفون، متقاعدون، وأسر كانت تعيش حياة مستقرة حتى وقت قريب. أسعار المواد الأساسية تتصاعد يوميًا، والرواتب ثابتة أو تتآكل أمام التضخم، ما يجعل الحياة اليومية صراعًا مستمرًا. الكهرباء، الوقود، الإيجار، الدواء… كلها مصاريف تتراكم بلا رحمة، ويصبح السؤال البسيط كيف نكمل الشهر؟ عبئًا نفسيًا لا يقل عن ثقله المالي.
ورغم كل هذا، يصر المواطنون على الصمود، يلجأون إلى التضامن المجتمعي، والجيران، والمبادرات الصغيرة، التي تقدم الدعم الغذائي أو فرص عمل مؤقتة. لكن الخبراء يحذرون: إذا لم تتخذ الدولة إجراءات عاجلة لرفع مستوى المعيشة وتحسين التخطيط الاقتصادي، فإن الفقر سيزداد، وستنهار الطبقة المتوسطة، وستتفاقم الهجرة والاعتماد على الدعم الخارجي.
قصة سالم ليست استثناء، بل انعكاس لمعاناة آلاف الليبيين. الفقر وغلاء المعيشة ليس مجرد أرقام في تقارير، بل وجوه وأسماء وحكايات يومية، تستحق أن يسمعها الجميع، وأن تتحرك من أجلها السياسات والإجراءات الحقيقية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى