كان يشبه مصباحًا ليليًا خافت الإضاءة، حزين، يشبه صبّارة الزينة التي أمام باب بيتنا، كان يرتديها كلما اضطر للخروج، يعامل أيام السنة على أنّها يوم، حفلة هالووين كبيرة ومسرحية ساخرة، كان يشبه الألوان في لوحة إدفارت مونك الصرخة، أضف إليها درجة من الأسود، يشبه رائحة الليالي الصيفية، وعتمة ليالي الشتاء، العتمة أكثر، كان صوته يشبه صوت شاب، وأحاديثه تسير على عكاز، كانت ضحكته تشبه حقل فسيح، تمتد طويلًا بإيقاع مهتز مثل ضحكة طفل، كان يسير في الشوارع باحثًا عن ظله، ظل يشبهه، يمشي ببطء، وكأنه يسخر من الأرقام، مثل شخص داس على مسمار وأكمل طريقه، كان يحدق طويلًا في الأشياء، نظرته تشبه عدسة الكاميرا، غير أنه يلتقط الأسباب، كان يمتعض من كل شيء رمادي، تحديدًا المباني، بالرغم من أنه يشبهه، غير مرئي، يتحدث برتم سريع إجابة على كل الأسئلة التي لم يسألها أحد، ويشتم برتم أسرع كلما سقط ضوء على قلبه، كان يشبه شيء تظنه معك لكنه معه، في رأسه، مثل موسيقى سمعتها لمرة واحدة عبر الراديو، يحتفظ بأشياءه حتى التالف منها مثل شخص يحن إلى شيء لا يعرفه، مثل شخص يعامل قداحة كإنسان، لم تكن لديه حبيبة كانت لديه سيجارة، لم يكن لديه بيت كان لديه مكعب ثلج، لم تكن لديه عائلة كانت لديه أغنيات، كان يشبه الأشياء التي لا تشبه بعضها، خارج المكان، كان يشعر بأنه جدار، كان يشعر بأنه بلا جسد.