رأي

“غارديولا” نجم الإنسانية

محمد الرحومي

على‭ ‬غير‭ ‬المُعتاد‭ ‬وخارج‭ ‬الملاعب‭ ‬استطاع‭ ‬‮«‬غارديولا‮»‬‭ ‬معزَّزًا‭ ‬صفوفه‭ ‬بإنسانية‭ ‬ابنته‭ ‬أن‭ ‬يهزم‭ ‬دولًا،‭ ‬وحكومات‭ ‬شرق‭ ‬أوسطية‭ ‬عربية‭.‬

نعم‭ ‬لقد‭ ‬خاض‭ ‬النجم‭ ‬العالمي‭ ‬‮«‬غارديولا‮»‬‭ ‬خارج‭ ‬المستطيل‭ ‬الأخضر‭ ‬أروع‭ ‬مبارياته،‭ ‬وأهم‭ ‬محفل‭ ‬إنساني‭ .. ‬كان‭ ‬فيه‭ ‬فعلًا‭ ‬نجمًا‭ ‬سطع‭ ‬في‭ ‬سماء‭ ‬الإنسانية‭ .. ‬لم‭ ‬يرتدِ‭ ‬فيها‭ ‬هذا‭ ‬النجم‭ ‬أي‭ ‬بدلة‭ ‬رياضية‭ ‬كما‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬مباراته‭ ‬هذه‭ ‬ضمن‭ ‬الكلاسيكو‭ ‬الإسباني،‭ ‬أو‭ ‬الدوري‭ ‬الإنكليزي،‭ ‬ولا‭ ‬حتى‭ ‬ضمن‭ ‬التشامبزليك‭ ‬الأوروبي‭ .‬

لم‭ ‬تخضع‭ ‬أيضًا‭ ‬لقوانين‭ ‬لعبة‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬كما‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬للاتحادات‭ ‬الرياضية‭ ‬الدولية‭ ‬أي‭ ‬سيطرة،‭ ‬أو‭ ‬توجيه‭ ‬له‭ .. ‬لم‭ ‬يرتعب‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬عقوبة‭ ‬ظالمة‭ ‬قد‭ ‬تطاله‭ ..‬

لقد‭ ‬خاض‭ ‬‮«‬غارديولا‮»‬‭ ‬وابنته‭ ‬مباراة‭ ‬دولية‭ ‬شهد‭ ‬عليها‭ ‬أكبر‭ ‬جمهور‭ .. ‬سلب‭ ‬فيه‭ ‬قلوب‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬حمل‭ ‬في‭ ‬قلبه‭ ‬إنسانية‭ ‬البشر‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العالم،‭ ‬وسجل‭ ‬فيها‭ ‬هدفًا‭ ‬واحدًا‭ ‬تاريخيًا‭ ‬في‭ ‬سجلات‭ ‬زعماء‭ ‬المواقف‭.‬

لقد‭ ‬أيقظ‭ ‬روح‭ ‬القيم‭ ‬الإنسانية‭ ‬المشتركة‭ ‬بين‭ ‬الشعوب‭ ‬والمجتمعات‭ ‬خارج‭ ‬الملاعب‭ ‬الخضراء‭ ‬ليبلغ‭ ‬صدى‭ ‬صوته‭ ‬وعنفوانه‭ ‬قلوب‭ ‬مليارات‭ ‬البشر‭.‬

لم‭ ‬يستخدم‭ ‬‮«‬غارديولا‮»‬‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المنافسة‭ ‬مع‭ ‬أولئك‭ ‬المتخاذلين‭ ‬المحترفين‭ ‬في‭ ‬الذل‭ ‬والمهانة‭ ‬قدماه‭ .. ‬بل‭ ‬كانت‭ ‬أحاسيسه‭ ‬ومشاعره‭ ‬هي‭ ‬الحاضرة‭ ‬وكانت‭ ‬قيمه‭ ‬الإنسانية‭ ‬هي‭ ‬المُحفزة‭ ‬بدل‭ ‬الأرباح‭ ‬والكؤوس‭ ‬والمكافآت‭ .‬

ظلت‭ ‬يد‭ ‬‮«‬غارديولا‮»‬‭ ‬نظيفة‭ ‬ناصعة‭ ‬البياض‭ ‬تمامًا‭ ‬كما‭ ‬شباكه‭ ‬التي‭ ‬خلت‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬هدف‭..‬

كلنا‭ ‬عايشنا‭ ‬‮«‬غارديولا‮»‬‭ ‬النجم‭ ‬المُتوج‭ ‬بالبطولات‭ ‬إلا‭ ‬أننا‭ ‬لم‭ ‬ننبهر‭ ‬بهذا‭  ‬القدر‭ ‬من‭ ‬الصمت،‭ ‬والذهول‭ ‬وهو‭ ‬يسجل‭ ‬أثمن‭ ‬وأجمل‭ ‬أهدافه‭ ‬التي‭ ‬شهدتها‭ ‬أعين‭ ‬العالم،‭ ‬وهو‭ ‬يتجاوز‭ ‬مصافحة‭ ‬من‭ ‬قتل‭ ‬أطفال‭ ‬غزة،‭ ‬ويتم‭ ‬أبناءها،‭ ‬وشرد‭ ‬شعبها،‭ ‬وداس‭ ‬مقدساتها،‭ ‬ونهب‭ ‬أرزاقها،‭ ‬واقتلع‭ ‬شجر‭ ‬الزيتون،‭ ‬والرمان،‭ ‬وزرع‭ ‬مكانها‭ ‬الألغام‭ ‬والمتفجرات‭..‬

مهما‭ ‬طال‭ ‬الحديث‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نصف‭ ‬المشهد‭.‬

القلب‭ ‬ينبض‭ ‬لها،‭ ‬والأفواه‭ ‬تصدح‭ ‬ملء‭ ‬الأشداق‭ ‬شكرًا‭ ‬‮«‬غاردرديولا‮»‬‭ ‬لقد‭ ‬انتصرتَ‭ ‬على‭ ‬ملوكنا‭ ‬وسلاطين‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية‭.‬

كونوا‭ ‬بخير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى