من ثقب الباب
المواطن البسيط «الغلبان» – كما يشتهي إخوتنا في مصر الشقيقة تسميته – لا يملك جراء ما يحدث له، وأمامه فيما يخص العُملة إلا الحولقة بعينيه، وضرب الكف بالكف بيديه.
هو لا يعلم أي شيء عن السياسات النقدية، والمالية ولا يعلم أساسًا لماذا، وكيف تُطبع الأموال، أو يتم الإقرار بسحب فئة معينة منها..
الأمر يزداد سوءًا عندما يجد نفسه أمام عزلة مالية، وانقباض أنفاس السيولة، أو يتم تنبيهه إلى ضرورة الاسراع بالتخلَّص من فئة نقدية، وخاصة عندما تكون قيمتها عالية.
الدور الإعلامي لمصرف ليبيا المركزي دائمًا ما يكون غائبًا تمامًا .. حتى وإن اشتدت الأزمة المالية خاصة فيما يتعلق بتغوَّل السوق الموازي للعُملة والتي ينتج عنه تضخمًا في العُملة المحلية، وازديادًا في الأسعار، خاصة في السلع الغذائية الأساسية، ولعل رغيف الخبز عادةً ما يكون مؤشرها الأول ..
كارثة المواطن الليبي فيما يخص العُملة تختلف عن أي مواطن آخر في دولة أخرى لأنه ببساطة يواجه أزماته المالية الخانقة لوحده دون أي وسيلة تواكب، أو تضع تفسيرات، أو تطمئنه فيما يتعلق بالجوانب المالية.
أيضًا المواطن لا يحتاج لمحاضرات، أو ورش عمل، أو دورات في النقد كما لا يطالب بطبع فئة معدنية من العُملة، أو سحب أخرى .. كل ما يحتاجه هو استقرار مالي لقيمة العُملة، والسيطرة على موازين السوق الموازي .. إنه يحتاج إلى سياسة مالية من جهات الاختصاص تحافظ على الإصلاح المالي، والاقتصادي الذي طرأ على المرتبات بعد جدولتها..المواطن يعي تمامًا أن الزيادات لن تكون متاحة مستقبلًا كما يعي أنه من غير المعقول أن تكون الزيادات، وجدولتها «روشته» تضعها أي حكومة في سياق مواجهة غلاء الأسعار، أو شراسة السوق الموازي..
نحن لا نحتاج إلى طباعة ورقة العشرين، أو سحب الخمسين كل ما نحتاجه هو متابعة جادة لكل ما يحدث في السوق الموازي والعُملة .. كما نحتاج إلى حق أصبح استحقاقًا وطنيًا في رصف طريقٍ واضح، ومتين للسياسات النقدية وخاصة السيولة، أو تقوية بدائلها .. كما نحتاج إلى أيادٍ جادة، لا ترتجف تحد من سيطرة السوق الموازي على مائدة الأسرة.
كونوا بخير