
يستعد العالم لاستقبال عام جديد، وبينما تضاء العواصم بالألوان، يشتعل في مجتمعنا نقاش يتجاوز مجرد «احتفال» ليصبح معركة سنوية حول الهوية والتبعية. فبين مؤيد يراها مناسبة للتفاؤل وتجديد الروح، ومعارض يراها خروجاً عن الموروث وتشبهاً بالغير فإذا أردنا انتقاد الاحتفال بحجة أنه «سنة النصارى»، ألا يجدر بنا منطقياً أن نرفض تأريخ أعمارنا ووثائقنا الرسمية به؟ أم أننا ننتقي من «الحداثة» ما يسهل معاملاتنا، ونحارب منها ما يمنحنا لحظة من الفرح؟
المفارقة الكبرى التي يواجهنا بها الواقع، هي أننا نعيش «ميلادياً» بامتياز. فمن لحظة استخراج شهادة ميلادنا، إلى تواريخ رواتبنا، وعقود عملنا، ومواعيد سفرنا، وحتى تاريخ انتهاء صلاحية أدويتنا؛ كل تفاصيل حياتنا الدقيقة مضبوطة بـ «التقويم الميلادي». نحن لا نستخدم التاريخ الهجري إلا في الشعائر الدينية الموسمية، ومع ذلك، يقف الكثيرون موقف العداء من «ليلة» تنتمي لتقويم ينظم 365 يوماً من حياتهم.السؤال الذي يطرح نفسه ؟إذا كنا نرفض الاحتفال، فلماذا نعتمد تاريخه مرجعاً وحيداً لأعمارنا وإنجازاتنا؟
ولماذا يتقبل المجتمع التاريخ الميلادي كـ «رقم» في الأوراق الرسمية، ويرفضه كـ «فرحة» في ليلة عابرة؟
في هذا الاستطلاع نغوص في عمق هذا التباين ونسأل الشارع هل الاحتفال بالسنة الجديدة هو مجرد مواكبة لتقويم يحكم حياتنا؟ ويجعله يثير كل هذا الانقسام رغم أنه المؤرخ الرسمي لكل شؤوننا.
بدايتنا/كانت مع
ليلى القريتلي
أشرتي في سؤالك إلى نقطة جوهرية، وهي أن التقويم الميلادي هو المعتمد في المعاملات، الرواتب،والمواعيد الرسمية ومع ذلك يمتنع الكثيرون عن الاحتفال به السبب.الارتباط الديني واللعقائدي وان الاحتفال
البعض أن المبالغة في الاحتفال برأس السنة الميلادية هو نوع من «التبعية الثقافية» للغرب، ويفضلون التمسك بالتقويم الهجري كرمز للهوية الإسلامية والعربية، حتى وإن كان التعامل اليومي بالميلادي. أصبحت احتفالات رأس السنة تعتمد بشكل كبير على الاستهلاك «حفلات مكلفة، مطاعم، هدايا»، مما يجعلها عبئاً مادياً يفضل الكثيرون تجنبه.
المجتمعات تعيش حالة من الواقعية العملية فهي تستخدم التاريخ الميلادي لتنظيم حياتها لأنه نظام عالمي موحد للعمل .
فالتاريخ الميلادي: هو وسيلة لضبط الوقت والعمل.والاحتفال: هو فعل يعبر عن انتماء عقائدي أو شعور بالفرح لا يستشعره الجميع تجاه هذا اليوم.وعدم الاحتفال ليس بالضرورة رفضاً للتاريخ نفسه، بل هو تعبير عن اختلاف في المرجعية الثقافية والدينية، ورغبة في الحفاظ على خصوصية الأعياد الخاصة بكل مجتمع
.
مفيدة الورفلي
موضوع الاحتفال برأس السنة الميلادية من المواضيع التي تتكرر كل عام، وهو يعكس تنوع الثقافات والقناعات الشخصية والاجتماعية. وجهة نظري تاريخ مؤرخ في حياتنا من الناحية التنظيمية والزمنية.
هناك من يراها مناسبة عادية والبعض الآخر يراها مناسبة دينية أو ثقافية:
أصبحت السنة التقويم العالمي الذي يضبط مواعيد العمل، الدراسة، السفر، والمعاهدات الدولية. مبرراتهم تشمل
بداية جديدة يُنظر إليها كمحطة لمراجعة الذات ووضع أهداف جديدة و هي فرصة للاجتماع مع العائلة والأصدقاء في وقت يكون فيه أغلب العالم في حالة عطلة الكثيرون لا يحتفلون بها كعيد ديني، بل كحدث زمني بحت يخص «الزمن» وليس «المعتقد غالباً ما تنبع المعارضة من منطلقات دينية أو رغبة في الحفاظ على الهوية، ومن أسبابهم:الارتباط الديني والبعض يرون جذور هذا التقويم مرتبطة بمناسبات دينية مسيحية «مثل أعياد الميلاد»، وبالتالي يفضلون الاكتفاء بالمناسبات الإسلامية «كعيد الفطر والأضحى». وان المبالغة في الاحتفال بها هي نوع من «التبعية الثقافية» والغفلة عن التقويم الهجري الذي يمثل الهوية الإسلامية والعربية.
عبدالسلام اشطيبة
موضوع الاحتفال برأس السنة الميلادية من المواضيع التي تتكرر سنوياً، وهناك تمايز دقيق يوضحه العلماء والمشايخ بين «التعامل بالتقويم» كأداة تنظيمية، وبين «الاحتفال» كشعيرة أو مناسبة دينية
الفرق بين «التأريخ» و«الاحتفال»
يرى أغلب العلماء أن استخدام التاريخ الميلادي في المعاملات اليومية، الرواتب، والمواعيد هو أمر من باب «المصالح المرسلة» والحاجة الحياتية، ولا حرج فيه شرعاً لأنه مجرد وسيلة لحساب الوقت.
التأريخ: حاجة دنيوية لتنظيم الأمور مع العالم.
الاحتفال: يُنظر إليه كفعل تعبدي أو مشاركة في شعائر دينية لغير المسلمين، وهنا يكمن التحفظ.
الآراء الفقهية السائدة
تنقسم آراء المشايخ عموماً إلى اتجاهين رئيسيين:الاتجاه الأول «المنع»: يرى فريق كبير من المشايخ أن الاحتفال برأس السنة الميلادية غير جائز.والأسباب: الاستناد إلى حديث النبي: «من تشبه بقوم فهو منهم»، واعتبار أن للمسلمين عيدين فقط «الفطر والأضحى». ويرون أن الاحتفال فيه إقرار لرموز دينية لا تتفق مع العقيدة الإسلامية.الاتجاه الثاني يرى بعض العلماء مثل مصروبعض علماء الشام والمغرب) أن التهنئة أو الفرح بقدوم عام جديد جائز بشرط أن تخلو من المحرمات.لأسباب: يعتبرونها مناسبة اجتماعية ووطنية وليست دينية بالضرورة، وأنها فرصة لنشر السلام والمودة، طالما أن الشخص لا يقصد بها تعظيم شعائر دينية لغير المسلمين.
أحمد السنوسي
. لماذا التحفظ رغم أنها «تاريخ حياتنا»؟ المشايخ الذين يميلون للمنع سبب رفضهم للاحتفال رغم استخدامهم للتاريخ:: الحفاظ على الاستقلالية الثقافية والهوية الإسلامية المرتبطة بالتقويم الهجري.
الارتباط الديني: رأس السنة الميلادية مرتبط في أصله بذكرى دينية «ميلاد المسيح عليه السلام وفق المعتقد الغربي»، والاحتفال بها قد يُفهم كنوع من المشاركة في هذا المعتقد.
و الكثير من المشايخ يرفضون الاحتفال بسبب ما يصاحبه من مخالفات شرعية «في بعض التجمعات» وليس لمجرد فكرة «السنة الجديدة».
استخدام التاريخ جائز ومباح للحاجة والمصلحة.
التهنئة محل خلاف «بين التحريم وبين الإباحة من باب البر والإحسان».
إقامة الحفلات يميل أغلب المشايخ إلى تجنبها حفاظاً على الهوية الإسلامية.
يفرق العلماء دائماً بين «المعاملة الحسنة» مع الآخرين وبين «الموافقة في الأعياد»، فالمسلم مأمور بالبر والقسط، لكنه مأمور أيضاً بالاعتزاز بخصوصيته الدينية.
سالم الفقهي
أعتقد أن الاحتفال بقدوم السنه الجديدة ترويح عن النفس عائليا وتجديد الأمل مع بداية عام جديد. واعتبره فصلاً بين مرحلة زمنية انتهت وأخرى بدأت، ومناسبة لجمع العائلة والأصدقاء.
بينما هناك اناس متحفظون لا يقيمون حفلات صاخبة، لكنهم يستخدمون التاريخ للمراجعة الذاتية ووضع «أهداف السنة الجديدة».
وهناك اناس يرفضون المشاركة في أي مظاهر احتفالية بناءً على قناعات دينية أو رغبة في الحفاظ على الهوية الثقافية الخاصة.
احلام التاجوري
تكمن نقطة الجدل التي ذكرتيها في كيف نرفض شيئاً ننظم به مواعيدنا، رواتبنا، ومعاملاتنا الرسمية؟ الرافضون يفرقون بين «الاعتراف بالتقويم» وبين «الاحتفال بالمناسبة وان التاريخ الميلادي في العمل أو الدراسة هو ضرورة إدارية وتنظيمية للحياة الحديثة «مثل استخدام اللغة الإنجليزية في العلم»، لكن هذا لا يعني بالضرورة تبني الأبعاد الثقافية أو الدينية المرتبطة ببداية هذا العام.وان الحفاظ على الهوية: يخشى الكثيرون من «الذوبان الثقافي». بالنسبة لهم، الاحتفال برأس السنة الهجرية أو المناسبات الوطنية هو ما يعزز الهوية، بينما يعتبرون الاحتفال برأس السنة الميلادية تقليداً لا يشبه جذورهم.والبعض الاخر
يربط هذه الاحتفالات بجذور تاريخية أو دينية لا تتوافق مع معتقداتهم، وبالتالي يفضلون التعامل مع اليوم كـ «يوم عادي» جداً لا يتميز عن غيره إلا في الورق الرسمي.هناك تناقض كبير في نظرت الناس الي نهاية السنة الجديدة
أسامه الأعوج
يتعايش الرافضون مع هذا التاريخ لكن رفضهم لا يعني «إنكار وجود اليوم»، بل يعني عدم إعطائه صبغة احتفالية.
يُستخدم التاريخ الميلادي بشكل طبيعي في العقود، المواعيد، والعمل و قضاؤها كأي ليلة عادية: نوم مبكر، أو ممارسة الأنشطة اليومية المعتادة.التهنئةيكتفي البعض بعبارات عامة مثل «سنة خير على الجميع» دون المشاركة في طقوس الاحتفال.فالحقيقة أن الناس لا يرفضون التاريخ كـ «أرقام» تنظم حياتهم، بل يرفضون «الرمزية» التي يحملها الاحتفال. بالنسبة لهم، النجاح أو التغيير لا يرتبط بيوم 1، بل بالعمل المستمر طوال العام.
سالمه أحمد بنور
بخصوص الاحتفال بالسنه الجديدة مابين مؤيد ومعارض رغم انه هذا الاحتفال تاريخيه مؤرخ بحياتنا لذلك لماذا ينتقض بعضهم الاحتفال بدخول السنة الجديدة ويحتفلون بااعياد ميلاد ابنائهم والتاريخ مؤرخ لان معظم مناسباتنا تحسب بالتاريخ مسألة الاحتفال برأس السنة الميلادية جدلاً يتكرر في كل عام، وهو جدل يخلط عادةً بين الأبعاد الدينية والاجتماعية، والمنطقية.
رغم أن التاريخ الميلادي هو المعتمد عالمياً وفي أغلب المعاملات الرسمية،
اكرام احتاش
أن المعارضين يستندون في الغالب إلى اسباب منهاالبُعد الديني الارتباط بالعقيدة و أن رأس السنة الميلادية مرتبط في أصله بمناسبات دينية لغير المسلمين، ويعتبرون المشاركة فيه نوعاً من «التشبه» أو إقراراً لطقوس لا تنتمي لثقافتهم.فالموقف من «الاحتفال» كفعل: يفرق البعض بين استخدام التاريخ كأداة تنظيمية للوقت «وهو أمر ضروري» وبين الاحتفال به كشعيرة، حيث يرون أن الاحتفال يضفي صبغة قدسية أو أهمية لا يراها هؤلاء مشروعة.فالعادات المصاحبة يرفضها البعض بسبب المظاهر التي قد تصاحبه في بعض الأماكن مثل الصخب الشديد أو السلوكيات الغريبة عن مجتمعهم فيعممون الرفض على المبدأ نفسه.
لماذا يحتفلون بأعياد الميلاد الشخصية ويرفضون رأس السنة؟
الخصوصية مقابل العمومية يُنظر إلى عيد ميلاد ابنه كحدث «عائلي خاص» يعبر عن الفرح بنعمة وجود طفل، بينما يُنظر لرأس السنة كعيد «عام» له جذور تاريخية ودينية عالمية.والسبب غياب البعد العقدي: يعتقد الكثيرون أن الاحتفال بميلاد شخص لا يحمل دلالة دينية، بينما يعتقدون أن رأس السنة يحملها، لذا يشعرون «بأمان شرعي» أكبر في الاحتفال الخاص.وان العاطفة الأبوية: العاطفة تجاه الأبناء غالباً ما تتغلب على القواعد الصارمة؛ فالرغبة في إسعاد الطفل تجعل الوالدين يتجاوزون تحفظاتهم تجاه فكرة «الاحتفال السنوي».:
محمد زائد
بما أننا نسجل مواليدنا، وعقود عملنا، وإنجازاتنا بالتاريخ الميلادي، فمن المنطقي اعتبار نهاية دورة زمنية وبداية أخرى «سنة جديدة» فرصة للتفاؤل ومراجعة الذات. مناسبة اجتماعية عالمية يراها الكثيرون مناسبة إنسانية تهدف لنشر السلام والفرح، بعيداً عن أي صراعات أو أبعاد دينية قديمةوجهةنظري الأساسيه السنه الجديدة مناسبة للتفاؤل وبداية صفحة جديدة.التاريخ جزء من تنظيم حياتنا اليومية.



