رأي

زمان ..

ناجي الحربي

في‭ ‬منتصف‭ ‬ثمانينيات‭ ‬القرن‭ ‬الفائت‭ .. ‬وبسبب‭ ‬حصار‭ ‬الدول‭ ‬الأوربية‭ ‬بقيادة‭ ‬السيدة‭ ‬أمريكا‭ ‬على‭ ‬ليبيا‭ ‬تلاشت‭ ‬السلع‭ ‬من‭ ‬الأسواق‭ ‬تحت‭ ‬سياسة‭ ‬التقشف‭ ‬والاعتماد‭ ‬على‭ ‬مقدرات‭ ‬الوطن‭ .. ‬فأقفلت‭ ‬المجازر‭ ‬وأصبح‭ ‬بيع‭ ‬اللحوم‭ ‬في‭ ‬الخفاء‭ ‬بين‭ ‬شجيرات‭  ‬طرقات‭ ‬الأرياف‭ ‬البعيدة‭ ‬عن‭ ‬أنظار‭ ‬الحرس‭ ‬البلدي‭ ‬وفي‭ ‬بيوت‭ ‬الجزارين‭ ‬تحت‭ ‬طائلة‭ ‬الخوف‭ ..‬واختفت‭ ‬بعض‭ ‬السلع‭ ‬مثل‭ ‬التن‭ ‬والأجبان‭ ‬والمربى‭ ‬بجميع‭ ‬أصنافه‭ .. ‬كما‭ ‬تأزم‭ ‬الموقف‭ ‬في‭ ‬الشارع‭ ‬الليبي‭ ‬حيث‭ ‬شهد‭ ‬نقصًا‭ ‬شديدًا‭ ‬في‭ ‬البيض‭ ‬وأكواب‭ ‬الشاي‭ ‬ومختلف‭ ‬البضائع‭ ‬والسلع‭ ‬الأساسية‭ ..  ‬وبالمقابل‭ ‬تكدست‭ ‬الدينارات‭ ‬في‭ ‬جيوب‭ ‬الليبيين‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يجدوا‭ ‬ما‭ ‬يشترونه‭ .. ‬وانتشرت‭ ‬ظاهرة‭ ‬الأسواق‭ ‬العامة‭ ‬التابعة‭ ‬للدولة‭ ‬وحدث‭  ‬بها‭ ‬وفيها‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬من‭ ‬واسطة‭ ‬وسمسرة‭ ‬وإجبار‭ ‬المواطن‭ ‬على‭ ‬تحميل‭ ‬سلع‭ ‬لا‭ ‬حاجة‭ ‬له‭ ‬بها‭  ‬على‭ ‬حساب‭ ‬سلع‭ ‬ضرورية‭ .. ‬كانت‭ ‬فوضى‭ ‬عارمة‭  ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬لم‭ ‬تشهدها‭ ‬البلاد‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ..  ‬متطلبات‭ ‬المواطن‭ ‬من‭ ‬السوق‭ ‬لا‭ ‬تلبي‭ ‬حاجته‭ ‬وحدثت‭ ‬أمور‭ ‬تجارية‭ ‬لا‭ ‬يفهمها‭ ‬إلاّ‭ ‬المختص‭ ‬في‭ ‬علم‭ ‬الاقتصاد‭ .. ‬وبدأ‭ ‬المواطن‭ ‬في‭ ‬ابتكار‭ ‬المواد‭ ‬والسلع‭ ‬البديلة‭ .. ‬تعلم‭ ‬صناعة‭ ‬التن‭ ‬عن‭ ‬طريق‭  ‬تبخير‭ ‬وتبويخ‭ ‬السمك‭ .. ‬وتعلم‭ ‬صناعة‭ ‬الحلوى‭ ‬من‭ ‬السكر‭ ‬والزيوت‭ .. ‬وتعلم‭ ‬صناعة‭ ‬مواد‭ ‬غذائية‭ ‬لا‭ ‬تخضع‭ ‬لمواصفات‭ ‬الجودة‭ ‬مضارها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬فوائدها‭ .. ‬واستطاع‭ ‬اجتياز‭ ‬الأزمة‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ .. ‬

الآن‭ ‬يحدث‭ ‬العكس‭ .. ‬تكدس‭ ‬في‭ ‬المواد‭ ‬والسلع‭ ‬والبضائع‭ ‬مع‭ ‬ارتفاع‭ ‬الأسعار‭ .. ‬وبالمقابل‭ ‬نقص‭ ‬شديد‭ ‬في‭ ‬النقد‭ ‬والسيولة‭ .. ‬لك‭ ‬الله‭ ‬أيها‭ ‬المواطن‭ ‬الليبي‭ ‬الصبور‭ .. ‬لك‭ ‬الله‭ ‬أيها‭ ‬المواطن‭ ‬الصامد‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬الأزمات‭ ‬على‭ ‬مختلف‭ ‬مستوياتها‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬العصور‭ .. ‬لك‭ ‬الله‭ ‬والسلام‭ .‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى