تناولت تقارير الاضطرابات الإقتصادية حول العالم من تراجع للبورصات وارتفاع معدلات البطالة والتفكير في تسريح عمال وموظفين..ونحن لا نريد لبلادنا أن تكون ضمن الدول الراكدة نتيجة عدم النزول بالثقل المطلوب على ساحات الإستثمارات والأسواق العالمية بسبب غياب مسارات اقتصادية متفرعة عن النفط والغاز..خاصة ان ليبيا يمكنها الإستفادة من ميزة كونها متصالحة جيوسياسيا مع القاصي والداني..ولكن كأي دولة عليها التعامل مع تصاعد التوترات السياسية في العالم لتحدد اتجاهاتها الاقتصادية والتجارية..وكمثال على هذه التقلبات وجود محاولات لحصار النفوذ التجاري الصيني والروسي في مضيق هرمز والبحر الأحمر بعد سابق تغلغله في أفريقيا..في الوقت الذي يسعى فيه الإحتلال الإسرائيلي للتطبيع مع كل دول المنطقة وخاصة الخليج لإستكمال بناء جسور عبور تجارية واقتصادية..بمعنى تمهيد الطرق للتصدير والإستيراد وغالبا عبر طرف ثالث..بسبب خسارته الكثير دبلوماسيا بعد شنه حرب إبادة في غزة وكذلك إبتعاد فلسطين المحتلة جغرافيا عن أهم المحاور الإقتصادية..لذا هناك حاليا محاولات لحمايته في حال نشوب حرب إقليمية حتى لايزداد طين وضعه الإقتصادي بلة..وقريبا من هذا السياق ومن منطلق أهمية الإستفادة من الثروات الوطنية لتنويع الإقتصاد بدأت الدول الخليجية منذ زمن بخلق فرص عمل لمواطنيها بالإضافة إلى العمالة العضلية الوافدة لتقود إلى تعامل مع الأسواق الآسيوية نتج عنه النأي عن التذبذب الإقتصادي في الغرب نتيجة حرب روسيا وأوكرانيا..حيث توقعت وكالة الطاقة الدولية بأن 90% من الطلب على النفط سيأتي من منطقة آسيا والمحيط الهادئ..ناهيك عن الطلب المتزايد على الغاز الطبيعي المسال..وهناك اتفاقيات لإنشاء مشاريع مشتركة في صناعات الطاقة الجديدة مثل إنتاج الألواح الشمسية والسيارات الكهربائية..وسوف يبلغ إجمالي صادرات الخليج من اللدائن والمواد الكيميائية والمطاط والمعادن الثمينة إلى آسيا أكثر من 100 مليار دولار بحلول عام 2030..كما سيتجاوز إجمالي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بين آسيا وما يسمى بالشرق الأوسط وخاصة دول الخليج 270 مليار دولار..ولكن يوجد عامل مهم ينبغي الالتفات إليه وهو أن المهاجرين والنازحين حول العالم يشغلون اليوم ثلث فرص العمل الجديدة..لذا فإن صمام الأمان لتقدم أي اقتصاد هو التخفيف من معدل بطالة مواطنيه وعكس ذلك كان العامل الرئيسي لقيام احتجاجات مناهضة للهجرة في بريطانيا مؤخرا ضد المسلمين..وتفكير عائلات مسلمة في مغادرة فرنسا بسبب المضايقات..لأن اليمين الأوروبي يعتبر تقديم الأولوية لشعوبه البيضاء في ظل الأوضاع الإقتصادية الصعبة هي عملية فك لأسلاك القنبلة الإجتماعية الموقوتة..كما أنه في ظل غلاء الأسعار والتضخم وتراجع العملة المحلية أمام العملات الصعبة عند الاقتصادات الناشئة..ليس هناك أفضل من خط دفاع اقتصادي أول وهو توفير فرصة عمل لكل مستحق..شريطة أن يكون العمل إنتاجي وميداني أكثر منه مكتبي مكتظ..فتحول الدولة إلى مجتمع عامل وليس اتكالي له مردود سيكولوجي يخدم الشعور بالأمان المعيشي حتى في أدنى مستوياته..فإن تصل ليبيا متأخرا خير من ألا تصل أبدا..