
من الهم ومعاناة ورعب الأحداث كلها التي مرت علينا طيلة الأيام الماضية كانت الفائدة الوحيدة التي خرجنا بها ويمكن ان نحسبها لصالح طرابلس وأهلها، هي ازالة معسكر الـ )77( .
ااااه لو يحكي أهالي الأحياء المحيطة، عن الأهوال التي مرت عليهم نتيجة وجوده في قلب حيهم، وتحيط به كل بيوتهم …
إزالته تعني ياسر ما عانينا، ياسر رعب ونار وفقد ودم، غير قصف الناتو بروحه رواية من عشر أجزاء، ولسنا في معرض ذكر هذا الآن ..
المهم كل الحروب التي دارت بطرابلس كان الضحايا أهلها وسكانها، فقد اشتعلت نيرانها في شوارعهم، وأزقتهم، وسعاياتهم وفوق سطوح عماراتهم، مدارسهم، وأسواقهم، مساجدهم، محالتهم والطرق التي يسير عليها أطفالهم وشيوخهم وعجائزهم.. الخ .
نحن أهالي هذه المدينة ضحايا هذه الحروب، غير من الرصاص الطائش كم فقدنا من اعزة على قلوبنا، ومن أبناء وجيران وأقارب .
نعود لمعسكر الـ )77( وقرار الازالة، ولنربط الأحداث ببعضها، لنجد أن السبب في كل هذا الخراب الذي يحدث بطرابلس، سببه وجود كم كبير بل كبير جدًا من المعسكرات والثكنات العسكرية داخل بل بقلب أحياء المدينة، مقرات لا حصر لها ورغم حجمها الكبير تكاد تضيق بما فيها من أسلحة، وملغمة للسقف بالذخيرة على شتى أنواعها .. شي ذخيرة مدفعية، وآخر للدبابات والهاوتزر، وعدد بلا حصر ذخائر هاون، و آر بي جي، وخلي عليك الرقيق متع الـ)23و 14.5(والبنادق والمسدسات .
والصراعات والحروب التي مرت علينا وستعود لتمر مرة أخرى تدور كلها بين الفصائل المختلفة، لأجل الاستيلاء على هذه المقرات بما فيها، وفي عرفهم )يقولون غنيمة( في حين نردّد نحن تحت القصف العشوائي )يارب نسالك السلامة( .
وأنا اناشد المعنيين جميعًا بشتى أشكالهم وتوجهاتهم إنّ كان في قلوبكم مقدار ذرة واحدة من حب لهذه المدينة، وان كان بها نفس المقدار من الشفقة على أهلها، فاعملوا على تحييدهم من حروبكم، التي نعلم أنها حتمًا لم تنتهي بعد، وذلك بنفس الإجراء الذي ازلتم به معسكر 77 .. استمروا في فعل ذلك ازيلوا كل تلك المعسكرات والمقرات والثكنات من قلب مدينتنا .. ازيلوها كما الورم الخبيث من قلب عاصمتكم كي تحافظوا عليها بالتالي أهلها ومعالمها ..
وكان أنتم ما هداكم الله ولم تقرروا ترك اسلحتكم ، وايقاف حروبكم ، لتشتعل معاركم بعيدا ، بعيدا جدا ، هناك في الخلاء ، حينها ستكون حروبكم حروب رجال الوجه للوجه لا اختباء خلف الاهالي الامنين، أو تحصينات خلف بيوتهم ومساجدهم ومدارسهم، وثقوا وتأكدوا أن الحزن والالم لن يغادرنا حتى وان غادرتم مدينتنا، فمن تدفعون بهم للمعركة ويكون القتل او الاعاقة مصيرهم ، هم ابنائنا وفلذات اكبادنا ..
وسنبكيهم دمعًا ودًما، فنحن وبلادنا الخاسر الاكبر نتيجة رحيلهم .. فقد كان يفترض أن يكونوا بمدارسهم، أو كلياتهم وجامعاتهم يرسمون لهذه البلاد مستقبلها الزاهر .. ويجعلون من احلامها واقعًا جميلًا ومبهرًا .