ثقافة

الأشياء التي لا تشبه بعضها

فاطمة عبدالله

كان‭ ‬يشبه‭ ‬مصباحًا‭ ‬ليليًا‭ ‬خافت‭ ‬الإضاءة،‭ ‬حزين،‭ ‬يشبه‭ ‬صبّارة‭ ‬الزينة‭ ‬التي‭ ‬أمام‭ ‬باب‭ ‬بيتنا،‭ ‬كان‭ ‬يرتديها‭ ‬كلما‭ ‬اضطر‭ ‬للخروج،‭ ‬يعامل‭ ‬أيام‭ ‬السنة‭ ‬على‭ ‬أنّها‭ ‬يوم،‭ ‬حفلة‭ ‬هالووين‭ ‬كبيرة‭ ‬ومسرحية‭ ‬ساخرة،‭ ‬كان‭ ‬يشبه‭ ‬الألوان‭ ‬في‭ ‬لوحة‭ ‬إدفارت‭ ‬مونك‭ ‬الصرخة،‭ ‬أضف‭ ‬إليها‭ ‬درجة‭ ‬من‭ ‬الأسود،‭ ‬يشبه‭ ‬رائحة‭ ‬الليالي‭ ‬الصيفية،‭ ‬وعتمة‭ ‬ليالي‭ ‬الشتاء،‭ ‬العتمة‭ ‬أكثر،‭ ‬كان‭ ‬صوته‭ ‬يشبه‭ ‬صوت‭ ‬شاب،‭ ‬وأحاديثه‭ ‬تسير‭ ‬على‭ ‬عكاز،‭ ‬كانت‭ ‬ضحكته‭ ‬تشبه‭ ‬حقل‭ ‬فسيح،‭ ‬تمتد‭ ‬طويلًا‭ ‬بإيقاع‭ ‬مهتز‭ ‬مثل‭ ‬ضحكة‭ ‬طفل،‭ ‬كان‭ ‬يسير‭ ‬في‭ ‬الشوارع‭ ‬باحثًا‭ ‬عن‭ ‬ظله،‭ ‬ظل‭ ‬يشبهه،‭ ‬يمشي‭ ‬ببطء،‭ ‬وكأنه‭ ‬يسخر‭ ‬من‭ ‬الأرقام،‭ ‬مثل‭ ‬شخص‭ ‬داس‭ ‬على‭ ‬مسمار‭ ‬وأكمل‭ ‬طريقه،‭ ‬كان‭ ‬يحدق‭ ‬طويلًا‭ ‬في‭ ‬الأشياء،‭ ‬نظرته‭ ‬تشبه‭ ‬عدسة‭ ‬الكاميرا،‭ ‬غير‭ ‬أنه‭ ‬يلتقط‭ ‬الأسباب،‭ ‬كان‭ ‬يمتعض‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬رمادي،‭ ‬تحديدًا‭ ‬المباني،‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬يشبهه،‭ ‬غير‭ ‬مرئي،‭ ‬يتحدث‭ ‬برتم‭ ‬سريع‭ ‬إجابة‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الأسئلة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يسألها‭ ‬أحد،‭ ‬ويشتم‭ ‬برتم‭ ‬أسرع‭ ‬كلما‭ ‬سقط‭ ‬ضوء‭ ‬على‭ ‬قلبه،‭ ‬كان‭ ‬يشبه‭ ‬شيء‭ ‬تظنه‭ ‬معك‭ ‬لكنه‭ ‬معه،‭ ‬في‭ ‬رأسه،‭ ‬مثل‭ ‬موسيقى‭ ‬سمعتها‭ ‬لمرة‭ ‬واحدة‭ ‬عبر‭ ‬الراديو،‭ ‬يحتفظ‭ ‬بأشياءه‭ ‬حتى‭ ‬التالف‭ ‬منها‭ ‬مثل‭ ‬شخص‭ ‬يحن‭ ‬إلى‭ ‬شيء‭ ‬لا‭ ‬يعرفه،‭ ‬مثل‭ ‬شخص‭ ‬يعامل‭ ‬قداحة‭ ‬كإنسان،‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬لديه‭ ‬حبيبة‭ ‬كانت‭ ‬لديه‭ ‬سيجارة،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬لديه‭ ‬بيت‭ ‬كان‭ ‬لديه‭ ‬مكعب‭ ‬ثلج،‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬لديه‭ ‬عائلة‭ ‬كانت‭ ‬لديه‭ ‬أغنيات،‭ ‬كان‭ ‬يشبه‭ ‬الأشياء‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تشبه‭ ‬بعضها،‭ ‬خارج‭ ‬المكان،‭ ‬كان‭ ‬يشعر‭ ‬بأنه‭ ‬جدار،‭ ‬كان‭ ‬يشعر‭ ‬بأنه‭ ‬بلا‭ ‬جسد‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى