رأي

بارك الله للجميع عيدهم والصادقين حجهم

أمين مازن

فرغ النَّاس بحلول يوم الجمعة الثلاثين من يونيو من عطلة العيد الأكبر وما يتعلق به من سنة الأضحية، وما يرتبط بها من مخزون الذاكرة من خطب الأئمة والوعاظ، كما يستدعي المسنون أمثالنا ما لديهم حول الحج ونفقاته، والتسهيلات التي طالما ظفر بها البعض، وصعبت على البعض الآخر، وبالذات المشوار الذي بدأ بحريًا مع «المريانا لاتسي»، تلك التي طالما اضطلعت بحمل الحجيج الليبي على دفعتين وكان أشهرها العام الذي حج فيه الملك إدريس، عندما أعفي الفوج بالكامل، وقد كانت المسؤولية الإدارية محصورة في مكتب له رئيس وعدد من الموظفين ورُفع ذات مرة إلى درجة وكيل ثم عاد مرة أخرى عندما حُصر السفر بالطيران، وبأعداد محدودة للغاية، حتى كانت أيامنا هذه فصارت للحج والعمرة هيئة عامة، الله وحده يعلم عدد العاملين بها وكيفية اختيارهم والنشاط الإعلامي المتعلق بهم، وما ذلك إلا لأن الفضائيات قد أضحت السلطة التي لا تضاهى والقادرة على تجنيد كل من يجيد الحديث ويحرص على الظهور المبرمج ليسهم في ملء الفراغ، حتى أن بعض المدافعين عن الارتفاع المذهل في سعر الأضاحي رأيناه يقارن بأسعار الهواتف النقالة التي تباع في السوق بالآلاف، فأين هي من الأضحية!، ناسيًا بالطبع أن النقالات التي يستشهد بها لا يتوصل بها إلا من يسدد فواتيرها عندما تشمل الأسر بالكامل من مصاريف العُهَد، هذا إذا سويت هذه العُهَد، كما أن المسابقات المفتعلة والتكريمات التي لا تتوقف، لا تُستحدث إلا لهذه الاحتياجات المفرحة لمدمني التنديد بالماضي والتذكير بتجاوزاته، لأن الحاضر به كل شيء جميل والقبيح له وقته على كل حال، أما ما تعج به شبكات التواصل في كل مكان ولا سيما ليبيا التي قيل عنها منذ الأزل بأن منها يأتي الجديد، فإن محنة العابثين بشؤونها تكمن في هذه الشبكة القادرة دومًا على هزيمة الزمن وأوهام التضليل وكشف كل ما لن يختفي، وليبارك الله للناس كافة أعيادهم ويتقبل من الصادقين حجهم والشرفاء جميل ذكرياتهم «وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى