إجتماعي

أحلام مؤجلة

فائزة العجيلي

احتياجاتُ‭ ‬الطفل‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬هي‭ ‬متساوية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬بقاع‭ ‬الدنيا،‭ ‬وطلباته‭ ‬معروفة‭ ‬ألعابٌ‭ ‬ومكانٌ‭ ‬يلعب‭ ‬فيه‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬أكلٍ‭ ‬جيدٍ‭ ‬يُقيم‭ ‬به‭ ‬صلبه،‭  ‬وأحلام‭ ‬يستقيها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مشاهداته‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬أسرته،‭ ‬وأقاربه‭ ‬وكل‭ ‬بلدان‭ ‬العالم‭ ‬المتقدم‭ ‬أولت‭ ‬اهتمامًا‭ ‬منقطع‭ ‬النظير‭ ‬بالأطفال‭ ‬لأنهم‭ ‬عماد‭ ‬المستقبل‭ .‬

فالتعليم‭ ‬الجيد،‭ ‬والاهتمام‭ ‬الذي‭ ‬يستحقه‭ ‬يصنع‭ ‬منه‭ ‬رجل‭ ‬الغد‭ ‬الذي‭ ‬يستلم‭ ‬قيادة‭ ‬الدولة‭ ‬بعد‭ ‬رحيل‭ ‬من‭ ‬كان‭ ‬يقودها‭ ‬

لكن‭ ‬عندنا‭ ‬فالأمر‭ ‬مختلف‭ ‬جدًا‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬مدارس‭ ‬متهالكة،‭ ‬وحدائق‭ ‬غائبة‭ ‬وشوارع‭ ‬تراب‭ ‬خالية‭ ‬من‭ ‬الأسفلت‭.‬

هذا‭ ‬هو‭ ‬حال‭ ‬بيئة‭ ‬ليبيا‭ ‬التى‭ ‬نطلب‭ ‬منها‭ ‬أن‭ ‬تنتج‭ ‬طفلًا‭ ‬سويًا‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬الغيابات‭ .‬

زيارة‭ ‬قصيرة‭ ‬إلى‭ ‬المدارس‭ ‬تفصح‭ ‬لكَ‭ ‬عن‭ ‬حال‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬بلاد‭  ‬يحلم‭ ‬ساكنوها‭ ‬بوجود‭ ‬الاستقرار‭ ‬وبيئة‭ ‬تصلح‭ ‬للحياة‭. ‬

أما‭ ‬الحدائق‭ ‬فالحديث‭ ‬عنها‭ ‬يطرح‭ ‬كثيرًا‭ ‬من‭ ‬الأسئلة‭ ‬أين‭ ‬التخطيط‭ ‬السليم؟،‭ ‬وأين‭  ‬الأراضي‭ ‬المخصَّصة‭ ‬للحدائق‭ ‬واخال‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬الأسئلة‭ ‬ستظل‭ ‬معلقة‭ ‬إلى‭ ‬وقت‭ ‬طويل‭ ‬فلم‭ ‬يعد‭ ‬هناك‭ ‬أمكنة‭ ‬يمكن‭ ‬تخصيصها‭ ‬لهذا‭ ‬المجال‭ ‬طالما‭ ‬الحديقة‭ ‬ليست‭ ‬من‭ ‬مسؤولية‭ ‬ساكن‭ ‬المكان‭ .‬

أمينة‭ ‬الصغيرة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬تسأل‭ ‬والديها‭ ‬عن‭ ‬أخذها‭ ‬إلى‭ ‬الحديقة‭ ‬التى‭ ‬تشاهدها‭ ‬في‭ ‬التلفزيون،‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬شاشة‭ ‬هاتف‭ ‬أختها‭ ‬الكبيرة‭ ‬وهي‭ ‬لا‭ ‬تعلم‭ ‬أنه‭ ‬بمكان‭ ‬ايجاد‭ ‬حديقة،‭ ‬أو‭ ‬مكان‭ ‬يتسع‭ ‬لحركتها‭ ‬ولحلمها‭ ‬الصغير‭ ‬في‭ ‬وجود‭ ‬حديقة‭ ‬مثل‭ ‬بقية‭ ‬بلدان‭ ‬العالم‭ .‬

اقران‭ ‬أمينة‭ ‬كثرٌ‭ ‬بعضهم‭ ‬فقد‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬وجود‭ ‬تلك‭ ‬الأمكنة‭ ‬وصار‭ ‬يلعب‭ ‬في‭ ‬شوارع‭ ‬التراب،‭ ‬والبعض‭ ‬الآخر‭ ‬كان‭ ‬محظوظًا‭ ‬بسبب‭ ‬قدرة‭ ‬والديه‭ ‬على‭ ‬نقله‭ ‬إلى‭ ‬بلد‭ ‬أخرى‭ ‬تتيح‭ ‬له‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬الأنشطة‭ .‬

طبعًا‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬الرسم‭ ‬والمكتبات،‭ ‬وتنمية‭ ‬الهوايات‭ ‬أمر‭ ‬مبالغ‭ ‬فيه‭ ‬ولا‭ ‬مكان‭ ‬له‭ ‬بالمرة‭ ‬في‭ ‬بيئتنا‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬غياب‭ ‬وجود‭ ‬مراكز‭ ‬دعم‭ ‬اجتماعي‭ ‬ونفسي‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تلك‭ ‬الأشياء‭ ‬التي‭ ‬تعيق‭ ‬حياة‭ ‬الطفل‭ ‬الليبي‭ .‬

اعلم‭ ‬أنه‭ ‬حديث‭ ‬موجع‭ ‬وعبارة‭ ‬عن‭ ‬الحرث‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬حين‭ ‬يسمعك‭ ‬أحدها‭ ‬ويصفك‭ ‬بالحالم‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ما‭ ‬نعانيه‭ ‬من‭ ‬غياب‭ ‬للتخطيط‭ ‬السليم‭ ‬لإيجاد‭ ‬بيئة‭ ‬تصلح‭ ‬للحياة‭ .‬

ورغم‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يعانيه‭ ‬الطفل‭ ‬عندنا‭ ‬تظل‭ ‬أحلام‭ ‬أمينة‭ ‬ورفقاتها‭ ‬تبحث‭ ‬عمن‭ ‬يستطيع‭ ‬تنفيذها‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى