الرئيسيةزووم

راس العام : تقويـم أم احتفــــال ؟؟

هناء الجواشي

قبل‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬عن‭ ‬ثلاثة‭ ‬عقود‭ ‬مضتْ،‭ ‬جنحتْ‭ ‬فئةٌ‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭ ‬الليبي‭ ‬لممارسة‭ ‬طقوس‭ ‬احتفالات‭ ‬‮«‬رأس‭ ‬السنة‭ ‬الميلادية‮»‬‭ ‬على‭ ‬نحوٍ‭ ‬بسيط،‭ ‬وبأساليب‭ ‬توافقتْ‭ ‬مع‭ ‬الوعي‭ ‬السائد‭ ‬آنذاك،‭ ‬حيث‭ ‬اتَّسمتْ‭ ‬بحماسة‭ ‬الشباب‭ ‬الباحث‭ ‬عن‭ ‬مصادر‭ ‬البهجة‭ ‬والسرور،‭ ‬بدعوى‭ ‬التفاؤل‭ ‬باقبال‭ ‬عام‭ ‬جديد،‭ ‬ترنو‭ ‬فيه‭ ‬النفس‭ ‬لتحقيق‭ ‬الأحلام‭ ‬بتجدّد‭ ‬الزمان،‭ ‬وهي‭ ‬على‭ ‬الأغلب‭ ‬الفئة‭ ‬المثقفة‭ ‬التي‭ ‬كانتْ‭ ‬على‭ ‬صلة‭ ‬بوسائل‭ ‬الإطلاع‭ ‬المختلفة،‭ ‬من‭  )‬صحف،‭ ‬ومجلات‭(‬،‭ ‬وغيرهما‭ .‬

ولا‭ ‬تزال‭ ‬الأجيالُ‭ ‬التى‭ ‬عاصرتْ‭ ‬تلكَ‭ ‬الفترة‭ ‬تحتفظ‭ ‬في‭ ‬ذاكرتها‭ ‬الفوتوغرافية،‭ ‬بِكَمٍّ‭ ‬هائلٍ‭ ‬من‭ ‬الصور‭ ‬ضَمتْ‭ ‬في‭ ‬حياتها‭ ‬شواهد‭ ‬لاجتماع‭  ‬العائلة‭ ‬والأصدقاء،‭ ‬وفي‭ ‬أبهى‭ ‬حُلة‭ ‬تتصدر‭ ‬الجلسات‭ ‬‮«‬كعكة‮»‬‭ ‬غالباً‭ ‬ما‭ ‬يقوم‭ ‬أهل‭ ‬البيت‭ ‬بتحضيرها،‭ ‬قبل‭ ‬انتشار‭ ‬محال‭ ‬الحلويات‭ ‬بالصورة‭ ‬الموجودة‭ ‬اليوم‭.‬

كما‭ ‬جرتْ‭ ‬العادة‭ ‬في‭ ‬ثمانينيات‭ ‬وتسعينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬أن‭ ‬يتبادل‭ ‬الشباب‭ ‬تهاني،‭ ‬وتبريكات‭ ‬كل‭ ‬عام‭  ‬ميلادي‭ ‬جديد‭ ‬عبر‭ ‬بطاقات‭ ‬مصوَّرة‭ ‬صُمٌِمَتْ‭ ‬لهذا‭ ‬الحدث،‭ ‬يتداولونها‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر،‭ ‬أو‭ ‬عبر‭ ‬المراسلات‭ ‬البريدية‭ ‬لمن‭ ‬كان‭ ‬لهم‭ ‬صداقات‭ ‬بالخارج‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬عربية،‭ ‬وغيرها‭.‬

وقعد‭ ‬يقف‭ ‬الأمر‭ ‬عند‭ ‬هذا‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬التفاعل‭ ‬مع‭ ‬المناسبة،‭ ‬مع‭ ‬العلم‭  ‬بأن‭ ‬تلك‭ ‬المظاهر‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬شائعة‭ ‬سوى‭ ‬بين‭ ‬سكان‭ ‬المدن،‭ ‬بالأخص‭ ‬‮«‬طرابلس‮»‬،‭ ‬ولم‭  ‬يكن‭ ‬لِيُعتَرَف‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬أخرى،‭ ‬باعتبارها‭  ‬شيئًا‭ ‬دخيلًا،‭ ‬ولربما‭ ‬كان‭ ‬مستهجنًا‭ ‬لأنه‭ ‬أتتْ‭ ‬به‭ ‬رياح‭ ‬الغرب‭.‬

