
العالم بأسره يتابع مايجري في عاصمتنا اطرابلس من أقتتال وصراعات دموية وتجاذبات جهوية وسياسية وفتن وتصعيد للأحداث غير معقول وخصوصا وسط الاحتقانات المتعددة التي نمر بها الآن في وضع هش لايحتمل المزيد من التشنج .
وعلى مايبدو أن أطراف الصراع الظاهرة ليست برأيي الفاعلة وحدها بقدر ماهي منفعلة وفق إرادات أخرى متعددة تنبني على مصالحها وأهدافها ولايستثنى من ذلك أحد سواء من الداخل أو الخارج ..
تزامن هذا العنف مع حملة مقاطعة قوية من جانب الشعب (كما يبدو) لتاجر تغول في السوق وشعر بأنه يمتلك القرار السيادي فجوبه بالصد (في رأيي) من قبل تجار آخرين لهم نفس القوة والطموح وذلك بتسليط الرأي العام عليه منتهزين تصريحاته وتم الإشتغال عليه عاطفيا ليدخل الظل ولو مؤقتا ..
ماجعلني أشير للمقاطعة في هذا السياق هو مايجري الآن في طرابلس من إحتراب ورصاص وقتل وتصعيد للمشهد الدموي والتحول المفاجيء للمشهد السلمي والتظاهر بالديمقراطية بعد ليلة دامية لم تعرفها العاصمة طرابلس من قبل .. ويبدو أن المخرج يريد أدخال تعديلاته في المشهد العام لكنه نسى أن طرابلس أكبر منه ومن كل مسرحياته الهزيلة والهزلية ..
نسي الجميع سواء الفاعلين الحقيقيين أو المتصدرين للمشهد أن طرابلس عمرها أكثر من ثلاثة ألاف سنة وجذرها في عصب التاريخ .. واجهت جحافل الوندال والرومان وفرسان القديس يوحنا والترك .. إمتصت الجميع وقذفتهم في مزابل التاريخ ..
دون أن يهتز لها جفن أو تتحرك من مكانها ..
طرابلس (أم) الزهر والحناء .. والأم تدافع عن أبنائها بشراسة الغريرة وقوة من جبل الأساطير وهي مقدسة كأم .. مقدسة كهوية .. ومقدسة كتاريخ وشرف وعرض ومعنى . لكن هل يعي أولئك المتصارعين بجميع صفاتهم معنى هذه الأم … هل يعتقد كل المتصارعين من تجار وسياسيين وعصابات وميليشيات أن هذه الأم عاجزة عن الحركة والتفاعل وخلق الجدارة وتحقيق الحق وإيقاف التلاعب بأبنائها من كلا الطرفين ..
معلومة وردتني الآن وأن أسطر هذه الكلمات .. طرابلس أم الزهر والحناء ..
هي أمك لو كنت في روحك تحتوى على الزهر أو الحناء هي أم لكل نقي مزهر وجميل السريرة .. وليست أم الأوغاد الذين ستبصقهم إطرابلس في مكب النفايات ..
ثلاثة ألاف سنة شامخة في التاريخ كعاصمة عالمية وتتوقع إنها بتعجز عن شوية لعب فروخ ….
أفيقوا .. راهو كان غيركم أشطر ..