على الطريق

أين أحلامي يا أبي؟!

محمد الهاشمي

ها‭ ‬أنا‭ ‬يا‭ ‬أبي‭ ‬

شقيٌ‭ ‬كـدمية‭ ‬ممزقة‭ ‬

أرتشفُ‭ ‬من‭ ‬تجاعيدك‭ ‬سهري‭ ‬

وأصنعُ‭ ‬من‭ ‬وعودكِ‭ ‬الصغيرة

رجلَ‭ ‬ثلجٍ‭ ‬كبير‭ ‬

ألا‭ ‬تذكرُ‭ ‬يا‭ ‬أبي‭ ‬

الأنتظار‭ ‬الطويل‭ ‬أمام‭ ‬المخابز‭ ‬

فجراً‭ ‬

ورائحةُ‭ ‬الخطابات‭ ‬الثورية‭ ‬

تفوحُ‭ ‬من‭ ‬نهايات‭ ‬الأزقةِ‭ ‬الرطبة

والقفز‭ ‬بين‭ ‬حقول‭ ‬العجين‭ ‬

فوق‭ ‬مصطبة‭ ‬جدتي‭ ‬الرخامية

كـعصفورين‭ ‬أخضرين‭ ‬لا‭ ‬يُحبانِ‭ ‬الغروب‭ ‬

لازلتُ‭ ‬أنتظر‭ ‬الثامنة‭ ‬كل‭ ‬مساء‭ ‬

لأشاهد‭ ‬موجز‭ ‬الأخبار‭ ‬

وأنا‭ ‬أرتلُ‭ ‬آخر‭ ‬ما‭ ‬ورد‭ ‬إلينا‭ ‬

وأتلو‭ ‬القتل‭ ‬على‭ ‬مسامع‭ ‬الفقراء‭ ‬

أو‭ ‬لأخبر‭ ‬العرب‭ ‬عاجلاً‭ ‬

أن‭ ‬فلسطين‭ ‬قد‭ ‬تحرَّرت‭ ‬

ألم‭ ‬تُخبرني‭ ‬بأني‭ ‬سأكون‭ ‬هناك‭ ‬

أرتدي‭ ‬طفولتي‭ ‬المشذبة‭ ‬

وأضعُ‭ ‬عطرًا‭ ‬رائحتهُ‭ ‬بيتنا‭ ‬

وألوكُ‭ ‬التبغَ‭ ‬كـنكتةٍ‭ ‬بذيئة‭ ‬

فأين‭ ‬أحلامي‭ ‬يا‭ ‬أبي‭ ‬

لازلتُ‭ ‬أنتظر‭ ‬

حنجرتي‭ ‬مفخخة‭ ‬بالنيكوتين‭ ‬

ورأسي‭ ‬يُحاصره‭ ‬الشيب‭ ‬

ندوبي‭ ‬لا‭ ‬تبدو‭ ‬مُقنعة‭ ‬

فلا‭ ‬أحدَ‭ ‬يفكر‭ ‬في‭ ‬وضعِ‭ ‬الثلج‭ ‬عليها‭ ‬

وأنا‭ ‬وحيد‭ ‬كـمحاولة‭ ‬أنتحار

لرجل‭ ‬يغرق‭ ‬

أريد‭ ‬وطني‭ ‬المذوبح‭ ‬

كـطائر‭ ‬سنونو‭ ‬

هدهدات‭ ‬أمي‭ ‬بيديها‭ ‬المُخضبتين

بالماضي‭ ‬وشجارات‭ ‬أشقائي

لأجلك‭ ‬

لقد‭ ‬كان‭ ‬فراشك‭ ‬يسعُ‭ ‬بكائي‭ ‬المتقاطر‭ ‬

لذلك‭ ‬كنتُ‭ ‬أحب‭ ‬الأنتظار‭ ‬

لأكبر‭ ‬كـشجرة‭ ‬زيتون‭ ‬

وأرفرفَ‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬الشارع‭ ‬الموحل‭ ‬

لأشتري‭ ‬بعض‭ ‬الهالاتِ‭ ‬والقمل‭ ‬

بعض‭ ‬الشبابِ‭ ‬الملطخِ‭ ‬بالحرب‭ ‬

والحبِ‭ ‬المصلوبِ‭ ‬فوق‭ ‬خشبِ‭ ‬العادات‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى