ارجع البصر ترى الأثر
كنت مستجيراً بالذاكرة التي طالما وجدت فيها كل ما يتمنى الأبق من مرارة اللحظة و ما امتلأت به من القلق الذي ضاعف منه طول أيام العطلة التي امتدت لأربعة أيام كاملة، مما جعل من الشريط الوثائقي الذي أخرجه مصطفى عبد اللطيف حول تجربة الفنان عمر مسعود ،أحد الخُلَّص من أصدقائنا في مسقط الرأس و بداية الخطوات الأولى نحو تيار الوعي في مطلع خمسينيات القرن المنصرم و قبل أن نقتحم المدينة الكبيرة، شاطئاً ساحراً لتجاوز الأزمة، ليأتي نداء الهاتف و وجوب الرد، فلم أنتظر من محدثي أبرز أصدقاء العمر الأول محمد علي نصر فبادرته بحدسي أن يكون دافعه الشريط الوثائقي المعروض على شاشة 218، ليس فقط لمنزلة عمر مسعود بحياتنا الشخصية و الإجتماعية التي بدأت مع مطلع العمر و حتى امتداده إلى يوم الناس هذا و ما اتصف به من المثابرة على تكوين الذات و مداومة المشاركة على مختلف الصعد كما زخر بها هذا الشريط و هؤلاء المتنادون له من ذوي المعرفة الذين أفلح في حشدهم المخرج مصطفى عبد اللطيف جامعاً فيهم أكثر من طيف، لفت نظري على نحوٍ خاص المثقف الجاد يوسف خشيم بما ساهم به من الأضواء الكاشفة على تجربة عمر مسعود التي وقف عليها خشيم منذ أن شارك مع لفيف من رفاقه في رحلة الفن أثناء انتظام إحدى الفاعليات التي تركت أجمل الأثر لدى جمهور الفن بمصراتة، أولئك الذين أسرَّهم فن عمر مسعود فعبّروا عن إعجابهم بما دأبوا عليه من ترديد أغانيه و الحرص على استدعائه كلما وُجِدَت الفرصة، و مثل ذلك حضور أي محفل ينتظم في المنطقة بحضوره لتأتي مشاركة الفنان و المثقف سعد موسى الحاج محمد أحد أبرز الذين تخرجوا من معهد الموسيقى و المثيل عندما ضم أحسن الكفاءات الليبية و العربية منذ ستينيات القرن الماضي و ما يزال رغم عديد الهزات يوالي عطاءه و يؤكد بواسطة عطاء خريجيه، فتكون مقاربة سعد موسى هذه كفيلة بتقديم كل ما يفيد عن التجربة الغنية لعمر مسعود، تلك التي لم تكن نتاج الدراسة و إنما بفضل ما استوعب من آثار مشاهير الفنانين العرب و الليبيين و يستخلص منها مجتمعة لونه المميز الذي وضعه في مستوى أشهر الفنانين المؤهلين «و الحديث لسعد موسى» على رأس من نعتز بهم.