رأي

أوراق من الذاكرة

محمد الرحومي

تلكَ‭ ‬كانت‭ ‬البداية‭ .. ‬بين‭ ‬المستبدِ‭ ‬الذي‭ ‬طال‭ ‬أمده،‭ ‬والمطالب‭ ‬بحق‭ ‬الحياة،‭ ‬ونصرة‭ ‬المضطهد‭ .. ‬فقد‭ ‬ترجلتْ‭ ‬أجسادُ‭ ‬المتظاهرين‭ ‬يوم‭ ‬17‭ ‬فبراير‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2011‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬رصاصة‭ ‬متجهين‭ ‬صوب‭ ‬‮«‬ميدان‭ ‬الشهداء‮»‬‭ .. ‬وعلى‭ ‬حواف‭ ‬الطريق‭ ‬كانتْ‭ ‬تدوي‭ ‬رصاصات‭ ‬من‭ ‬تعمَّق‭ ‬ظلمهم،‭ ‬واضطهادهم‭ ‬أربعة‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬الظلم،‭ ‬والقتل‭ ‬يصاحبهم‭ ‬المستفيدون‭ ‬من‭ ‬غنائم‭ ‬لجانهم‭ ‬الدموية‭ ‬وآكلي‭ ‬الزقوم‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬اهتمام‭ ‬بقيمة‭ ‬الوطن،‭ ‬والشعب‭ ‬في‭ ‬سكنه،‭ ‬وتعليمه‭ ‬وصحته‭ ‬ومستقبله،‭ ‬وحريته‭ ‬التي‭ ‬حُرِمَ‭ ‬فيها‭ ‬حتى‭ ‬بمجرد‭ ‬كلمة‭ ‬على‭ ‬صانع‭ ‬الموت‭..‬

متطوعون‭ ‬وثوراتجيون‭ ‬وتصفويون،‭ ‬ولجان‭ ‬دموية‭.. ‬تلك‭ ‬كانت‭ ‬شؤونهم‭ ‬التي‭ ‬تناسوها،‭ ‬وكأن‭ ‬شيئًا‭ ‬لم‭ ‬يحدث‭..‬

لماذا‭ ‬فبراير‭ ..‬؟،‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬السؤال‭ ‬الأجدى‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬الظلمُ‭ ‬نتاجًا‭ ‬لظلم‭ ‬أقسى،‭ ‬وأشد،‭ ‬أو‭ ‬مقارنات‭ ‬تنسينا‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬جرم‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬الوطن،‭ ‬والشعب‭ ..‬

فمن‭ ‬أراد‭ ‬الوطن‭ ‬لا‭ ‬يمكنه‭ ‬أن‭ ‬يطالب‭ ‬بقتل‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬تجرأ‭ ‬أن‭ ‬يخرج‭ ‬على‭.‬مسار‭ ‬سكته‭ ‬فما‭ ‬بالك‭ ‬بمن‭ ‬يتظاهر‭ ‬وسط‭ ‬الشوارع،‭ ‬والأزقة‭ ‬ولا‭ ‬تدعمه‭ ‬في‭ ‬خطواته‭ ‬الأولى‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬الأمم‭ ‬الأخرى‭..‬

لم‭ ‬تكن‭ ‬فبراير‭ ‬مجرد‭ ‬عصيان‭ ‬بل‭ ‬كانت‭ ‬نتيجة‭ ‬حتمية‭  ‬للقطط‭ ‬السمان‭ ‬الذين‭ ‬استباحوا‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ .. ‬وقد‭ ‬قادهم‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬رمزهم‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شيء‭.. ‬هم‭ ‬كان‭ ‬السبب‭ ‬أولاً‭ .. ‬وأخيرًا‭ .. ‬وهم‭ ‬من‭ ‬استبقوا‭ ‬الزمن‭ ‬حتى‭ ‬أصبحوا‭ ‬حاضراً‭ ‬مسؤولين‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تجردوا‭ ‬من‭ ‬قيمهم‭ ‬المتلونة‭ .. ‬هم‭ ‬بيت‭ ‬القصيد‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬آخر‭.. ‬فبراير‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬مجرد‭ ‬ثورة‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬إنهاء‭ ‬لشراهة‭ ‬لجان‭ ‬السخط‭ ‬الذين‭ ‬ضحكوا‭ ‬حتى‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬معهم‭ ‬في‭ ‬الخنادق‭ ‬كما‭ ‬يصفون‭..‬

‭ ‬نعم‭ ‬انتهى‭ ‬حكم‭ ‬الفرد‭ .. ‬وانتهى‭ ‬معه‭ ‬ديكتاتوريته‭ ‬المطلقة‭ ..‬

ربما‭ ‬لم‭ ‬تكتمل‭ ‬أحلامنا،‭ ‬وسُرِقتْ‭ .. ‬كما‭ ‬سُرِقتْ‭ ‬أحلامنا‭ ‬سابقًا‭ .. ‬ولكنَّنا‭ ‬مازالتْ‭ ‬حناجرنا‭ ‬تهتف‭ ‬بوحدة‭ ‬الوطن،‭ ‬والبناء‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬رجوع‭ ‬عن‭ ‬وحدة‭ ‬ليبيا‭ ‬وبنائها‭ ‬مهما‭ ‬طال‭ ‬السفر‭..‬

كونوا‭ ‬بخير‭..‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى