شُيد «قوس ماركوس» في القرن الثاني الميلادي تكريمًا للامبراطورين «ماركوس اوريوليوس»، والامبراطور «ولكيوس فيروس» وذلك سنة 163 ميلادية وما لا يعلمه الكل أن القوس أقيم على حساب مواطن ليبي يحمل الجنسية الرومانية يدعى «كاسيوس»، ودشنه نائب للقنصل باسم الأباطرة اللذين ذكرتُ سابقًا، واللذان منعهما عن الحضور استمرار انشعالهما في حروبهما شرق المتوسط .
وبما أن الرومان هم قوم محاربون بالاساس لذا تقول المراجع أنهم استعملوا الاغريق لرفع عظمة هذا القوس، والذين شاركهم عملية رفع هذا المعلم كان سكان ليبيا الاصليين الذين كانوا على قدر كبير من الخبرة والمعرفة في مجال بناء الصروح، وهذا ما اكده الباحث والمورخ الليبي المعاصر دكتور «يوسف الختالي» في العديد من أبحاثه العلمية كذلك في العديد من محاضراته والتي وافقه عليها الكثير من المهتمين بالإثر الروماني في العالم …ولربما هذا ما جعل هذا القوس مميزًا عن اغلب أقواس روما في كل حواضرها بل يفترض أنَّ يدفع بنا كليبيين الآن على القول رغم شراكتنا مع الآخرين في تشييده إلا أنه بتميزه وكونه على أرضنا وكون من دفع مال تشييده ليبي الأصل؛ كذلك والعمال الذين رفعوا صرحه ليبيين ايضًا؛ فالمفترض أنَّ يدفعنا هذا على القول إن هذا القوس ليبي الامتياز، والانتماء أيضًا.
* وقد نقشت أثناء مراسم الافتتاح لوحة تدشين بها أسماء كل المعنيين بالافتتاح من اسماء الاباطرة إلى القناصل، وحكام الأقاليم وطلت هذ اللوحة معلقة بالقوس إلا أنْ ازالها الإنجليز عند احتلالهم لمدينة طرابلس سنة 1943 !!!
* ترتفع أرضية القوس عن مستوى سطح البحر بـ) 3 ـ 51(، وهو مشيد من الرخام اليوناني أما الحجارة الرملية فهي من محاجر جنوب طرابس وحجارة الأرضيات جلبت من مدينة الخمس.
* في سنة 1912 كادت الأجزاء السفلية من القوس تغرق في الطمي والماء مما هدَّد هذا المعلم بالاختفاء والغرق وكان الجزء السفلى منه مغمور بالماء تمامً،ا وقد قامت إدارة الآثار حينها بالعديد من الحلول غير الناجعة لانقاذ المبنى لكن الأمر حُل نهائيًا بالعمل الذي قام به كلٌ من «د.جاكوموكالوتو»، والمعماري «دي فاستوا»، وذلك سنة 1937 حيث قاما بترميم القوس اضافة إلى صنع حرم حامي، ومحيط خاص به منع من تسرب المياه إلى محيطه وأساساته.
* وفي كتابه عن رحلته لطرابلس 1307 ميلادي يصف التيجاني القوس فيقول : )هو مبنى من المباني القديمة العجيبة، وهو على شكل قبة من الرخام المنحوت(، وينهي وصفه بقوله : )وقد اتخذه الأهالي مسجدًا يصلون فيه !!(، والمفيد في قول التيجاني إنّ اهالي طرابلس وحين احسوا أنّ هناك مجموعةً من التجار تتآمر على رخام القوس وحجارته لنزعها والاتجار بها، تكاتف الأهالي لحماية معلم مدينتهم فاختاروا لأجل حمايته أنْ يصلوا بداخله، وتحصّنوا بداخله واتخذوه مسجدًا لهم حتى ضمنوا أن لا يعود إليه الطامعون والمرابون للاستفادة من رخامه وحجارته، حينها عادوا للصلاة بمساجد مدينتهم وأن دل هذا على شيء رغم قدم فترة حدوثه إلا أنه يدل على مستوى الوعي الذي كان عليه سكان طرابلس بتلك الحقبة …..
* لايزال أهل طرابلس يسمون القوس إلى يومنا هذا بـ)مخزن الرخام( لكن التسمية لم يكن مصدرها أهالي طرابلس .
كتب الأسير «جيرراد» الذي أسره البحارةُ الطرابلسيون سنة 1668في مخطوطه الذي عنونه بـ)أخبار تاريخية عن طرابلس(، وهو مخطوط موجود بالمكتبة الوطنية الفرنسية، وبعد وصفه للقوس أن الأسرى الاجانب بالمدينة هم من اسموه، وباللكَّنة الطرابلسية بـ)قوس الرخام(، والتصقتْ هذه التسمية بالقوس إلى يومنا هذا.