رأي

البطالة قنبلة موقوتة!

هاشم شليق

تناولت‭ ‬تقارير‭ ‬الاضطرابات‭ ‬الإقتصادية‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬تراجع‭ ‬للبورصات‭ ‬وارتفاع‭ ‬معدلات‭ ‬البطالة‭ ‬والتفكير‭ ‬في‭ ‬تسريح‭ ‬عمال‭ ‬وموظفين‭..‬ونحن‭ ‬لا‭ ‬نريد‭ ‬لبلادنا‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬ضمن‭ ‬الدول‭ ‬الراكدة‭ ‬نتيجة‭ ‬عدم‭ ‬النزول‭ ‬بالثقل‭ ‬المطلوب‭ ‬على‭ ‬ساحات‭ ‬الإستثمارات‭ ‬والأسواق‭ ‬العالمية‭ ‬بسبب‭ ‬غياب‭ ‬مسارات‭ ‬اقتصادية‭ ‬متفرعة‭ ‬عن‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭..‬خاصة‭ ‬ان‭ ‬ليبيا‭ ‬يمكنها‭ ‬الإستفادة‭ ‬من‭ ‬ميزة‭ ‬كونها‭ ‬متصالحة‭ ‬جيوسياسيا‭ ‬مع‭ ‬القاصي‭ ‬والداني‭..‬ولكن‭ ‬كأي‭ ‬دولة‭ ‬عليها‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬تصاعد‭ ‬التوترات‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬لتحدد‭ ‬اتجاهاتها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والتجارية‭..‬وكمثال‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬التقلبات‭ ‬وجود‭ ‬محاولات‭ ‬لحصار‭ ‬النفوذ‭ ‬التجاري‭ ‬الصيني‭ ‬والروسي‭ ‬في‭ ‬مضيق‭ ‬هرمز‭ ‬والبحر‭ ‬الأحمر‭ ‬بعد‭ ‬سابق‭ ‬تغلغله‭ ‬في‭ ‬أفريقيا‭..‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يسعى‭ ‬فيه‭ ‬الإحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬للتطبيع‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬وخاصة‭ ‬الخليج‭ ‬لإستكمال‭ ‬بناء‭ ‬جسور‭ ‬عبور‭ ‬تجارية‭ ‬واقتصادية‭..‬بمعنى‭ ‬تمهيد‭ ‬الطرق‭ ‬للتصدير‭ ‬والإستيراد‭ ‬وغالبا‭ ‬عبر‭ ‬طرف‭ ‬ثالث‭..‬بسبب‭ ‬خسارته‭ ‬الكثير‭ ‬دبلوماسيا‭ ‬بعد‭ ‬شنه‭ ‬حرب‭ ‬إبادة‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬وكذلك‭ ‬إبتعاد‭ ‬فلسطين‭ ‬المحتلة‭ ‬جغرافيا‭ ‬عن‭ ‬أهم‭ ‬المحاور‭ ‬الإقتصادية‭..‬لذا‭ ‬هناك‭ ‬حاليا‭ ‬محاولات‭ ‬لحمايته‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬نشوب‭ ‬حرب‭ ‬إقليمية‭ ‬حتى‭ ‬لايزداد‭ ‬طين‭ ‬وضعه‭ ‬الإقتصادي‭ ‬بلة‭..‬وقريبا‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬ومن‭ ‬منطلق‭ ‬أهمية‭ ‬الإستفادة‭ ‬من‭ ‬الثروات‭ ‬الوطنية‭ ‬لتنويع‭ ‬الإقتصاد‭ ‬بدأت‭ ‬الدول‭ ‬الخليجية‭ ‬منذ‭ ‬زمن‭ ‬بخلق‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬لمواطنيها‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬العمالة‭ ‬العضلية‭ ‬الوافدة‭ ‬لتقود‭ ‬إلى‭ ‬تعامل‭ ‬مع‭ ‬الأسواق‭ ‬الآسيوية‭ ‬نتج‭ ‬عنه‭ ‬النأي‭ ‬عن‭ ‬التذبذب‭ ‬الإقتصادي‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬نتيجة‭ ‬حرب‭ ‬روسيا‭ ‬وأوكرانيا‭..‬حيث‭ ‬توقعت‭ ‬وكالة‭ ‬الطاقة‭ ‬الدولية‭ ‬بأن‭ ‬90‭% ‬من‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬النفط‭ ‬سيأتي‭ ‬من‭ ‬منطقة‭ ‬آسيا‭ ‬والمحيط‭ ‬الهادئ‭..‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬الطلب‭ ‬المتزايد‭ ‬على‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬المسال‭..‬وهناك‭ ‬اتفاقيات‭ ‬لإنشاء‭ ‬مشاريع‭ ‬مشتركة‭ ‬في‭ ‬صناعات‭ ‬الطاقة‭ ‬الجديدة‭ ‬مثل‭ ‬إنتاج‭ ‬الألواح‭ ‬الشمسية‭ ‬والسيارات‭ ‬الكهربائية‭..‬وسوف‭ ‬يبلغ‭ ‬إجمالي‭ ‬صادرات‭ ‬الخليج‭ ‬من‭ ‬اللدائن‭ ‬والمواد‭ ‬الكيميائية‭ ‬والمطاط‭ ‬والمعادن‭ ‬الثمينة‭ ‬إلى‭ ‬آسيا‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬100‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2030‭..‬كما‭ ‬سيتجاوز‭ ‬إجمالي‭ ‬تدفقات‭ ‬الاستثمار‭ ‬الأجنبي‭ ‬المباشر‭ ‬بين‭ ‬آسيا‭ ‬وما‭ ‬يسمى‭ ‬بالشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وخاصة‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬270‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭..‬ولكن‭ ‬يوجد‭ ‬عامل‭ ‬مهم‭ ‬ينبغي‭ ‬الالتفات‭ ‬إليه‭ ‬وهو‭ ‬أن‭ ‬المهاجرين‭ ‬والنازحين‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬يشغلون‭ ‬اليوم‭ ‬ثلث‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬الجديدة‭..‬لذا‭ ‬فإن‭ ‬صمام‭ ‬الأمان‭ ‬لتقدم‭ ‬أي‭ ‬اقتصاد‭ ‬هو‭ ‬التخفيف‭ ‬من‭ ‬معدل‭ ‬بطالة‭ ‬مواطنيه‭ ‬وعكس‭ ‬ذلك‭ ‬كان‭ ‬العامل‭ ‬الرئيسي‭ ‬لقيام‭ ‬احتجاجات‭ ‬مناهضة‭ ‬للهجرة‭ ‬في‭ ‬بريطانيا‭ ‬مؤخرا‭ ‬ضد‭ ‬المسلمين‭..‬وتفكير‭ ‬عائلات‭ ‬مسلمة‭ ‬في‭ ‬مغادرة‭ ‬فرنسا‭ ‬بسبب‭ ‬المضايقات‭..‬لأن‭ ‬اليمين‭ ‬الأوروبي‭ ‬يعتبر‭ ‬تقديم‭ ‬الأولوية‭ ‬لشعوبه‭ ‬البيضاء‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الأوضاع‭ ‬الإقتصادية‭ ‬الصعبة‭ ‬هي‭ ‬عملية‭ ‬فك‭ ‬لأسلاك‭ ‬القنبلة‭ ‬الإجتماعية‭ ‬الموقوتة‭..‬كما‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬غلاء‭ ‬الأسعار‭ ‬والتضخم‭ ‬وتراجع‭ ‬العملة‭ ‬المحلية‭ ‬أمام‭ ‬العملات‭ ‬الصعبة‭ ‬عند‭ ‬الاقتصادات‭ ‬الناشئة‭..‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬خط‭ ‬دفاع‭ ‬اقتصادي‭ ‬أول‭ ‬وهو‭ ‬توفير‭ ‬فرصة‭ ‬عمل‭ ‬لكل‭ ‬مستحق‭..‬شريطة‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬العمل‭ ‬إنتاجي‭ ‬وميداني‭ ‬أكثر‭ ‬منه‭ ‬مكتبي‭ ‬مكتظ‭..‬فتحول‭ ‬الدولة‭ ‬إلى‭ ‬مجتمع‭ ‬عامل‭ ‬وليس‭ ‬اتكالي‭ ‬له‭ ‬مردود‭ ‬سيكولوجي‭ ‬يخدم‭ ‬الشعور‭ ‬بالأمان‭ ‬المعيشي‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬أدنى‭ ‬مستوياته‭..‬فإن‭ ‬تصل‭ ‬ليبيا‭ ‬متأخرا‭ ‬خير‭ ‬من‭ ‬ألا‭ ‬تصل‭ ‬أبدا‭..‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى