رأي

عن 12 مارس وبداية رمضان

■ أمين مازن

انفردت‭ ‬ليبيا‭ ‬باعتبار‭ ‬يوم‭ ‬الثلاثاء‭ ‬الثاني‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬مارس‭ ‬بداية‭ ‬لشهر‭ ‬رمضان‭ ‬المبارك‭ ‬خلافا‭ ‬ليوم‭ ‬الإثنين‭ ‬الذي‭ ‬رجحته‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬مصر‭ ‬وتونس‭ ‬والجزائر‭ ‬ودول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي،‭ ‬وبقدر‭ ‬ما‭ ‬تأثر‭ ‬الكثيرون‭ ‬نفسيا‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الانفراد‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬خفف‭ ‬عليهم‭ ‬عدم‭ ‬الاختلاف‭ ‬بين‭ ‬غرب‭ ‬البلاد‭ ‬وشرقها،‭ ‬فقد‭ ‬اتفقنا‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الشعيرة‭ ‬أمام‭ ‬الآخرين،‭ ‬صحيح‭ ‬أن‭ ‬التاريخ‭ ‬الليبي‭ ‬في‭ ‬مسألة‭ ‬الأهلّة‭ ‬حفظ‭ ‬بعض‭ ‬الشواهد،‭ ‬إن‭ ‬يكن‭ ‬ذلك‭ ‬بخصوص‭ ‬هلال‭ ‬العيد‭ ‬زمن‭ ‬الإدارة‭ ‬البريطانية‭ ‬عندما‭ ‬وصف‭ ‬الشاعر‭ ‬المهدوي‭ ‬القاضي‭ ‬بسارق‭ ‬العيد‭ ‬وشبّه‭ ‬العيد‭ ‬بمال‭ ‬اليتامى،‭ ‬وكرر‭ ‬النظام‭ ‬السابق‭ ‬ذات‭ ‬الموقف‭ ‬عندما‭ ‬نحرنا‭ ‬يوم‭ ‬عرفة‭ ‬وحجاجنا‭ ‬في‭ ‬عرفات‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬كنا‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬الأقصى‭ ‬الذين‭ ‬يعولون‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬رؤيتهم‭ ‬الناتجة‭ ‬عن‭ ‬موقعهم‭ ‬الجغرافي،‭ ‬وهكذا‭ ‬شهدنا‭ ‬معشر‭ ‬الليبيين‭ ‬ما‭ ‬ذكرنا‭ ‬بموقف‭ ‬ذلك‭ ‬القاضي‭ ‬حول‭ ‬هلال‭ ‬العيد‭ ‬قبل‭ ‬الاستقلال‭ ‬والانفراد‭ ‬بذبح‭ ‬الأضحية‭ ‬يوم‭ ‬عرفة‭ ‬زمن‭ ‬الفاتح،‭ ‬ويتزامن‭ ‬صومنا‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬مع‭ ‬الثاني‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬مارس‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬عيد‭ ‬ميلاد‭ ‬الراحل‭ ‬إدريس‭ ‬السنوسي‭ ‬أول‭ ‬وآخر‭ ‬ملك‭ ‬بدولة‭ ‬الاستقلال،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬عيد‭ ‬ميلاده‭ ‬أحد‭ ‬الأعياد‭ ‬الرسمية‭ ‬التي‭ ‬تُعطّلُ‭ ‬فيها‭ ‬الدوائر‭ ‬الرسمية‭ ‬طيلة‭ ‬بقاء‭ ‬ذلك‭ ‬العهد،‭ ‬أما‭ ‬حلوله‭ ‬بالذاكرة‭ ‬فقد‭ ‬بدأ‭ ‬منذ‭ ‬عودته‭ ‬من‭ ‬المهجر‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬السادس‭ ‬والأربعين‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬وفي‭ ‬تاريخه‭ ‬لقب‭ ‬الإمارة‭ ‬الذي‭ ‬استحقه‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬معاهدة‭ ‬مع‭ ‬الإيطاليين‭ ‬عندما‭ ‬غزوا‭ ‬البلاد‭ ‬ووقف‭ ‬أمامهم‭ ‬المقاتلون‭ ‬الليبيون‭ ‬واضطرتهم‭ ‬المعارك‭ ‬إلى‭ ‬التفاوض‭. ‬إنها‭ ‬المرحلة‭ ‬التي‭ ‬تعززت‭ ‬ببيعة‭ ‬مؤتمر‭ ‬غريان‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬الثاني‭ ‬والعشرين‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬وكذلك‭ ‬الاتفاق‭ ‬الذي‭ ‬أبرم‭ ‬مع‭ ‬الإنجليز‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬وتوجه‭ ‬الجيش‭ ‬الثامن‭ ‬الزاحف‭ ‬بقيادة‭ ‬مونتجمري‭ ‬ومعه‭ ‬الجيش‭ ‬الذي‭ ‬تشكل‭ ‬من‭ ‬الليبيين‭ ‬وخاض‭ ‬عديد‭ ‬المعارك‭ ‬رهانا‭ ‬على‭ ‬النصر‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬الظفر‭ ‬بالحرية‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬النهاية‭ ‬أخيرا‭ ‬في‭ ‬حصول‭ ‬ليبيا‭ ‬على‭ ‬استقلالها‭ ‬وتبوأ‭ ‬الملك‭ ‬إدريس‭ ‬عرشها‭ ‬واعتبار‭ ‬يوم‭ ‬مولده‭ ‬ضمن‭ ‬أعيادها‭ ‬الرسمية،‭ ‬وتشاء‭ ‬المقادير‭ ‬في‭ ‬أيامنا‭ ‬هذه‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬خفت‭ ‬في‭ ‬الذاكرة‭ ‬بعض‭ ‬الوقت‭ ‬أن‭ ‬يتزامن‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬الناس‭ ‬هذا‭ ‬مع‭ ‬مطلع‭ ‬شهر‭ ‬الصوم‭ ‬الذي‭ ‬انفردت‭ ‬به‭ ‬ليبيا‭ ‬الرسمية‭ ‬عن‭ ‬غربها‭ ‬وشرقها‭ ‬واتفقت‭ ‬على‭ ‬بدايته‭ ‬تفاؤلا‭ ‬بتحرك‭ ‬قطار‭ ‬الاتفاق‭. ‬وإذا‭ ‬كانت‭ ‬مطر‭ ‬مارس‭ ‬ذهبْ‭ ‬خالص،‭ ‬فقد‭ ‬تكون‭ ‬ذكرى‭ ‬12‭ ‬مارس‭ ‬غير‭ ‬المُرَتّبة‭ ‬خير‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يخفف‭ ‬على‭ ‬النفوس‭ ‬الميالة‭ ‬لمظاهر‭ ‬التجمع‭ ‬من‭ ‬طعم‭ ‬مرارة‭ ‬هذا‭ ‬الانفراد‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يحسّه‭ ‬سوى‭ ‬الذي‭ ‬فُطِرَ‭ ‬على‭ ‬السير‭ ‬بقوة‭ ‬نحو‭ ‬الإجماع‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى