لا نريد لعموم بلادنا أن تفقد مكتسباتها مهما كان حجم الإنجازات..فبعد قطع فبراير في البدايات لأكثر من مشوار ظل المواطن يأمل أن تنتهي مراحل المسير خطوة ثم الرجوع خطوتين..وعندما كنا نقترب في كل مرة من معالجة التحديات..تعود بنا التجاذبات كلما تحصل أزمة إلى حالة المراوحة حيث لا ندري بعدها أين الإتجاه..لكن يظل حافز مهم وهو كون تخطي ماضي الصراعات والحروب لم يكن بالأمر السهل..فقد كان ذلك بمثابة اختبار صعب لمدى القدرة على المضي قدما وترك الجمل بما حمل خلف ظهورنا..وفعلا تم حتى وقت قريب تجاوز صعوبات بهدف تحقيق مستقبل يمكن ألا يكون مثاليا فالأمر يظل دوما بيد الفرقاء وهنا لا خلاف على وطنيتهم لكن لكل فريق بوصلته..وبما أن الحياة مثل ركوب الدراجة بمعنى لكي تحافظ على توازنك يجب أن تستمر في الحركة إلى الأمام..نجد تعكر صفو المناخ فوق الخارطة بسبب ما حدث من تعثر مؤخرا نتيجة تفاوت المواقف..رغم علمنا بأن المواطن بات منهكا ويفتح عينيه على ضبابية توفير الخدمات..فكيف لو أقيمت استطلاعات رأي من المفترض أن تكون معنوياتها عالية في ليبيا الثروات..المهم المطلوب حاليا التركيز على الإنتخابات البلدية واللجوء إليها للإفلات من هذا الوضع..حتى لا يمثل مايحدث اليوم من خلافات مفارقة مستعصية لا يمكن حلها على المدى القريب..لأنه سوف يكون من المدمر تحول النزاعات إلى طول أمد ومن ثم العودة بخفي حنين بعد كل المصروفات وتواصل عمل النهار بالليل..وبالتالي نشوء فراغ نتيجة عدم التوافق ليخلق سلسلة من القضايا المعقدة يصعب تفكيكها..وحتى لا يكون من المرجح كما حدث مرات تكرار نفس الأزمات..فكل ساعة تعد ضائعة عند الاكتفاء بالتعامل مع المختنقات بحقن مسكنة..فهذا مستقبل دولة وشعب وأجيال واليوم بألف سنة..فبما أن ترك خصام الأخوة الحالي يعني أننا قد نحظى بمستقبل أفضل فلماذا لا نوقف ضياع السنوات دون طائل؟..فنحن لن نجد مصيرنا أبدا في مرآة الرؤية الخلفية..لما لا خاصة وأن متصدري المشهد المحنكين علمتهم التجارب..مما تمنحهم القدرة على التخلي عما يعتقد إنه بات مألوفا عند الغير ويظل يلوكه تحت الطاولة وأمامها..هذه اللحظة هي الوحيدة التي نعرف أننا نمتلكها بالتأكيد والمطلوب الإستفادة من أقل الإحتمالات المتوافرة..وكلما اتيحت الفرص للنقاش وتدوير الأمور كلما قلت مناسبات استضافة القريب والبعيد ليسمع منا ونسمع منه في الوقت الذي نتراشق فيه فيما بيننا..كما أن بتدارك استخدام أوراق الضغط في وجه أحدنا الآخر لن يتبقى في يد الغريب إلا المثول للقرار السيادي..وهنا نعلم أن البلدان الصديقة تتباين مصالحها في ليبيا وكل دولة تحاول دني الموقد ناحيتها..لكن علم السياسة يقول ليس هناك صديق دائم ولا عدو دائم..لذا لا ينبغي أن تكون مواقفنا فيما بيننا حطبا لتدفئة الآخر في حين إنها نار تحرقنا..ختاما ونأمل ألا يحدث فلربما تواجه البلاد مشاكل لوجستية مع اقتراب فصل شتاء قاس على شمال أفريقيا كما توقعت مراصد جوية عالمية..وهذا يتطلب كما في كل مستجد إستعداد الدولة غربا وشرقا له مسبقا بتبادل التصرف ورمي طوق النجاة مثلما من البديهي أن يحدث عند الطواريء..ففي النهاية لا يحك ظرفك السياسي أو الإقتصادي أو الاجتماعي مثل ظفرك..