ثلاثمائة وخمسة وستون يومًا وربع اليوم هي عدد أيام السنة التي نقضي أغلب أيامها في التهاني والتبريكات .. ففي بداية العام نراسل بعضنا بعضًا، ونقابل بعضنا بعضًا بالتهاني بمناسبة العام الميلادي الجديد وهو يتسرب من أعمارنا .. وما أن تكتمل تهانينا بالعام الجديد حتى نشرع في التهاني بمناسبة ثورة (فبراير) .. فالبعض يراها مباركة والبعض الآخر يرى أنها كارثة ورغم ذلك نتبادل فيها التهاني .. وما أن نفرغ من شهر (فبراير) حتى يأتي عيد الحب بلونه الأحمر .. فهناك من يستنكر التهنئة فيه على أساس أنها بدعة .. في حين يجعل الغالبية أذن من طين وأخرى من عجين لنصائح المشائخ والوعاظ بتحريم هذه المناسبة النصرانية .. ثم تدخل وقرة التهاني بنجاح تلاميذ المرحلة الابتدائية والروضة وهذه تنفرد بتهان ذات صبغة عاطفية تتخللها الهدايا والمنح .. إلى أن تعلن نتائج امتحانات الشهادة الإعدادية وتعقبها بعد فترة الشهادة الثانوية فتزخر الجرائد والإذاعات وبرامجها المباشرة وكذلك الرسائل النصية ووسائل الاتصال المختلفة والسريعة بالتهاني والتمنيات بالتفوق في المراحل القادمة .. ثم يهل شهر رمضان لتبدأ التهاني بشكل تسوده الروح الإيمانية والنفحات القرآنية بقدوم شهر الصوم قبل حلوله بشهر لدرجة أن البعض يشعر بأن شهر رمضان غول سيلتهم كل شيء يدخرونه .. بعد ذلك تتخلل شهر رمضان التهاني بمناسبات مثل فتح مكة و ليلة القدر إلى أن يهل العيد فتنتشر بطاقات التهاني على الهواتف النقالة وعلى صفحات الفيس البوك .. حتى موعد قرعة الحجيج وتنتهي بإقلاع آخر طائرة نحو الأراضي المقدسة ليبدأ شهر الحج وأيامه المباركة كمقدمة لعيد الأضحى فتنهال التهاني والتبريكات والدعوات بطول العمر وقبول الأضحية .. وأخيرًا بدء العام الدراسي لتعود سلسلة التبريكات والتهاني في العام الذي يلي .. هذا خلاف الأعياد الأخرى التي قد لا تعني للبعض أي شيء مثل عيد تأسيس الجيش، وعيد العمال، وعيد المولد النبوي، وعيد استقلال البلاد ناهيك عن أعياد الميلاد .. يصاحب هذه المناسبات هدر الأموال وصناعة الحلويات والذبائح لغير طاعة الله .. فلو قمنا بعملية حسابية بسيطة لأيام الليبيين سنجدها تتعدى نصف العام تذهب في تهانٍ وتبريكات وعطلاتٌ، وخسائر مادية كبيرة لو استثمرت لمشروع عائلي لغناها عن مذلة المصارف في كل عيد .