رأي

أمين مازن يكتب.. لا غنى لمن لحق عمن سبقه

ثلاثة إجراءات إدارية عاصرتها و أملَت عليَّ قول ما تيسّر، أحد هذه الاجراءات يتعلق برسائل الدكتوراه التي يتقدم لها الموفدون من الجامعة و قد حصرها الدكتور عبد المولى دغمان، عشية رئاسته للجامعة الليبية، بجامعات أوروبا لكي يجمع الخريج الليبي بين التأهيل العالي وإتقان إحدى اللغات الحية، فاعتبر الدكتور علي خشيم عند كتابته سيرته الذاتية أن دغمان قصده شخصيًا عندما لم يقبل رغبته في الدراسة بمصر التي حصل منها على الماجستير، فوضحت ما لدى عند تناول الكتاب في الندوة التي أُقيمت في معرض الكتاب الليبي والدورة الموسومة باسم خشيم. أما ثاني هذه الإجراءات فهو القرار الذي أصدره السيد أحمد إبراهيم بصفته وزيراً للتعليم بحصر دراسات العلوم الإنسانية في الجامعات الليبية، انطلاقاً من أن هذه الدراسات تمثل مشاريع عمل يمكن تبنيها من الدولة ومن غير المفيد لثروة البلاد وعقول مؤهليها أن تترك للأجانب أي كل من ليسوا ليبيين أن يستفيدوا منها قبل الدولة الليبية، وهو تحفّظ استصوبنه و فضّلت عدم المجاهرة بتأييده خشية سوء الفهم. أما ثالث هذه القراءات فيتعلق برسالة الدكتوراه التي قدمها السيد موسى كوسا عن شخص معمر القذافي و نال عليها إجازته من جامعات أوروبا و قد رآى الأستاذ يوسف الشريف و هو يرأس تحرير مجلة الفصول الأربعة الناطقة بإسم كتَّاب ليبيا، و قد طُرِحَت فكرة إصدار ملف عنه، إجراء حوار مع القذافي يكون منطلقه رسالة موسى كوسا، و قد تم الاتصال به عن طريق الراحل عبد اللطيف بوكر فقبل موسى الطلب مشترطاً الاطلاع في مكان لا يسع غير المُحاور، فلم تُنجز المهمة لمستجدات لا علاقة لها بالمهمة، فبقيت مهمة الاطلاع على  ما حوت الرسالة المذكورة واحدة من الضرورات المعرفية التي لا تزال في حاجة إلى المطالبة بها سواء عن طريق المؤلف الذي قدمها كرسالة علمية و من حق الأجيال أن تعرف ما بُذِلَ من الجهد و ما تحقق له من التكوين، فعملٌ أُنجِزَ من الجامعة و في السنوات الأولى من قيام نظام الفاتح يُعتبر أحد الوثائق التي تحتاج إليها الأجيال الجديدة، فسبتمبر جزء من التاريخ الليبي شئنا أم أبينا، و موسى شاهد من شهود المرحلة و واحد من الذين دخلوا الكادر عن تأهيل و جهد، و انسحاب دال و صمت أكثر دلالة. نعم أن الرسالة لم تفقد أهميتها و الإطلاع عليها يمثل ضرورة للمختصين الليبيين لما تحمله من المفاتيح الدالة على الكيمياء المبكرة التي جمعت بين الإثنين وبقيت حتى الأسابيع الأخيرة من عمر النظام، فمنها يستطيع الباحث الجاد أن يدرك بأن كوسا الذي ارتبط بالعهد و هو ما يزال في مرحلة الدراسة و اتخذ ممن أصبح لاحقاً رأسه، كي يكون موضوع دراسته التي حصل بها على المؤهل العلمي العالي و ربما التواصل مع من مكّنه آفاق أوسع، فتكون خلاصة ذلك كله أن المكانة التي طالها البعض لم تخل من الجهد و أن الاطلاع على ما قُدِّمَ عنها إلى مراكز البحث و الدراسة مايزال ضرورياً و جديراً بالقراءة و استخلاص الدراسة المفيدة في معركة الوجود و التي لا غنى فيها لمن لحق عمّن سبقه، و جُل من قال «لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى