إجتماعي

‎الكتابة على الجدران.. عمل تخريبي ام بوح انساني بدوافع نفسيه

 

 

في الصغر كانت الأمهات تمنع الاطفال من الكتابة على جدران المنازل ويوبخ الطفل الممارس للسلوك لان النظرة الغالبة أن هذا السلوك خاطيء وانه ممارسة سيئة اما ما الذي يدفع الطفل لترك الورق وتكرار عمله على جدران المنزل رغم التوبيخ لا أحد يعرف عمق دوافع ولان الصغير يكبر ومع كبره تكبر حاجاته للبوح والتنفيذ ظهرت أشكال الكتابة بنمط اكثر تعبيرا وترتيبا عن الحالات التي يمر بها أو يحبها أو يستهجنها

كثيرة هي الدوافع التي تقود الإنسان إلى التعبير؛ يأتي في مقدمتها دافع التعبير عن الذات. وفي مجتمعات يغلب عليها طابع التحفظ على المشاعر كمجتمعنا العربي، ويتوه الإفصاح في منعطفات التقاليد والأعراف فيها، لم يزل التعبير عن بعض المشاعر، كالحب مثلا، نوعا من «العيب» أو المحظور، فنتجت أنواع مختلفة من طرق التعبير تماما كما نتج عن الظلم والاستبداد ظاهرة الكتابة على الجدران. ولم يمنع تعدد الوسائل الحديثة كمنصات التواصل الاجتماعي وتنوعها من اختفاء هذه الظاهرة لتكون بديلا حديثا للتعبير عن المشاعر، بل أصبحتأي المنصاتنافذة جديدة لنشر ما يُرسم على الجدران، كنوع من أنواع التعبير على المألوف واستدعاء حالة شعورية مشابهة، حتى إن هناك من يؤكد أنها ظاهرة لن تنتهي حتى مع ظهور «السوشال ميديا

 

 

 

‎ما نشهده على الجدران العامة من كتابات بخطوط عشوائية هي نوع من أنواع التنفيس عن هذا الكبت؛ فالأحلام والرغبات والحريات التي سُلبت لم يجد الشباب لها مأوى إلا على صفحات الجدران لتشكل حالة اجتماعية لا يمكن إنكارها في جميع المجتمعات، وعلى رأسها المجتمعات العربية.

‎وبين قبول ورفض لهذه الظاهرة يرى البعض أن الكتابة على الجدران عبارة عن حالة فنية لا تخلو من الإبداع، ويصف من يكتب على الجدران بأنهم «خلقوا حالة خاصة من التعبير الإيجابي، فيه خلق لموضوع بصري حديث».

‎كما يرى أالبعض الآخر ن الكتابة على الجدران تؤخذ على محملين؛ أولهما التعبير عن المشاعر والأفكار التي تعود للشخص كفرد ترجع آثار هذا التعبير إلى ذاته، وثانيهما أنها وسيلة تواصل مع المتلقين من أفراد المجتمع، وهذا ما يُعرف بالمشاركة الوجدانية فالقدرة على مشاركة الناس فيما يحسون به من فرح أو حزن عامل مهم من العوامل التي تمكن الفرد من ملاءمة نفسه في البيئة التي يعيش فيها

‎ولأن الكتابة على الجدران ناتج عن المجتمع ويعبر عنه فهو يشكل مصدر إلهام لكثير من أفراد المجتمع سواء الفنان منهم أو الإنسان العادي.

‎لا تزال الكتابة على الجدران موضع نقاش فكري بين من يعتبره فنا يعبر عن حالة جمالية ذات معنى، وبين من يعتبره تخريبا للممتلكات العامة و»فوضى» تخلو من أي قيمة جمالية. وفي حين يعتبر البعض الاخرأن الكتابة على الجدران «فن» تزداد قيمته إذا تحول إلى شيء أيقوني في حين يراه بعض الاجتماعيين من البحار سلوكا اجتماعيا غير مقبول ولا يعبر عن فن، إذ يعتبر أن الفن كل ما يرتبط بالأخلاق.

‎في زمن أصبح من السهل فيه اعتبار أي حالة فنا مدى قبول الكتابة على الجدران كفن وبين محتوى هذه الكتابة؛ فهو يعتبر أن غالب الكتابات على الجدران تكون «فارغة المضمون ليس لها معنى سوى التنفيس عن ضغوط نفسية»، إضافة إلى كونها لا تعدو أن تكون «تخريبا» للأماكن العامة يجب أن يحاسب عليها القانون.

‎ اقترنت الكتابة على الجدران في ليبيا بشكل كبير في فترة الثورة حيث سجلت اللغة وصلت والانتخابات وأسماء من ماتوا والذكريات والوعيد والتهديد وترك الأثر للمنتصرين على جدران الشوارع في طرابلس وغيرها

‎ولأن الثورات حالة اجتماعية تنشأ مع مبرراتها ضد التابوهات والمألوف، فإن كل ما يرتبط بها يكتسب هذه الصفات ويصبح مقبولا بعرف الثورة، ويبرر الكتابة على الجدران والجرافيتي بشكل عام بوجود حالة ثورية تستخدم هذه الأداة للمطالبة بالحريات والتعبير عن مطالب الثورة.

‎ولازالت الكتابة على الجدران في إطار البحث عن من يراها انا وبين من يراها لوحة إنسانية وحالة اجتماعية ونفسية للتخفيف عن الضغط وبين من يراها عملا تخريبية وفعلا مشين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى