لم تعد الاعاقة البصرية أو الجسدية عائق أمام إثبات الذات وبلوغ أعلى مراتب النجاح ، بل تغلب العديد من ذوي الهمم على العديد من اقرانهم في التعليم الاساسي وصارت نتائج تحصيلهم العلمي تبهر العاملين في سلك التعليم . كما أن مواهب العديد من ذوي الهمم دفعت بأصحابها في المراتب الاولى في المسابقات المحلية والإقليمية وحتى العالمية ، فمنهم من يعاني من مشكلة فقد البصر ومع ذلك تحصل العديد منهم على جوائز عديدة نضير مشاركتهم في مسابقات حفظ القرآن الكريم ، كما لم تمنع الإعاقة الجسدية من مشاركتهم في معارض ومهرجانات الإبداع اليدوي في الادارة والمحاسبة وفن الرسم والحياكة والنجارة ، بل صارت مهنة يدر دخلاً كبيراً على أسرهم . ومع تكرار نجاحات ذوي الهمم في مراحل التعلم والتدريب ، صار مطلب أسرهم بضرورة اهتمام ادارة صندوق التضامن بهم والمؤسسات الحكومية التعليمية والتدريبية من حيث تعميم ادمج ذوي الهمم في المدارس وفي الأسواق وتوفير فرص العمل لمن تم تدريبه على مهن مناسبة لحالتهم ، مع اهمية توفر الإمكانيات لتسهيل العملية التعليمية عبر الانترنت لمساعدة أسرهم على الاعتناء بأبنائهم وتوفير وسائل النقل وتخصيص اماكن لتدريب البالغين على مهن تعينهم في توفير احتياجاتهم وتشعرهم بالاستقلالية وتنمي فيهم الابتكار والابداع في التفكير واتقان المهن اليدوية ن اضافة الى تخصيص فرص العمل سواء في مكاتب أو محلات للعمل فيها ونواد خاصة بترفيه ذوي الاحتياجات الخاصة.
الاستاذة ريم خالد بشر مديرة مدرسة الجهاد قالت فتحت المدرسة العريقة في 1982م ببلدية سوق الجمعة قرب مشفى الأمراض الصدرية أبو ستة ، وقد تم اختيار المدرسة القريبة من مكتب دمج الفئات الخاصة مع باقي الطلاب في أعمارهم ولتكون شريحة الاحتياجات الخاصة متساوين في الحقوق والواجبات وقد كانت نتيجة الاندماج موفقة ولم نعاني أي عراقيل تعيق تعلمهم سواء ذو الاعاقة البصرية والحركية . وأكدت «بشر» أن المعلمات استطاعوا التواصل مع ذوي الهمم وهم ثلاث حالات منهم واحدة اعاقة بصرية واثنتان إعاقة حركية ، وقد تم التعامل معهم دون تميزهم عن باقي التلاميذ ، و كانت نتائج درجاتهم ممتاز ، لذا تم اقامة حفل تكريم لذوي الهمم بحضور أسرهم وقد غمر السرور الحضور . واوصت مكتب الفئات الخاصة بأن يتم تعين معلمات مراقات لتلاميذ الفئات الخاصة وحاليا ابلة المرشد النفسي هي التي تقوم بالكتابة نيابة عن التلاميذ وتساهم الام في كتابة الوجبات من خلال تلقين ابنائهم ونجاح ابنائهم يعتبر نجاح للأسرة .
مروة مفتاح محمد بن مفتاح مدير مكتب طرابلس المركز ذوي الهمم أكدت على أهمية بذل الجهد وتوفر الامكانات لشريحة الاحتياجات الخاصة ، وأشارت إلى بلدية طرابلس المركز التي خصصت مكتبا يهتم بذوي الهمم من حيث جمع البيانات وحصر الأسر التي يوجد فيها أطفال من ذوي الاعاقة السمعية والبصرية والحركية والذهنية . وأوضحت أن نشاط المكتب بدأ بوضع خطة عمل لأجل الاهتمام بشريحة الاحتياجات الخاصة ومساعدة أسرهم أولا لجعل ابنائهم ذوي مهارات متميزة والدفع بهم للوصول لتحقيق أهدافهم ، لذلك عقدنا عدة اجتماعات مع المتخصصين لإقامة عدة نشاطات ترفيهيه لأبناء الأسر واقامة العديد من الدورات لتنمية وتطوير المنتسبين للمكتب في كيفية التعامل مع اصحاب الهمم .
وأشارت «بن مفتاح» نجاح مبادرة (ارتقي بابني) تكمن في انها تشمل المدن الأربعة الأولي البيضاء …اوباري…سبها ..الجميل…وكان هدفنا تأهيل وتدريب الأمهات ومساعدتهم علي تنمية قدرات أطفالهم في السنوات الاولي من اعمارهم في داخل المنزل الذي يُعد البيئة الطبيعية للطفل ، كما تم اعتماد برنامج الربورتاج للتدخل المنزلي لتقييم و تدريب أطفال الفئات الذين يعانون من مشكلات تتعلق بالنمو ، وإدراجهم ضمن برنامج التدخل المبكر لشريحة الصغار وهذا يساعد كثيرا على التخفيف من شدة مشكلة الاعاقة وبذل الجهد لأجل اختفاءها عند بعض الاطفال . واوضحت اننا في طرابلس المركز نتعاون مع أطباء اطفال واختصاصيين اجتماعيين ونكثف الدورات التدريبية لتوعية الام الحامل للتقليل من حالات الاعاقة فالتدخل المبكر من الرعاية الطبية والنفسية والمجتمعية تحمي الاطفال من الاعاقات التي تؤثر سلباً على الاسرة والطفل ، وقدمت الشكر لكل من قدم افكار لأجل تنمية وتطوير ذوي الهمم وجعلهم قوة فاعلة في المجتمع.
الاستاذ محمد عيسى الكيلاني ولي أمر
قال تم ادماج ابنتي بيسان التي تعاني من فقد البصر بسبب ضمور في العصب البصري منذ الطفولة وقد تم تسجيلها في تعليم المكفوفين بجمعية النور في المرحلة الابتدائية الصف الأول والثاني ولكنها رفضت مواصلة تعليمها إلا في المدارس العامة ، فأكملت مرحلة التعليم الابتدائي في مدرسة زاوية الدهماني ، والمرحلة الاعدادية تم ادماجها في مدرسة الجهاد التابعة لمراقبة تعليم سوق الجمعة والتي كان فيها بعض الدارسين من ذوي الهمم . وأكد «الكيلاني» أن ابنته متفوقة في نتائج امتحانات جميع المواد وقد أبهرت إدارة المدرسة والمعلمين حتى إنهم أقاموا يوماً لتكريم المتفوقين وكانت من بينهم ابنتي . وأشار إلى جهد الدكتور رشاد بشر ومديرة المدرسة والمعلمين في توفير الامكانات التي تساهم في تسهيل تعلمها وكذلك ساهموا في رفع معنوياتها بحفل تكريم نهاية الفصل للمتفوقين ، وأوضح أن هذا ادماج ذوي الهمم وتكريم المتفوقين في الدراسة يعد الأول على مستوى طرابلس الكبرى . واوضح ان ابنته تعلمت عن طريق السمع والحفظ فهي تعاني من اعاقة بصرية احتاجت إلى معلمة ترافقها من مكتب دمج الفئات الخاصة ، والمعلمة هي التي تكتب نيابة عنها واوصى بضرورة توفير معلم المرافق حتى في التعليم الثانوي والجامعي خاصة للمكفوفين وقدم الشكر الجزيل لكل من ساهم في تعلم ذوي الهمم ليصبحوا فاعلين في المجتمع ويساهموا في بناء وطنهم ليبيا.
الاستاذة إيمان بن تاهية ولية أمر قالت الأسرة لها دور كبير في تنمية القدرة عند تلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة ، فأنا دائماً اراجع لأبنتي واتابع باستمرار ما تكتبه الابلة من ملاحظات في كراسة ابنتي . كما أكدت«بن تاهية» أن اهتمام الام بابنتها في دراستها يساهم في تفوقها ، وفي حالة تغيبها بسبب عذر فألجأ الى التعلم عن بعد من خلال التواصل مع الأبلة عبر الانترنت بحيث لا يفوتها درس. وأشارت إلى السبب الرئيسي للتفوق في الدراسة هو عمل الأم كمعلمة في البيت تراجع دروس ابنائها أولا بأول خاصة من كان ذوي الاحتياجات الخاصة ، ونحن كأولياء امور نحفز ابنائنا على التعلم من أجل الوصول لهدفهم كطبيب أو معلمة أو مهندسة ويكتسبوا وظيفة تعينهم على تحقيق حاجاتهم .
وفي ذات السياق قالت الاستاذة ماجدة عبد العزيز الشيخي رئيس مكتب الاعلام والتوعية بمركز تنمية القدرات الذهنية بنغازي واختصاصية نفسية أن تجربة إدماج شريحة الاحتياجات الخاصة قد نجحت بناء على نتائج الامتحانات اصحاب الاعاقة السمعية والبصرية والحسية أما الاعاقة الذهنية فمازال ادماجهم في المدارس العامة قيد الدراسة ، وحالياً تعمل دراسة معمقة من قبل مكتب الفئات الخاصة للإعاقة الحركية والسمعية والبصرية بإشراف الاستاذ خالد المهدوي ، حيث يوجد في بنغازي مركز لعلاج اطفال التوحد وقد تم ادماج الاطفال داخل المدارس لأجل الاستشفاء وكانت نتائج تواصلهم مع زملائهم ومعلمتهم ممتازة ، اما الاعاقة الشديدة لشريحة الاعاقة الذهنية فلم يتم ادماجهم نظراً لأنهم معرضين للمضايقة ولتنمر ، لذلك قمنا بفكرة معكوسة بدل ادماج هذه الشريحة في المدارس قمنا بالعكس وهي فكرة ادماج المجتمع أولاً من حيث توعيتهم بأن اصحاب الاعاقة الذهنية لهم الحق في التعليم والتدريب وفرص العمل ولابد من مد يد العون لهم وتكاتف الجميع لمساعدتهم حتى يعتمدوا على انفسهم .
وأشارت «الشيخي» أن بنغازي فيها مركز لتنمية القدرات الذهنية يتبع الإدارة العامة لصندوق التضامن الاجتماعي وهو أول مركز على مستوى ليبيا افتتح في 7–3– 1982م ، ويضم فئات الاعاقة الذهنية التي حالت ظروفهم الصحية من الالتحاق بالمدارس العادية ، حيث يقدم لهم المركز المهارات التعليمية والتدريبية والاستقلالية والسلوكية ، من خلال مقياس السلوك التكيفي ، وذلك بهدف تنوع فرص اعتمادهم على انفسهم ، وتحقيق الاستقلالية والاعتماد على النفس وتقليل مساعدة الآخرين لهم .
وأكدت ان مركز الإيواء في بنغازي يعمل باحترافية وكفاءة كبيرة ، وحالياً فيه ما يقرب من 350 طالب وفيه 45 طالب بالقسم الداخلي هؤلاء الطلبة من كافة مناطق ليبيا شرقها وجنوبها ومن المنطقة الغربية وقد تم استقبالهم نظراً لظروف اجتماعية صعبة أو بسبب صعوبة في التنقل والمواصلات . وقالت ان ادماج ذوي الهمم في المدارس اسوة بأقرانهم يساهم في قبول افراد المجتمع لهم ويساهموا في مساعدتهم والأخذ بأيديهم حتى يصلوا لعمر 18عاماً يتم إدماجهم في مهنة تم تدريبهم عليها مثل طلبة تخصص الزراعة يمكن إدماجهم في مشاتل البستنة أما طلبة النجارة فيتم ادماجهم في الورش العامة. وختمت اننا اعددنا خطة ومنها ادماجهم في الحرف اليدوية والنوادي الترفيهية ونعمل حالياً على تخصيص بعض المحلات تكون ملحقة بالمركز ليعمل فيها الطلاب المتفوقين ، اضافة الى خطة دمج اطفال الاعاقة الذهنية في مختلف المناطق بالمراكز والمؤسسات المدن الليبية لتقوية الترابط الاجتماعي وتوسيع أفاق التفكير الايجابي والاستثمار في المهن اليدوية .
الاستاذة سعاد الغناي مستشارة في التوجيه التربوي
وأشارت إلى إن أفضل استثمار في التعليم والتعلم فبه ترتقي الامم وتنشيء حضارة لها مكانتها في تاريخ البشرية وأكدت أن كل ما يصرف لتعليم وتدريب أصحاب ذوي الهمم يعود بالخير على أسرته أولاً وعلى الوطن . وأوضحت إن الإعاقة السمعية والبصرية والجسدية لا تمنع من مواصلة التعليم مع ضرورة أن يغرس أولياء الأمور في أبنائهم الثقة بالنفس والرغبة لوصول لأعلى مراتب النجاح ، وأكدت أن الدعم النفسي يساهم في زيادة حماس ذوي الإعاقة وتعزز رغبتهم في تحقيق النجاح المنشود ، وهذا يزداد عند بث روح المنافسة مع باقي زملائهم وقد اثبتت نتائج درجات اصحاب الهمم ذلك .
الاستاذة آسيا امباشي اخصائية اجتماعية في مكتب المعاش الاساسي لصندوق التضامن الاجتماعي.
قالت يسعى رئيس الهيئة العامة لصندوق التضامن الاجتماعي السيد مصطفى الجعيبي إلى دعم الافكار وخطط العمل التي تساهم في تنمية وتطوير ذوي الهمم سواء من حيث تعليمهم او تدريبهم وتذليل الصعوبات في توفير وسائل النقل وتخصيص معاش لهم يعينهم على توفير احتجاجاتهم.
واشارات إلى تكريم مدير فرع طرابلس الاستاذ على النقراط الى الأخصائيين الاجتماعيين وموظفين المكاتب بطرابلس على حسن تعاملهم وانجاز المعاملات الادارية لفئة المعاقين وأكدت ان التكريم المعنوي يساهم في تخفيف ضغط العمل وبذل المزيد من الجهد لمساعدة ذوي الهمم ودعمهم مادياً ونفسياً . ختمت ان ادماج ذوي الهمم من اصحاب الاعاقة السمعية أو الجسدية والبصرية يعود بالخير على البلاد التي تحتاج إلى بناء الإنسان ليصبح قوة فاعلة ترجى منها الخير وتجعل ليبيا أسوة بالدول المتقدمة .