أما‭ ‬اليوم،‭ ‬ونحن‭ ‬نشهد‭ ‬التَّغَوّل‭  ‬التقني‭ ‬الذي‭ ‬اجتاح‭ ‬كل‭ ‬جوانب‭ ‬حياتنا‭ ‬المعاصرة،‭ ‬تحولتْ‭  ‬العادات‭ ‬الدخيلة‭  ‬إلى‭ ‬أساليب‭ ‬إعتيادية‭ ‬يمارسها‭ ‬الجميع‭  ‬تقريبًا‭ !‬

ولعلَّ‭ -‬المضحك‭ ‬المبكي‭- ‬هو‭ ‬تداخل‭ ‬المفاهيم‭ ‬لدى‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الشبان،‭ ‬والفتيات‭ ‬ممن‭ ‬يحرصون‭  ‬الآن‭ ‬على‭ ‬الاستعداد‭  ‬للاحتفال‭ ‬بالسنة‭ ‬الجديدة،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬احياء‭ )‬ليلة‭ ‬الكريسماس‭( ‬،‭ ‬أو‭ ‬ميلاد‭ ‬النبي‭ ‬عيسى‭ ‬عليه‭ ‬السلام،‭ ‬فهم‭ ‬يخلطون‭ ‬بين‭ ‬المناسبتين،‭ ‬فيعمدون‭ ‬على‭ ‬التجهيز‭ ‬بمحاكاة‭ ‬تكاد‭ ‬تكون‭ ‬مطابقة‭ ‬لما‭  ‬يُحَضِّره‭ ‬المجتمع‭ ‬الغربي‭ ‬المسيحي،‭ ‬وكل‭ ‬الدول‭ ‬المنظوية‭ ‬تحت‭ ‬ديانتهم،‭ ‬خاصة‭ ‬تلك‭ ‬ذات‭ ‬الطبيعة‭ ‬الباردة،‭ ‬حيث‭  ‬تتساقط‭  ‬فيها‭  ‬الثلوج،‭ ‬وتنمو‭ ‬أشجار‭ ‬الصنوبر،‭ ‬وتظهر‭ ‬الدببة،‭ ‬وثور‭ ‬الآيل،‭ ‬وغزال‭ ‬الرَّنَّة‭ ‬في‭ ‬غاباتها‭ ‬أثناء‭ ‬فصل‭ ‬الشتاء‭.‬

هؤلاء‭ ‬المقلدون‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬ينقلون‭  ‬المظاهر‭ ‬بِدِقّة،‭ ‬ولا‭  ‬يكلفون‭ ‬أنفسهم‭ ‬التدقيق‭ ‬في‭ ‬المعنى‭ ‬الحقيقي‭ ‬الذي‭ ‬تنطوي‭ ‬عليه‭ ‬المناسبتين،‭ ‬بكل‭ ‬دلالاتهما‭ ‬الرمزية‭ ‬الدينية،‭ ‬والتاريخية‭.‬

فنجد‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬طفتْ‭ ‬على‭ ‬أسطح‭ ‬يومياتنا‭ ‬المتداولة‭ ‬إلكترونياً‭ ‬مسميات‭ ‬لم‭ ‬نألفها‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬لكنها‭ ‬تفشّتْ‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬بشكلٍ‭ ‬متسارعٍ‭ ‬بين‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الفتيات،‭ ‬فصرنا‭ ‬نرى‭ ‬عائلات‭ ‬بأكملها‭ ‬تُعِد‭ ‬العدة‭ ‬لهذا‭ ‬الاحتفال‭ ‬المشوِّق‭ ‬بلهفة‭ ‬تفوق‭ ‬لهفتها‭ ‬لاستقبال‭ ‬رمضان‭ !‬

