رأي

يد الله فوق أيديهم

■ أمين مازن

حرصت البندقية على رفع صوتها مؤكدة أنه الصوت الذي لا يعلو عليه صوت، والقرار الذي تقف أمامه كل القرارات، وقد شاءت الصدف أن يتزامن ذلك مع أحد الاحتفالات الرسمية بالتاسع من أغسطس الذي دخل تاريخنا في العام الأربعين من القرن الماضي عندما دقت طبول الحرب في أكثر من مكان بالعالم، شاملة ليبيا التي لجأ أكثر قياديها إلى المهاجر الشرقية وعلى رأسها مصر التي ضمت الأمير أدريس عندما تواصل مع الإنجليز للمشاركة في الحرب، أملًا في أن يؤدي الانحياز إلى الحلفاء لإمكانية الحصول على الاستقلال، ومع أن مواقف المهاجرين قد تباينت والتدخلات الخارجية قد أثرت، إلا أن الأغلبية رجحت المشاركة غير المشروطة التي قبل بها السيد أدريس وقد كسب الحلفاء الحرب لحسن الحظ، وتقرر مصير ليبيا لاحقا تجاه الاستقلال وتتويج السيد أدريس ملكا، وحُصِرَ العرش في أبنائه من صلبه، فاعتُبر التاسع من أغسطس في دولة الاستقلال عيدا للجيش وأعطت المشاركة فيه الأقدمية الادارية على كل الصعد بالرغم مما شهده أول مجلس نيابي من حوار في الخصوص، والحديث في هذا الشان يطول، ويبقى صوت البندقية الذي ارتفع مثبتاً أنه فوق الأصوات وأن أكثر من طرف منخرط في الصراع ما يزال يعول على هذا الخيار، كما أن ما لوحظ من حداثة الأسلحة وخروجها لمثل هذا الباعث لينذر بالكثير، وعندما يتجه الحديث إلى إصلاح ما تهدم والتعويض عما فُقِد ومن فقد، فإن تكرار ما جرى سيكون أقرب مما سواه، أي أن كل خلاف إداري سيكون ثمنه هذا النوع من الخسائر البشرية وتسويته عن طريق الحكماء، وليس القانون وسلطة الدولة، لأن الدولة ما زالت بعيدة، كما أن اختلاف الدول حولنا وعدم اتفاق وكلائهم سيكون ثمنه دوما خسارة الجميع بمن في ذلك من يتوهمون النصر ويفرحون بكسر شوكة من استشعروا شيئاً من تقدمه عليهم في موقع من المواقع، فلم يحل دون معارضتهم باهض الثمن والذي لا مهرب من عواقبه وإن بدا لهم غير ذلك، لقد حرصت البندقية على رفع صوتها كما صدرنا هذه المقاربة وغير بعض المجندين الإعلاميين  لهجتهم  بإدانات غير مألوفة وبات مؤكداً أن الاحتكام إلى السلاح قد ينذر بالوصول إلى أبعد  المسافات وأحدث الانشاءات، فالمهم أن يفقأ الليبيون أعينهم بأصابعهم وهم جميعاً أقرب الأوراق إلى السقوط على مناضد القرار الدولي، وليس لنا مادامت هذه العقليات تتقدمنا سوى أن تنتظر الاسوأ.

وأخيراً «يد الله فوق أيديهم»

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى