
في إحدى المحاكم الليبية، حضرتْ عائلةٌ كاملةٌ في نزاع مرير حول إرث والدهم المتوفى.
القضية بدتْ عادية في ظاهرها، لكنها تحولتْ إلى رأي عام محلي لأنها كشفتْ حجم الطمع والانقسام داخل الأسرة الليبية.
الورثة .. اختلفوا حول قطعة أرض كبيرة تقع في موقع استراتيجي، بعضهم أراد بيعها وتقاسم المال، والآخر تمسكَ بأنها «دار الجد» وميراث لا يجوز التفريط فيه.
المشكلة أنَّ الوالد كان قد كتب وصية بخط يده، لكن الورقة لم تُوثق في المحكمة.
من هنا بدأتْ رحلة التشكيك، التزوير، وضياع الحقوق، أحد الأبناء حاول تقديم وثائق مزورة لإثبات أن الأرض باسمه وحده، بينما اعترض باقي الإخوة والأخوات.
المشهد في المحكمة كان صادماً .. إخوة يتبادلون الاتهامات، أخوات يذرفن الدموع، وأم عجوز تجلس في زاوية القاعة تبكي وتقول: «يا ولادي، ما خليتوش حتى موت أبوكم يرحمنا من الخصام!!.
القاضي واجه صعوبة كبيرة لأنَّ الأدلةَ متناقضة، والشهودَ مختلفون، وفي النهاية تحولتْ القضية إلى نزاع امتد سنوات طويلة.
تابعتُ الموضوع لأنه يرمز إلى مشكلة عامة في ليبيا غياب التوثيق الرسمي، وغياب الوعي القانوني، والطمع الذي يمزق العائلات وبالتالي يمزق نسيج المجتمع الليبي في صمت قاتل ويتحوَّل البيت الدافيء إلى ساحة معركة.