رأي

“أفريدوت” والحسناوات الثلاث “النفط لا يعوض التاريخ”

محمد الرحومي

الكثير‭ ‬منا‭ ‬لا‭ ‬يعي‭ ‬معنى‭ ‬الفساد‭ ‬التاريخي‭ ‬الأثري‭ .. ‬بل‭ ‬لا‭ ‬يعتقدون‭ ‬بأن‭ ‬ثمة‭ ‬ثروة‭ ‬هائلة‭ ‬تمتلكها‭ ‬ليبيا‭ ‬غير‭ ‬النفط‭ .. ‬

فهم‭ ‬يتفاعلون‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬مع‭ ‬أي‭ ‬خبر‭ ‬يتعلق‭ ‬بهدر‭ ‬المال‭ ‬العام‭ ‬سواء‭ ‬المتعلقة‭ ‬بمصروفات‭ ‬المركزي‭ ‬أو‭ ‬الوزارات‭ ‬كما‭ ‬أنهم‭ ‬يتفاعلون‭ ‬أيضاً‭ ‬مع‭ ‬تهريب‭ ‬الوقود‭ ‬وبيع‭ ‬النفط‭ ‬الليبي‭ ‬خارج‭ ‬السياق‭ ‬وهو‭ ‬تفاعل‭ ‬مطلوب‭ ‬وبكاء‭ ‬في‭ ‬محله‭ ‬رغم‭ ‬عدم‭ ‬القدرة‭ ‬عن‭ ‬فعل‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬حيال‭ ‬هذا‭ ‬العبث‭ ..‬وباستثناء‭ ‬بعض‭ ‬المتخصصين‭ ‬لا‭ ‬نعلم‭ ‬بأننا‭ ‬في‭ ‬صدارة‭ ‬الدولة‭ ‬التي‭ ‬يوجد‭ ‬بها‭ ‬فساد‭ ‬في‭ ‬الممتلكات‭ ‬التاريخية‭ ‬الأثرية‭.‬

ناهيك‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الكثير‭ ‬منا‭ ‬لا‭ ‬يعلم‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬القيمة‭ ‬أساسا‭ ‬التي‭ ‬تمتلكها‭ ‬ليبيا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬حتى‭ ‬ولو‭ ‬كانت‭ ‬كبيرة‭ ‬كأفريدوت‭ ‬أو‭ ‬الحسناوات‭ ‬الثلاث‭ ‬اللاتي‭ ‬يمثلن‭ ‬مشهد‭ ‬أثري‭ ‬وتاريخي‭ ‬لذا‭ ‬عديد‭ ‬الدول‭ ‬والشعوب‭ ‬بمن‭ ‬فيهم‭ ‬الرحالة‭ ‬ورواد‭ ‬السفر‭ ..‬

السرايا‭ ‬الحمراء‭ ‬ومتحفها‭ ‬هما‭ ‬مجرد‭ ‬أسماء‭ ‬لقلب‭ ‬العاصمة‭ ‬،‭ ‬ولم‭ ‬تعد‭ ‬لمحتوياتهما‭ ‬أي‭ ‬قيمة‭ ‬باستثناء‭ ‬بعض‭ ‬القطع‭ ‬الأثرية‭ ‬البسيطة‭ ‬،‭ ‬لأن‭ ‬القيمة‭ ‬لدينا‭ ‬ببساطة‭ ‬هي‭ ‬مادية‭ ‬ورخيصة‭ ‬ولا‭ ‬علاقة‭ ‬لها‭ ‬بالثروات‭ ‬التاريخية‭ ..‬

قبل‭ ‬عقدين‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬تمت‭ ‬سرقة‭ ‬أفريدوت‭ ‬وهي‭ ‬النسخة‭ ‬الأصلية‭ ‬كما‭ ‬صنفها‭ ‬بعض‭ ‬المتخصصين‭ ‬ثم‭ ‬عادت‭ ‬بعد‭ ‬جهود‭ ‬ومساع‭ ‬مهمشة‭ ‬وكأنها‭ ‬نسخة‭ ‬طبق‭ ‬الأصل‭.‬

تماماً‭ ‬كما‭ ‬عادت‭ ‬الحسناوات‭ ‬الثلاث‭ ‬ولكن‭ ‬برأس‭ ‬واحدة‭ ‬بعد‭ ‬سرقة‭ ‬أجزاء‭ ‬منها‭ .‬

أما‭ ‬الآن‭ ‬طيلة‭ ‬هذا‭ ‬العقد‭ ‬الأخير‭ ‬فإننا‭ ‬لا‭ ‬نمتلك‭ ‬إلا‭ ‬الأماكن‭ ‬ورائحة‭ ‬الثروات‭ ‬التي‭ ‬غادرتنا‭ ‬نهائياً‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬السرايا‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬صالة‭ ‬خاوية‭ ‬على‭ ‬عروشها‭ ‬أو‭ ‬الآثار‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬مجرد‭ ‬ممرات‭ ‬وأحجار‭ ‬وأطلال‭ .. ‬حتى‭ ‬الفيسفساء‭ ‬التي‭ ‬تعد‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬المدن‭ ‬التاريخية‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬روعة‭ ‬ومادة‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬فهم‭ ‬التاريخ‭ ‬الإنساني‭ ‬تم‭ ‬العبث‭ ‬بها‭ ‬واهمالها‭ ‬كأي‭ ‬شيء‭ ‬عابر‭ ..‬

نعم‭ ‬الكثير‭ ‬منا‭ ‬لايعي‭ ‬بأننا‭ ‬بلد‭ ‬ينخره‭ ‬الفساد‭ ‬في‭ ‬مكتسباته‭ ‬التاريخية‭ ‬وهو‭ ‬فساد‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تعويضه‭ ‬بزيادة‭ ‬الطاقة‭ ‬الإنتاجية‭ ‬للنفط‭ ‬أو‭ ‬الغاز‭ ‬لانها‭ ‬خسارة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تعويضها‭ ‬أو‭ ‬إدراج‭ ‬قيمتها‭ ‬تحت‭ ‬أي‭ ‬حساب‭ ‬إلا‭ ‬حساب‭ ‬الوطن‭ ‬والتاريخ‭ ..‬

كونوا‭ ‬بخير‭..‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى