رأي

عن الحصادي والمغيربي وبيلت والازدهار

■ أمين مازن

كنتُ‭ ‬صباح‭ ‬السبت‭ ‬ومساء‭ ‬الأحد‭ ‬10‭/‬11‭ ‬فبراير‭ ‬في‭ ‬حضور‭ ‬نوعي‭ ‬حافظ‭ ‬عليه‭ ‬حزب‭ ‬‮«‬الازدهار‮»‬‭ ‬الكائن‭ ‬قرب‭ ‬منزلي‭ ‬بحي‭ ‬الأندلس،‭ ‬تحدث‭ ‬فيه‭ ‬العزيزان‭ ‬الدكتوران‭ ‬نجيب‭ ‬الحصادي،‭ ‬وزاهي‭ ‬المغيربي،‭ ‬الأول‭ ‬حول‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬من‭ ‬اختصاصه‭ ‬الفلسفي،‭ ‬اكتفيتُ‭ ‬فيه‭ ‬شخصيًا‭ ‬بالتعبير‭ ‬عن‭ ‬مشاعري‭ ‬تجاه‭ ‬نجيب،‭ ‬وما‭ ‬لمسته‭ ‬فيه‭ ‬دومًا‭ ‬من‭ ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يحترم،‭ ‬وردع‭ ‬كل‭ ‬محاولات‭ ‬الإقصاء‭ ‬الهدام،‭ ‬فيما‭ ‬قرنت‭ ‬خالص‭ ‬الإكبار‭ ‬لجهود‭ ‬الدكتور‭ ‬زاهي‭ ‬والتي‭ ‬تمثلت‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬في‭ ‬محاضرته‭ ‬حول‭ ‬الدروس‭ ‬المستفادة‭ ‬من‭ ‬مذكرات‭ ‬المندوب‭ ‬الدولي‭ ‬الشهير‭ ‬‮«‬أدريان‭ ‬بيلت‮»‬‭ ‬التي‭ ‬أنجزها‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬السبعين‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬مُودعًا‭ ‬إياها‭ ‬حصيلة‭ ‬ما‭ ‬لديه‭ ‬عن‭ ‬مولد‭ ‬الدولة‭ ‬الليبية‭ ‬وما‭ ‬رافقها‭ ‬بعد‭ ‬الاستقلال،‭ ‬بحسب‭ ‬مذكرات‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الليبي‭ ‬السابق‭ ‬مصطفى‭ ‬بن‭ ‬حليم،‭ ‬من‭ ‬استدعاء‭ ‬الملك‭ ‬إدريس‭ ‬في‭ ‬ستينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬لـ‭)‬أدريان‭ ‬بيلت‭( ‬حيث‭ ‬فعل‭ ‬السأم‭ ‬فعلته،‭ ‬والشيخوخة‭ ‬أثرها‭ ‬وغياب‭ ‬الخلف‭ ‬وقلقه،‭ ‬فيودع‭ ‬ذلك‭ ‬كله‭ ‬في‭ ‬مذكرات‭ ‬ضخمة‭ ‬استطاع‭ ‬زاهي‭ ‬أن‭ ‬يمر‭ ‬بها‭ ‬ويقدم‭ ‬حولها‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬محاضرته،‭ ‬ويقتبس‭ ‬فيها‭ ‬شيئًا‭ ‬من‭ ‬تقديمه،‭ ‬فيتعين‭ ‬أن‭ ‬ندعوا‭ ‬هذا‭ ‬المثقف‭ ‬الجامع‭ ‬بين‭ ‬الأكاديمية‭ ‬والروح‭ ‬الوطنية‭ ‬إلى‭ ‬الاقتراب‭ ‬من‭ ‬التأزم‭ ‬الذي‭ ‬طال‭ ‬التجربة‭ ‬التقليدية،‭ ‬وأثر‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬قرارات‭ ‬الملك‭ ‬إدريس‭ ‬وانعكاسه‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬ممارساته‭ ‬لحقه‭ ‬الدستوري‭ ‬في‭ ‬تغيير‭ ‬السلطة‭ ‬التنفيذية‭ ‬والتي‭ ‬بلغت‭ ‬أقصى‭ ‬درجاتها‭ ‬في‭ ‬قبول‭ ‬استقالة‭ ‬السيد‭ ‬عبد‭ ‬القادر‭ ‬البدري‭ ‬بعد‭ ‬ثلاثة‭ ‬أشهر‭ ‬من‭ ‬تحمله‭ ‬مسؤولية‭ ‬الحكم‭ ‬في‭ ‬أدق‭ ‬مرحلة‭ ‬تزامنت‭ ‬مع‭ ‬هزيمة‭ ‬67‭ ‬وما‭ ‬جرّته‭ ‬من‭ ‬اهتزاز‭ ‬في‭ ‬البلاد،‭ ‬ويضيق‭ ‬صدر‭ ‬المقام‭ ‬السامي‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬تجديد‭ ‬جواز‭ ‬السفر‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬والامتناع‭ ‬عن‭ ‬منح‭ ‬امتياز‭ ‬بترولي‭ ‬لإحدى‭ ‬كريمات‭ ‬المرحوم‭ ‬إبراهيم‭ ‬الشلحي،‭ ‬ومثَّل‭ ‬ذلك‭ ‬إقصاء‭ ‬الأستاذ‭ ‬عبد‭ ‬الحميد‭ ‬البكوش‭ ‬وهو‭ ‬يستعد‭ ‬لزيارة‭ ‬بريطانيا،‭ ‬وأمريكا‭ ‬ويجهز‭ ‬لزيارة‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬لفرنسا‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬ذاته،‭ ‬لتأتي‭ ‬حكومة‭ ‬تعجز‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬احتراز‭ ‬ليرحل‭ ‬الملك‭ ‬في‭ ‬رحلة‭ ‬طويلة‭ ‬يستحيل‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬على‭ ‬غير‭ ‬علاقة‭ ‬بما‭ ‬جرى‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬69‭ ‬على‭ ‬قاعدة‭ ‬أن‭ ‬الطريق‭ ‬إلى‭ ‬جهنم‭ ‬مفروش‭ ‬دومًا‭ ‬بالنوايا‭ ‬الحسنة،‭ ‬وأن‭ ‬مباركة‭ ‬الرمز‭ ‬الكبير‭ ‬جمال‭ ‬عبد‭ ‬الناصر‭ ‬لمكسب‭ ‬الإجلاء‭ ‬وأمانة‭ ‬القومية‭ ‬العربية،‭ ‬والوحدة‭ ‬العربية‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬استمرار‭ ‬الخطأ،‭ ‬والصواب‭ ‬الذي‭ ‬بدأ‭ ‬من‭ ‬هناك‭ ‬وظل‭ ‬مسيطرًا‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬امتلك‭ ‬القرار‭ ‬الليبي‭ ‬أربعة‭ ‬عقود‭ ‬ونيف‭ ‬وعقب‭ ‬اتصالات‭ ‬بلغت‭ ‬حد‭ ‬التهور‭ ‬كما‭ ‬حملت‭ ‬استقصاءات‭ ‬الدكتور‭ ‬محمد‭ ‬المقريف‭ ‬عن‭ ‬دولة‭ ‬الاستقلال‭ ‬ووثائق‭ ‬بريطانيا‭ ‬عن‭ ‬برقة‭ ‬وطرابلس‭ ‬الغرب‭ ‬للمترجم‭ ‬محمد‭ ‬علي‭ ‬حمامة،‭ ‬ونشر‭ ‬كتب‭ ‬الوسط‭ ‬وما‭ ‬تحمله‭ ‬من‭ ‬أسرار‭ ‬المنطقة‭ ‬والتي‭ ‬ينغي‭ ‬عدم‭ ‬إغفالها‭ ‬وإن‭ ‬مع‭ ‬الحذر،‭ ‬وأخيرا‭ ‬فإن‭ ‬عدم‭ ‬الاحتكام‭ ‬إلى‭ ‬التفكير‭ ‬التآمري‭ ‬لا‭ ‬يبرر‭ ‬الاستهانة‭ ‬ببعض‭ ‬إكراهاته،‭ ‬فبين‭ ‬الشجاعة‭ ‬والحماقة‭ ‬خيط‭ ‬رفيع،‭ ‬بيد‭ ‬أن‭ ‬زاهي‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يعزب‭ ‬عنه‭ ‬تسليك‭ ‬الخيوط،‭ ‬رفيعة‭ ‬كانت،‭ ‬أم‭ ‬غليظة‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى