أحداث و أرقام
إعداد خاص المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا
قسم تقصي الحقائق والرصد والتوثيق مكتب الشؤون الإنسانية والطوارئ
في مشهد يعيد للأذهان أشد لحظات النزاع الليبي قتامته، عاشت العاصمة طرابلس، يوم الثلاثاء الموافق 13 مايو 2025، يوماً دامياً نتيجة اشتباكات مسلحة وقصف متبادل وسط مناطق مكتظة بالسكان المدنيين. ويأتي هذا التصعيد وسط فشل مستمر في احترام القانون الدولي الإنساني، وتحديداً مبدأ التمييز والنسبة والتناسب في العمليات العسكرية.
ورغم الغياب الكامل للبيانات الرسمية من قبل وزارة الصحة بحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، والتكتم الإعلامي حيال الحصيلة النهائية للضحايا، تمكن فريق قسم تقصي الحقائق والرصد والتوثيق، ومكتب الشؤون الإنسانية والطوارئ التابع للمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا، من جمع بيانات أولية موثوقة من مصادر ميدانية وطبية مستقلة، تكشف عن حجم الانتهاك الإنساني.
أرقام أولية صادمة:
عدد الضحايا المدنيين: 53 قتيلاً، بينهم 4 نساء ليبيات، ومواطنان من جنسيات أجنبية «مصري ونيجيري».
عدد الجثث مجهولة الهوية: 10 جثث متفحمة لم يُتم التعرف على هوياتها حتى اللحظة.
عدد المصابين: 40 مدنياً، تتراوح إصاباتهم بين الطفيفة والحرجة، من بينهم من تم إدخالهم غرف العناية الفائقة في مرافق طبية عامة وخاصة.
بلاغات المفقودين: وردت 20 بلاغًا موثقًا عن حالات اختفاء قسري لأشخاص مدنيين بين تاريخي 12 إلى 14 مايو 2025، تركزت في مناطق: طريق المطار، حي الأندلس، أبوسليم، الهضبة، الجرابة، رأس حسن، عين زارة، السدرة، وسوق الجمعة.
تحليل قانوني أولي:
تكشف هذه المعطيات عن وجود استخدام مفرط للقوة والأسلحة في مناطق سكنية، بما يشكّل خرقًا واضحًا لمبادئ القانون الدولي الإنساني، خاصة واجب حماية السكان المدنيين خلال العمليات العسكرية. كما يُثير تجاهل الإعلان الرسمي عن الحصيلة الحقيقية تساؤلات جادة بشأن الشفافية والمساءلة، وحرمان الضحايا وذويهم من حقوقهم في معرفة الحقيقة وجبر الضرر.
نداء حقوقي عاجل:
تدعو المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا إلى:
1. فتح تحقيق محايد ومستقل لكشف المسؤولين عن الانتهاكات.
2. نشر تقرير رسمي فوري من الجهات الطبية المختصة حول عدد الضحايا والمصابين.
3. تحديد مصير المفقودين وضمان سلامتهم، بالتعاون مع الجهات الأمنية والإنسانية.
4. تفعيل المساءلة القانونية على كل الأطراف التي تجاهلت مبدأ حماية المدنيين.
ختام:
ما حدث في طرابلس ليس مجرد اشتباك مسلح، بل أزمة إنسانية حقيقية تتطلب استجابة جادة، لا تكتفي بالتوثيق، بل تتجه نحو الإنصاف. فأرواح المدنيين ليست أضرارًا جانبية، بل هي مركز أي معادلة شرعية في زمن الحرب أو السلم.
عبير على أبو عافية