تبدأ العلاقة بين اروقة صنع القرار والصحفي بنوع من الاستكشاف الحذر. الصحفي، بحدسه المهني ورغبته في الوصول إلى القصة، يبدأ في البحث عن أي معلومة قد تكون مفتاحًا لكشف النقاب عن حدث ما. في المقابل يستقبل المكتب الإعلامي هذا الصحفي الجديد بترحاب حذر، هدفه الأول هو التحكم في تدفق المعلومات وتوجيه الضوء نحو النقاط التي تدعم الرواية الرسمية.
لكن، بمجرد ظهور علامات الاستفهام أو وقوع أزمة ما، يتغير مسار العلاقة يتحول الصحفي إلى محقق دقيق يبحث في التفاصيل ويسعى لسماع مختلف الأصوات محاولًا العثور على أي تناقض في الرواية الرسمية، بالمقابل يجد المكتب الإعلامي نفسه في موقع الدفاع حيث يسعى لتقديم تفسيرات مقنعة للأحداث وغالبًا ما يلجأ إلى استخدام لغة دبلوماسية متحفظة.
في هذه الأوقات تظهر قيمة الثقة المتبادلة. إذا كانت العلاقة بين الصحفي والمكتب الإعلامي مبنية على الاحترام والشفافية في الأوقات العادية فقد يجد الصحفي في المكتب الإعلامي مصدرًا موثوقًا للمعلومات حتى في الظروف الصعبة، أما إذا شاب الماضي تجميل للحقائق وعدم وضوح فإن أي معلومة قادمة من المكتب الإعلامي ستواجه بالشك والريبة.
العلاقة هنا ليست دائمًا صراعًا هناك صحفيون يقدرون الدور الذي يلعبه المكتب الإعلامي في تسهيل الوصول إلى المعلومات وتوفير الوقت والجهد، وهناك مسؤولون إعلاميون يدركون أهمية الصحافة الحرة ودورها في نقل الحقائق للمجتمع في هذه الحالات يمكن أن تنشأ علاقة تعاون وشراكة حقيقية حيث يعمل الطرفان معًا لكشف الحقائق وخدمة المصلحة العامة كل من موقعه…
لكن.. في أغلب الأحيان تظل العلاقة بين الصحفي والمكتب الإعلامي الحكومي علاقة حذرة، تتأرجح بين التعاون والتحفظ، بين الرغبة في الوضوح والضرورة في التكتم. إنها علاقة معقدة تعكس طبيعة السلطة والإعلام، وتتطلب فهمًا وتقديرًا لدوافع كل طرف، بهدف الوصول إلى الهدف الأسمى وهو إخبار الناس بالحقائق بصدق وأمانة.