وتعلن‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬حساباتها‭  ‬الخاصة‭ ‬داخل‭ ‬منصات‭ ‬التواصل‭  ‬الاجتماعي،‭ ‬تحت‭ ‬مسمَّى‭ ‬‭)‬ترند‭ ‬الشتاء‭ ‬الوردي‭ ‬2025‭(‬؛‭ ‬الذي‭ ‬خصصوا‭  ‬لليلة‭ ‬الاجتماع‭ ‬فيه‭ ‬مقتنيات‭ ‬مهمة‭  ‬لاستكمال‭ ‬العرض‭  ‬مثل‭ : ‬البيجامة‭ ‬الحمراء‭ – ‬وبسكويت‭ ‬الدبدوب‭ – ‬الحذاء‭ ‬الكاروهات‭ -‬شراب‭ ‬الهوت‭ ‬شوكلت‭ – ‬شجرة‭ ‬الصنوبر‭  – ‬أكواب‭ ‬الغيمة‭ – ‬لعبة‭ ‬التشكبينة‭ – ‬والأهم‭ ‬منها‭ ‬جميعًا‭ )‬كيكة‭ ‬الكريسماس‭(.‬

بشأن‭ ‬هذا‭ ‬الهوس‭ ‬الطاغي‭ ‬في‭ ‬الوسط‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬والتسابق‭ ‬القائم‭ ‬بين‭ ‬محال‭ ‬بيع‭ ‬الحلويات،‭ ‬والشموع‭ ‬والورود،‭ ‬وتغليف‭ ‬الهدايا‭ ..‬إلخ

قمنا‭ ‬برصد‭ ‬آراء‭ ‬مختلفة‭ ‬نستعرضها‭  ‬في‭ ‬التالي‭ :‬

‭ ‬عبد‭ ‬الرحمن‭ ‬مصطفى‭ / ‬مواطن‭ ‬قال‭ : ‬أنا‭ ‬أبٌ‭ ‬لثلاثة‭ ‬بنات،‭ ‬وولدين،‭ ‬والحقيقة‭ ‬اعتبر‭ ‬نفسي‭ ‬صديقًا‭ ‬لأبنائي،‭ ‬ولكن‭ ‬ليس‭ ‬لديهم‭ ‬الميول‭ ‬التي‭ ‬نراها‭ ‬بكثرة،‭ ‬أحاول‭ ‬تلبية‭ ‬طلبات‭ ‬بناتي،‭ ‬وأشتري‭ ‬لهن‭ ‬المرطبات،‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمرُ‭ ‬بحفلة‭  ‬السنة‭ ‬الجديدة‭.‬

وأضاف‭ : ‬أحد‭ ‬الأولاد‭ ‬جلب‭ ‬لعبة‭ ‬‮«‬تشكبينة‭ ‬بلس‮»‬،‭ ‬وقد‭ ‬اشتركنا‭ ‬فيها‭ ‬كلنا‭ ‬حتى‭ ‬والدتهم،‭ ‬وأبناء‭  ‬خالتهم،‭ ‬وهي‭ ‬تحتوي‭ ‬على‭ ‬بطاقات‭ ‬فيها‭ ‬تحدٍ،‭ ‬وفقرات‭ ‬مرح،‭ ‬تعد‭ ‬لعبة‭ ‬مسلية،‭ ‬ورجعتنا‭ ‬لأجواء‭ ‬اللمّة‭ ‬العائلية‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬النقال،‭ ‬والجميل‭ ‬أنها‭ ‬صناعة‭ ‬محلية،‭ ‬لكن‭ ‬الظاهرة‭ ‬الموجودة‭ ‬حاليًا‭ ‬أعتقد‭ ‬مسؤولية‭ ‬الحرس‭ ‬البلدي‭ ‬مصادرة‭ ‬المنتجات‭ ‬أو‭ ‬التحف،‭ ‬والمجسمات‭ ‬والهدايا‭ ‬وحتى‭ ‬المخبوزات‭ ‬المتعلقة‭ ‬باحتفالات‭ ‬النصارى،‭ ‬لأن‭ ‬المناسبة‭ ‬ليستْ‭ ‬لنا،‭ ‬ومخالفة‭ ‬لتعاليم‭ ‬ديننا‭.‬

ملاك‭ ‬عبدالحكيم‭/‬فنية‭ ‬تخذير‭ ‬تقول‭:‬

أراه‭ ‬تقليدًا‭ ‬أعمى‭ ‬لأجواء‭ ‬الأوروب،‭ ‬ومحال‭ ‬الحلويات‭ ‬أسهمتْ‭ ‬في‭ ‬ظهور‭ ‬الشيء‭ ‬هذا،‭ ‬تصوروا‭ ‬محل‭ ‬‮«‬موزارت‮»‬‭ ‬بكل‭ ‬فروعه‭ ‬زينة‭ ‬الكريسمس‭ ‬الحكاية‭ ‬‮«‬عيني‭ ‬عينك‮»‬‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬مخفية‭ !!‬،‭ ‬وحتى‭ ‬العام‭ ‬الماضي،‭ ‬ولم‭ ‬يوقفه‭ ‬أحد‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬تعد‭ ‬موسمًا‭ ‬يجب‭ ‬استغلاله‭ ‬بارضاء‭ ‬زبائنه‭ ‬وأكثرهم‭ ‬بنات،‭ ‬وعلى‭ ‬فكرة‭ ‬هن‭ ‬يتفقن‭ ‬على‭ ‬اللمَّة‭ ‬في‭ ‬بيت‭ ‬واحدة‭ ‬منهن،‭ ‬ويلبسن‭ ‬بيجامات‭ ‬الكاروهات‭ ‬مع‭ ‬اكسسواراتها،‭ ‬التي‭ ‬يصل‭ ‬سعرها‭  ‬لـ‭)‬220‭(‬دينارًا،‭ ‬يوصوا‭ ‬عليها‭ ‬بالحجز‭ ‬من‭ ‬الصفحات‭ ‬التي‭ ‬تعرض‭ ‬الملابس‭ ‬من‭ ‬تركيا،‭ ‬وعليها‭ ‬سحب‭ ‬غير‭ ‬عادي،‭ ‬ويحجزوا‭ ‬في‭ ‬‮«‬التورتة‮»‬‭ ‬للتصوير‭ ‬والنشر‭ ‬على‭ ‬السناب،‭ ‬وكله‭ ‬لأجل‭ ‬الاستعراض،‭ ‬والتباهي،‭ ‬نعتبره‭ ‬‮«‬هبال‮»‬‭ ‬وصرف‭ ‬زايد‭ .‬

وليد‭ ‬عمار‭ / ‬شاب‭ ‬ليبي‭ ‬مقيم‭ ‬في‭ ‬إيطاليا‭ ‬أفادنا‭ ‬برأيه‭ ‬قائلاً‭ :‬‭ ‬الجهل‭ ‬هو‭ ‬وراء‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬لشبابنا،‭ ‬بما‭ ‬أنهم‭ ‬لا‭ ‬يقرؤون‭ ‬ولا‭ ‬يبحثون‭ ‬عن‭ ‬المعرفة‭ ‬ليزداد‭ ‬وعيهم،‭ ‬وقعوا‭ ‬في‭ ‬حبائل‭ ‬الوهم‭ ‬بسهولة،‭ ‬ففي‭ ‬يوم‭ ‬25‭ ‬ديسمبر‭ ‬وهي‭ ‬ذكرى‭ ‬مولد‭ ‬المسيح‭ ‬حسب‭ ‬زعمهم،‭ ‬الذي‭ ‬يعدونه‭ ‬إلهًا،‭ ‬يقولون‭ ‬لبعضهم‭ : )‬بونا‭ ‬تالي‭( ‬أي‭ ‬عيد‭ ‬ميلاد‭ ‬مجيد،‭ ‬أنا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭ ‬بالذات‭ – ‬الذي‭ ‬يسبق‭ ‬نهاية‭ ‬السنة‭ ‬بـ‭)‬6‭( ‬أيام‭ – ‬لا‭ ‬أهنئهم،‭ ‬لأني‭ ‬مسلم‭ ‬موّحّد،‭ ‬ولكن‭ ‬أقبل‭ ‬بتبادل‭ ‬التهاني‭ ‬معهم‭ ‬عند‭ ‬حلول‭ ‬العام‭ ‬الجديد،‭ ‬فأنا‭ ‬أعيش‭ ‬وسطهم‭ ‬على‭ ‬نفس‭ ‬وتيرة‭ ‬التقويم‭ ‬الشمسي،‭ ‬فنقول‭ ‬مثلاً‭ )‬بونانو‭( ‬تعني‭ ‬بالإيطالية‭ ‬سنة‭ ‬جديدة‭ ‬سعيدة،‭ ‬فلو‭ ‬ركز‭ ‬الشبابُ‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المعاني،‭ ‬لما‭ ‬انجروا‭ ‬وراء‭ ‬استعمال‭ ‬الدُّمى،‭ ‬وما‭ ‬اهتموا‭ ‬بالمناسبة‭ ‬من‭ ‬الأساس‭.‬

ومع‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬ذكرته،‭ ‬أنا‭ ‬ضد‭ ‬مواجهة‭ ‬الظاهرة‭ ‬بلغة‭ ‬قمعية،‭ ‬لأنه‭ ‬كلما‭ ‬مورس‭ ‬الإكراه‭ ‬على‭ ‬الشعوب،‭ ‬خرج‭ ‬لنا‭ ‬مجتمع‭ ‬منافق‭ ‬وكاذب،‭ ‬يعمل‭ ‬عكس‭ ‬ما‭ ‬يبطن،‭  ‬لأنه‭ ‬تعرض‭ ‬للتعنيف‭ ‬بالانتقاد‭ ‬الزاجر،‭ ‬ومحاربة‭ ‬سلوكياته‭ ‬بأسلوب‭ ‬الإكراه‭ ‬على‭ ‬المختصين‭ ‬دراسة‭ ‬أسباب‭ ‬هذه‭ ‬الطفرات،‭ ‬ومعالجتهاوفق‭ ‬منهج‭ ‬علمي‭ ‬لا‭ ‬سياسي‭.‬

‭)‬الكرسمس‭( ‬مجرد‭ ‬مثال‭ ‬عارض،‭ ‬فقد‭ ‬سبقته‭ )‬الجمعة‭ ‬البيضاء‭( ‬التي‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬الأصل‭ ‬فكرة‭ ‬غربية،‭ ‬لم‭ ‬تُولد‭ ‬من‭ ‬إبداع‭  ‬الليبيين،‭ ‬ولا‭ ‬العرب‭ ‬أنفسهم،‭ ‬لكن‭ ‬تم‭ ‬تقليدها‭ ‬بشكل‭ ‬سيء‭ .. ‬الموضوع‭ ‬طويل‭ ‬ومتجذر،‭ ‬ولكنّني‭ ‬أكتفي‭ ‬بهذا‭ ‬القدر‭.‬

الأخت‭ ‬Anna Cake‭ ‬صانعة‭ ‬حلويات‭ ‬تسوق‭ ‬إنتاجها‭ ‬عبر‭  ‬صفحة‭ ‬تحمل‭ ‬الاسم‭ ‬نفسه‭ ‬على‭ ‬منصة‭ ‬فيس‭ ‬بوك‭ ‬وهي‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬عشرات‭ ‬الصفحات‭ ‬التي‭ ‬انهالتْ‭ ‬عليهم‭ ‬طلبات‭ ‬إعداد‭ ‬الكيك‭ ‬تقول‭ : ‬في‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬فتحت‭ ‬باب‭ ‬الحجز‭  ‬لزبائني،‭ ‬وخدمت‭ ‬طورطات‭ ‬عادي‭  ‬وبعد‭ ‬معرفتي‭ ‬لخطأي،‭ ‬وبدافع‭ ‬غيرتي‭ ‬على‭ ‬ديني،‭ ‬لا‭ ‬يعقل‭ ‬أن‭  ‬أشارك‭ ‬في‭ ‬احتفال‭ ‬لناس‭ ‬يقولون‭ ‬الله‭ ‬ثالث‭ ‬ثلاثة‭ !!!‬

وقفتُ‭ ‬الخدمة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الموسم،‭ ‬ولكن‭ ‬البنات‭ ‬مصرات‭ ‬يطلبن‭ ‬كيكة‭ ‬بمواصفات‭ ‬محدَّدة،‭ ‬عليها‭ ‬الشجرة،‭ ‬وبابا‭ ‬نويل‭.‬

واضح‭ ‬أن‭ ‬جانب‭ ‬العقيدة‭ ‬مهزوز‭ ‬عندهن‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬الأسف‭ ‬نحن‭ ‬نربي‭ ‬في‭ ‬أولادنا‭ ‬على‭ ‬الصيام،‭ ‬والصلاة،‭ ‬ونهملوا‭ ‬ترسيخ‭ ‬العقيدة،‭ ‬والتوحيد،‭ ‬ولما‭ ‬تناقشيهم‭ ‬يقولون‭ ‬المشكلة‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬جميل‭ ‬مرتبط‭ ‬بمناسبات‭ ‬الأجانب؛‭ ‬لأنهم‭ ‬فاقدون‭ ‬الثقة‭ ‬بأنفسهم،‭ ‬حتى‭ ‬شتاؤنا‭ ‬فيه‭ ‬أشياء‭ ‬حلوة،‭ ‬عندنا‭ )‬العالة‭ ‬والكانون‭(‬،‭ ‬لو‭ ‬أرادوا‭ ‬إضفاء‭ ‬أجواء‭ ‬الفرح‭ ‬لبيوتهم‭ .‬

أحلام‭ ‬الهاشمي‭ ‬حول‭ ‬المبالغة‭ ‬في‭  ‬الاحتفال‭ ‬بالعام‭ ‬الجديد،‭ ‬فهي‭ ‬تختلف‭ ‬من‭ ‬عائله‭ ‬لأخرى‭ ‬خاصة‭ ‬بالشكل‭ ‬المبالغ‭ ‬فيه،‭ ‬قد‭ ‬يتضمن‭ ‬عناصر‭ ‬تتناقض‭ ‬ومعتقداتهم‭ ‬الدينية‭.‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الثقافية‭:‬

ترتبط‭ ‬ثقافة‭ ‬الأشخاص‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬طريقة‭ ‬الاحتفال،‭ ‬فبعض‭ ‬الثقافات‭ ‬تحتفي‭ ‬بالعام‭ ‬الجديد‭ ‬بطرق‭ ‬تقليدية‭ ‬وبسيطة،‭ ‬بينما‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬الثقافات‭ ‬الأخرى‭ ‬أكثر‭ ‬ميلاً‭ ‬إلى‭ ‬الاحتفالات‭ ‬الصاخبة‭ ‬والمبالغ‭ ‬فيها‭ ‬لاعتبارات‭ ‬اجتماعية‭:‬‭ ‬قد‭ ‬يشعر‭ ‬البعض‭ ‬بالضغط‭ ‬للاحتفال‭ ‬بالعام‭ ‬الجديد‭ ‬بطريقة‭ ‬معينة‭ ‬للتوافق‭ ‬مع‭ ‬الأصدقاء‭ ‬والعائلة،‭ ‬أو‭ ‬لمجرد‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬جو‭ ‬الاحتفال‭ ‬العام‭.‬

من‭ ‬ناحيةالاقتصادية‭ ‬قد‭ ‬تتحول‭ ‬الاحتفالات‭ ‬المبالغ‭ ‬فيها‭ ‬إلى‭ ‬عبء‭ ‬مادي‭ ‬على‭ ‬الأفراد‭ ‬والأسر،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬التنافس‭ ‬على‭ ‬تنظيم‭ ‬حفلات‭ ‬فاخرة‭ ‬وتقديم‭ ‬هدايا‭ ‬باهظة‭ ‬الثمن‭ ‬فأنا‭ ‬شخصيا‭ ‬اعتراض‭ ‬على‭ ‬المبالغة‭ ‬بصراحه‭ ‬أمر‭ ‬غير‭ ‬مبرر،‭ ‬وأن‭ ‬الاحتفال‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬بسيطًا‭ ‬ومتواضعًا،‭ ‬وأن‭ ‬التركيز‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬على‭ ‬المعنى‭ ‬الروحي‭ ‬للبداية‭ ‬الجديدة‭ ‬وليس‭ ‬على‭ ‬المظاهر‭ ‬الخارجية‭.‬

التسامح‭ ‬مع‭ ‬الاختلاف‭: ‬لكل‭ ‬فرد‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬الاحتفال‭ ‬بالطريقة‭ ‬التي‭ ‬يراها‭ ‬مناسبة،‭ ‬وأن‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬الحكم‭ ‬على‭ ‬الآخرين‭ ‬بسبب‭ ‬اختلاف‭ ‬معتقداتهم،‭ ‬أو‭ ‬عاداتهم‭ ‬الاعتدال‭ ‬هو‭ ‬الحل‭ ‬في‭ ‬الاحتفال،‭ ‬وأن‭ ‬يكون‭ ‬الاحتفال‭ ‬مناسبة‭ ‬للتقارب‭ ‬الأسري‭ ‬والاجتماعي،‭ ‬دون‭ ‬مبالغة‭ ‬أو‭ ‬إسراف‭.‬

أسباب‭ ‬المبالغة‭ ‬في‭ ‬الاحتفال‭:‬‭ ‬بدايتها‭ ‬التسويق‭ ‬التجاري‭: ‬حيت‭ ‬تلعب‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬والإعلانات‭ ‬دورًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬في‭ ‬تشجيع‭ ‬المبالغة‭ ‬في‭ ‬الاحتفال،‭ ‬حيث‭ ‬يتم‭ ‬الترويج‭ ‬لمنتجات‭ ‬وخدمات‭ ‬معينة‭ ‬مرتبطة‭ ‬بالاحتفال،‭ ‬مما‭ ‬يخلق‭ ‬رغبة‭ ‬لدى‭ ‬الأفراد‭ ‬في‭ ‬الإنفاق‭ ‬بشكل‭ ‬أكبر‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬التقليد‭ ‬الأعمى‭ ‬الذي‭ ‬يدفع‭ ‬بعض‭ ‬الأفراد‭ ‬إلى‭ ‬المبالغة‭ ‬في‭ ‬الاحتفال‭ ‬لمجرد‭ ‬تقليد‭ ‬الآخرين‭ ‬أو‭ ‬لمواكبة‭ ‬الموضة‭.‬

الرغبة‭ ‬في‭ ‬الفرح‭ ‬والتعبير‭ ‬عن‭ ‬السعادة‭:‬‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬الاحتفال‭ ‬المبالغ‭ ‬فيه‭ ‬طريقة‭ ‬للتعبير‭ ‬عن‭ ‬الفرح‭ ‬والسعادة‭ ‬بقدوم‭ ‬عام‭ ‬جديد،‭ ‬ورغبة‭ ‬في‭ ‬نسيان‭ ‬هموم‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭.‬

إلا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬الآثار‭ ‬السلبية‭ ‬للمبالغة‭: ‬العبء‭ ‬المادي‭:‬‭ ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬الاحتفال‭ ‬المبالغ‭ ‬فيه‭ ‬إلى‭ ‬الديون‭ ‬والتزامات‭ ‬مالية‭ ‬كبيرة‭.‬

الإضرار‭ ‬بالبيئة‭:‬‭ ‬زيادة‭ ‬التلوث‭ ‬وإهدار‭ ‬الموارد‭ ‬الطبيعية‭.‬

إضرار‭ ‬بالصحة‭:‬‭ ‬قد‭ ‬تؤدي‭ ‬الممارسات‭ ‬غير‭ ‬الصحية‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالاحتفالات،‭ ‬مثل‭ ‬الإفراط‭ ‬في‭ ‬تناول‭ ‬الطعام‭ ‬والشراب،‭ ‬إلى‭ ‬مشكلات‭ ‬صحية‭.‬

زيادة‭ ‬الفجوة‭ ‬الاجتماعية‭:‬  ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬الجميع‭ ‬تحمل‭ ‬تكاليف‭ ‬الاحتفالات‭ ‬الفاخرة‭.‬

في‭ ‬النهاية‭ ..‬‭ ‬فإن‭ ‬قرار‭ ‬الاحتفال‭ ‬بالعام‭ ‬الجديد‭ ‬وكيفية‭ ‬الاحتفال‭ ‬به‭ ‬هو‭ ‬قرار‭ ‬شخصي،‭ ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هذا‭ ‬الاحتفال‭ ‬مناسبة‭ ‬للتقارب‭ ‬الأسري‭ ‬والاجتماعي،‭ ‬وأن‭ ‬يتميز‭ ‬بالاعتدال‭ ‬والتواضع‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى