إجتماعي

الامتحانات الإلكترونية تفقد مهارة التعبير

عواطف الصغير

امتحانات‭ ‬الشهادة‭ ‬الثانوية‭ ‬فى‭ ‬بلدنا‭ ‬ليبيا‭ ‬الحبيبة‭ ‬تنال‭ ‬اهتمامًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬من‭ ‬النَّاس،‭ ‬فهي‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬كونها‭ ‬الامتحانات‭ ‬التي‭ ‬يعدها‭ ‬أغلب‭ ‬الطلبة‭ ‬مفترق‭ ‬الطريق‭ ‬بالنسبة‭ ‬لمستقبلهما‭ ‬هي‭ ‬أيضاً‭ ‬مبعث‭ ‬توترات‭ ‬يعاني‭ ‬منها‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الآباء‭ ‬والأمهات‭ ‬الذين‭ ‬يظلون‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬ترقب‭ ‬وقلق‭ ‬لأداء‭ ‬أبنائهم‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الامتحانات‭ ‬ورغبة‭ ‬في‭ ‬الاطمئنان‭ ‬على‭ ‬سير‭ ‬أدائهم‭ ‬في‭ ‬امتحانات‭ ‬كل‭ ‬مادة‭ ‬لذا‭ ‬ما‭ ‬أن‭ ‬تأتي‭ ‬مرحلة‭ ‬إعلان‭ ‬النتائج‭ ‬حتى‭ ‬تزداد‭ ‬اللهفة‭ ‬المصحوبة‭ ‬بالخوف،‭ ‬وتعم‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الطوارئ‭ ‬في‭ ‬الأسرة‭ ‬ومحيطها‭ ‬الأوسع‭ ‬من‭ ‬الأقارب‭ ‬والأصدقاء‭ ‬الكل‭ ‬يسأل‭ ‬ويتصل‭ ‬ويبث‭ ‬المعلومات‭ ‬التي‭ ‬تختلط‭ ‬بالشائعات‭ ‬لتزيد‭ ‬الموقف‭ ‬لبسًا‭ ‬وغموضًا،‭ ‬وترفع‭ ‬معدل‭ ‬القلق‭ ‬والتوتر‭ .‬

وما‭ ‬أن‭ ‬تعلن‭ ‬النتائج‭ ‬حتى‭ ‬تعم‭ ‬مشاعر‭ ‬الفرح‭ ‬والسعادة‭ ‬قلوب‭ ‬أولئك‭ ‬المتفوقين‭ ‬الذين‭ ‬أحرزوا‭ ‬نتائج‭ ‬عالية‭ ‬تؤهلهم‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬مقاعد‭ ‬دراسية‭ ‬في‭ ‬الجامعات‭ ‬والمعاهد‭ ‬العليا‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬أبواب‭ ‬المستقبل‭ ‬المشرق‭ ‬كما‭ ‬يرونها،‭ ‬وفي‭ ‬المقابل‭ ‬يخيم‭ ‬الحزن‭ ‬ومرارة‭ ‬الخيبة‭ ‬على‭ ‬قلوب‭ ‬الطلبة‭ ‬الذين‭ ‬لم‭ ‬يحالفهم‭ ‬الحظ‭ ‬والتوفيق،‭ ‬وهي‭ ‬مشاعر‭ ‬قد‭ ‬تنسحب‭ ‬كذلك‭ ‬على‭ ‬أهلهم‭ ‬وذويهم‭.‬

يحدث‭ ‬هذا‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬فى‭ ‬بلدنا‭ ‬ليبيا‭ ‬الحبيبة،‭ ‬قد‭ ‬تزداد‭ ‬وتيرة‭ ‬الأفراح‭ ‬والأتراح‭ ‬في‭ ‬عام،‭ ‬وقد‭ ‬تخف‭ ‬في‭ ‬آخر‭ ‬،‭ ‬لكن‭ ‬المشاعر‭ ‬متشابهة‭ ‬تقريبًا،‭ ‬فرحًا،‭ ‬أو‭ ‬حزنًا،‭ ‬أو‭ ‬بين‭ ‬بين،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬عند‭ ‬إعلان‭ ‬نتائج‭ ‬الامتحانات‭ ‬قى‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية،‭ ‬فقد‭ ‬اتسمت‭ ‬بشيء‭ ‬من‭ ‬الغموض،‭ ‬واللبس‭ ‬على‭ ‬البعض‭ ‬ممن‭ ‬لم‭ ‬يطلعوا‭ ‬بما‭ ‬فيه‭ ‬الكفاية‭ ‬على‭ ‬التطويرات‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬إحداثها‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬التعليمي‭ ‬من‭ ‬إلغاء‭ ‬نظام‭ ‬الامتحانات‭ ‬التقليدية‭ ‬و‭ ‬إيجاد‭ ‬أفضل‭ ‬الوسائل‭ ‬التي‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬السير‭ ‬قدمًا‭ ‬بالعملية‭ ‬التعليمة‭ ‬واكتشاف‭ ‬أنسب‭ ‬وأنجح‭ ‬الطرق‭ ‬لذلك‭ ‬أدخل‭ ‬الحاسوب‭ ‬إلى‭ ‬المدارس‭ ‬وذلك‭ ‬كنوع‭ ‬من‭ ‬التطور‭ ‬للعملية‭ ‬التعليمية‭ ‬حيث‭ ‬تغيرت‭ ‬طريقة‭ ‬الامتحانات‭ ‬وأدخلت‭ ‬طريقة‭ ‬امتحانات‭ ‬الاختيار‭ ‬من‭ ‬متعددٍ،‭ ‬و‭ ‬أصبح‭ ‬المطبق‭ )‬التصحيح‭ ‬الإلكتروني‭(.‬

واللافت‭ ‬للنظر‭ ‬أن‭ ‬الأغلبية‭ ‬تعتقد‭ ‬أنها‭ ‬طريقة‭ ‬أمريكية‭ ‬لكنها‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬ليست‭ ‬كذلك‭ ‬ومن‭ ‬المعروف‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الطريقة‭ ‬متبعة‭ ‬في‭ ‬الجامعات‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وكليات‭ ‬الطب‭ ‬ولكنها‭ ‬الآن‭ ‬تقحم‭ ‬امتحانات‭ ‬إتمام‭ ‬الشهادة‭ ‬الثانوية‭ ‬بما‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬تغيير‭ ‬لآليات‭ ‬تقييم‭ ‬الطلبة،‭ ‬ومواصفات‭ ‬إعداد‭ ‬الامتحانات،‭ ‬وطبيعة‭ ‬المهارات‭ ‬والأفكار‭ ‬والمعارف‭ ‬التي‭ ‬وضعت‭ ‬هذه‭ ‬الامتحانات‭ ‬لقياسها‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬الشائعات‭ ‬والآراء‭ ‬المتضاربة،‭ ‬قد‭ ‬تعزى‭ ‬ربما‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أجواء‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬إعلان‭ ‬نتائج‭ ‬الشهادة‭ ‬العامة‭ ‬خاصة‭ ‬بالنسبة‭ ‬للذين‭ ‬لم‭ ‬يحالفهم‭ ‬الحظ‭ ‬والتوفيق‭ ‬تميل‭ ‬على‭ ‬الأرجح‭ ‬إلى‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬تعليل‭ ‬وتفسير‭ ‬وتبرير،‭ ‬ولهذا‭ ‬تصبح‭ ‬مهيأة‭ ‬أكثر‭ ‬لتلقي‭ ‬أي‭ ‬شائعة،‭ ‬أو‭ ‬رأي،‭ ‬أو‭ ‬تفسير‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬صحة‭ ‬المعلومات‭ ‬التي‭ ‬يستند‭ ‬إليها‭.‬

وفي‭ ‬المقابل‭ ‬هنالك‭ ‬بالفعل‭ ‬بعض‭ ‬الطلبة‭ ‬ومعهم‭ ‬أولياء‭ ‬أمورهم‭ ‬غير‭ ‬مقتنعين‭ ‬بالنتائج‭ ‬التي‭ ‬أحرزها‭ ‬أبناؤهم‭ ‬وهذا‭ ‬حق‭ ‬طبيعي‭ ‬للمرء‭ ‬أن‭ ‬يقتنع،‭ ‬أو‭ ‬لا‭ ‬لكن‭ ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬على‭ ‬بينة‭ ‬ووضوح‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬هنالك‭ ‬طرقًا‭ ‬وسبلًا‭ ‬وضعتها‭ ‬الوزارة‭ ‬تتيح‭ ‬للراغبين‭ ‬الاطلاع‭ ‬على‭ ‬أوراق‭ ‬إجاباتهم‭ ‬والتأكد‭ ‬من‭ ‬صحة‭ ‬إجاباتهم‭ ‬ودرجاتهم،‭ ‬ولكن‭ ‬البعض‭ ‬يقول‭ ‬إن‭ ‬الطريقة‭ ‬القديمة‭ ‬تعطي‭ ‬للطالب‭ ‬مجالًا‭ ‬للكتابة‭ ‬وبالتالي‭ ‬يكسب‭ ‬الطالب‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬ترتيب‭ ‬العبارات‭ ‬والمعاني‭ ‬وكذلك‭ ‬تحسين‭ ‬الخط‭ ‬وأن‭ ‬الطريقة‭ ‬القديمة‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬الطريقة‭ ‬الالكترونية‭ ‬لأن‭ ‬الطالب‭ ‬يعبر‭ ‬عن‭ ‬الحل‭ ‬الذي‭ ‬يريده‭ ‬ويأخذ‭ ‬مجالاً‭ ‬في‭ ‬الكتابة‭ ‬وهذا‭ ‬يكسب‭ ‬الطالب‭ ‬مهار‭ ‬وتحسيناً‭ ‬في‭ ‬الخط‭ ‬واللغة‭ ‬و‭ ‬تعطي‭ ‬فرصة‭ ‬للطالب‭ ‬في‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬الحل‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬طريقة‭.‬

أما‭ ‬الطريقة‭ ‬الحديثة‭ ‬فيوجد‭ ‬بها‭ ‬ميزة‭ ‬واحدة‭ ‬فقط‭ ‬وهي‭ ‬عدم‭ ‬الغش‭ ‬واعتماد‭ ‬الطالب‭ ‬على‭ ‬نفسه‭ ‬وأنها‭ ‬لا‭ ‬تعطي‭ ‬للطالب‭ ‬فرصة‭ ‬للتعبير‭ ‬اللغوي‭ ‬التي‭ ‬تنمي‭ ‬قدرة‭ ‬صياغة‭ ‬الألفاظ‭ ‬والتذوق‭ ‬الأدبي‭ ‬لدى‭ ‬الطالب،‭ ‬والامتحانات‭ ‬الإلكترونية‭ ‬لا‭ ‬تخدم‭ ‬أهداف‭ ‬العملية‭ ‬ألتعليمية‭ ‬خصوصًا‭ ‬في‭ ‬مادة‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬أساسها‭ ‬التذوق‭ ‬اللغوي‭ ‬والإحساس‭ ‬باللغة‭ ‬وجمالها‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬الإبداع‭ ‬وعدم‭ ‬وجود‭ ‬الرسم‭ ‬فى‭ ‬المواد‭ ‬العلمية‭ ‬وكذلك‭ ‬مادة‭ ‬الجغرافيا‭.. ‬و‭ ‬لا‭ ‬تعطي‭ ‬قياسًا‭ ‬لقدرة‭ ‬التلميذ‭ ‬أو‭ ‬مهاراته‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المواد‭ ‬مثل‭ ‬الرياضيات‭ ‬لعدم‭ ‬وجود‭ ‬أسئلة‭ ‬مقاليه‭ ‬تعطي‭ ‬الفرصة‭ ‬للتفكير‭ ‬والإبداع‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬ننادي‭ ‬وزارة‭ ‬التعليم‭ ‬بتوفير‭ ‬الأسئلة‭ ‬المقاليه‭ ‬في‭ ‬الامتحان‭ ‬النهائي‭ ‬بنسبة‭ ‬50‭% ‬إلى‭ ‬الاسباب‭ ‬السالفة‭ ‬الذكر‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى