يبقى كل شيء رتيبا وتتراكم الصور المكررة والأفعال المكررة والطرق المكررة حتى يثقل كل ذلك على الكائن الفرد ثم محيطه الصغير ثم النطاق الأوسع؛ فيلزم حينها أن تتحرر النفوس عقلها وعاطفتها من هذا الثقل الضاغط، وتعبر عن حياتها ومنطق إرادتها في التقدم والتغيير والدهشة.
إن ما يحقق ذلك هو الإيمان بأن أحلام الحياة هي رئة الحياة، فبينما يتحول من لا يحلمون ويتخيلون ويتبصرون ويتساءلون تجاه اليوم والغد إلى ما يشبه الآلات يجعل الحلم الفرد يتحرك ومحيطه الصغير ينمو ونطاقه الواسع يتقدم ويضيء.
لا يتحقق كنه الحياة في تحولنا إلى ترس ضمن تروس الروتين والعادة والدوران فهذا الدور أساسا تقوم به المصانع الجامدة التي تفرخ التشابه المرعب والمال الذي يفتح بوابة الاستهلاك في مواجهة روح العالم الخلاقةالمتدفقة.
فكروا وتحركوا وتأملوا واحلموا؛ هذا هو ما يؤكد وجودنا وصيرورتنا وتميزنا، دون إنكار مذل للذات ولا غرور يقبحها، بل الأحلام التي تجعل عيشنا أفضل حين كل ما فينا وما حولنا بها يتنفس.
البيوت تحتاج نور الأحلام والشوارع يلزمها شجر الأحلام والكائنات التي تجاورنا من نبات وحيوان وطقس تروضنا وتروضها لمسة الحلم التي تجعل لكل شيء لونا ومعنى وألقا، بينما الصدور والبيوت والعوالم التي لا حلم يسكنها هي بمثابة القبور، التي قد يأتي يوم وعي الحلم لينقلها من الخوف والصمت والبرد إلى المغامرة والغناء والدفء، ليصبح للحياة معناها وللمعاني حياتها.